انضم أحمد فتحي وحسام عاشور وشريف إكرامي إلى لائحة النجوم الكبار الذين أرغمتهم إدارة النادي الأهلي المصري على خلع قميص الفريق والخروج من الباب الضيق للقلعة الحمراء، بسبب سياسة النادي المتبعة منذ عهد الرئيس الأسطوري الراحل صالح سليم.
وتقوم سياسة النادي الأهلي على رفض استمرار اللاعبين الذين تقدمت بهم الأعمار في الفريق، خاصة من خسر مكانته في التشكيل الأساسي للمدرب وبالأخص ممن كان له بديل في ريعان شبابه إذ تمنح الأولوية له، تحت شعار الأهلي فوق الجميع.
وقرر فتحي المعروف إعلامياً وجماهيرياً بـ"الجوكر" ترك الأهلي والانتقال إلى نادي بيراميدز بداية من الموسم المقبل بعقد مدته ثلاثة مواسم وسبقه الحارس شريف إكرامي في اتخاذ نفس القرار، بانتظار تحديد وجهته القادمة بينما لم يفصل بعد عاشور في مستقبله بين الاعتزال القسري أو الانتقال لخوض تجربة اخرى.
خياران أحلاهما مر
وتعتمد إدارة النادي الأهلي على وسيلة أساسية للتضحية بأساطيره حيث ترفض تمديد عقودهم وتأبى تلبية مطالبهم المالية. فيصبح اللاعب أمام خيارين لا ثالث لهما و أحلاهما شديد المرارة. فإما الاعتزال بألوان النادي والحفاظ على المكانة التي اكتسبها أمام جماهيره وصحافته، وأيضاً الإبقاء على أمل الحصول على فرصة العمل داخل النادي، وإما الخيار الثاني وهو الرحيل عنه والانتقال إلى أندية أخرى وفي هذه الحالة فإن اللاعب مهما كان وزنه واسمه في تاريخ القلعة الحمراء سيخسر شعبيته، خاصة في حال اختار الانتقال إلى الغريم نادي الزمالك لإتمام مشواره أو نادي بيراميدز الذي أصبح يوازي الزمالك في خصومته للأهلي.
و في ظل غياب منظومة احترافية حقيقية في الملاعب المصرية فإن انتقال لاعب من الأهلي إلى الزمالك أو حتى الى بيراميدز حالياً لا يزال يصنف في خانة الخيانة التي تلاحقه حتى بعد اعتزاله من قبل الصحافة و من طرف الجماهير التي ترفض بشكل مطلق الصفح عنه. وهو الأمر الذي جعل غالبية اللاعبين الذين رفضهم الأهلي يعزفون عن المغامرة بتاريخهم و يفضلون إنهاء المشوار حتى وهم قادرون على مواصلة اللعب، خصوصاً وأن العديد منهم كانوا ضمن المنتخب المصري و بعضهم كان لا يزال في الـ32 عاماً من عمره.
والواقع أن المجالس المتعاقبة على إدارة النادي الأهلي استفادت كثيراً من تهمة الخيانة التي لاحقت اللاعبين المتمردين على سياستها. الأمر الذي عزز موقفها في الضغط على أي اسم مهما بلغت مكانته في الفريق ليخرج من الباب الضيق، مبررة ذلك برغبة الجهاز الفني في ضخ دماء جديدة والنزول بمعدلات أعمار اللاعبين.
و رغم أن إدارة الأهلي لا تمانع في انتقال هؤلاء اللاعبين غير المرغوب فيهم إلى أندية أخرى بما فيها الزمالك إلا أنها في الحقيقة تفضل أن يرضخوا لها، حيث كشف مؤخراً أحد أساطير القلعة الحمراء المهاجم حسام حسن أنه تعرض وشقيقه إبراهيم لحملة شنتها ضدهم الصحف المصرية المقربة من الأهلي، مثلما كشف أيضاً عبدالله السعيد أنه تعرض لتهديدات بعدما كان قاب قوسين أو أدنى من ارتداء قميص الزمالك.
مجازر أم ثورات إحلال
و في وقت تنعت الجماهير والصحافة التغييرات التي تقوم بها الأندية الكبيرة في أوروبا على غرار برشلونة وريال مدريد ويوفنتوس وغيرها بثورات الإحلال وتعتبرها ضرورية لتعزيز صفوف الفريق ليحافظ على فرصه وحظوظه في التنافس على مختلف الألقاب و البطولات المحلية والخارجية. فإن الأمر يختلف في مصر و بالضبط في النادي الأهلي حيث ترى الصحافة والجماهير على اختلاف أطيافها أنها مجازر تستهدف الإطاحة بالأسماء الكبيرة خاصة الكباتن.
ومما يؤكد هذا الطرح لدى الجماهير الاحترام الكبير الذي يعامل به اللاعبون الكبار في الأندية الأوروبية التي تترك لهم الخيار بمواصلة اللعب مع الفريق أو الرحيل أو الاعتزال. و في حال اختار البقاء فإن المدرب هو الوحيد الذي يمتلك سلطة إشراكه أساسياً أو احتياطياً و قائمة الأسماء من هذه الفئة طويلة تضم أسماء مثل باولو مالديني وأليساندرو كوستا كورتا في أي سي ميلان، وأوليفر كان ومحمد شول وآريين روبن وفرانك ريبيري في بايرن ميونيخ، و سيرجيو راموس في ريال مدريد و أندريس إنييستا وتشافي هرنانديز وكارلوس بويول في برشلونة.
أما في النادي الأهلي فغالبية ضحايا تغييراته كانوا من أصحاب القامات في الفريق، ولا تزال جماهير الأهلي تتذكر بحزن شديد مجزرة صيف العام 1992 التي قررها الرئيس الراحل صالح سليم و نفذها الرئيس الحالي محمود الخطيب. يتذكرها كونها حرمته من مشاهدةأالمع الأسماء التي تركت بصمة هامة على إنجازات الفريق خلال عشرية الثمانينيات بداية بطاهر أبو زيد الذي كان في الثلاثين من عمره شأنه شأن علاء ميهوب، و ربيع ياسين الذي كان في الـ31 عاماً و كلهم كانوا ضمن منتخب مصر في نهائيات مونديال إيطاليا عام 1990، فضل ربيع ياسين و طاهر أبو زيد الاعتزال رغم العروض المغرية التي وصلتهما بينما انتقل ميهوب للنادي الأولمبي قبل أن يعتزل بعد رحيله عن الأهلي بعام واحد.
التوأم حسام حسن و إبراهيم حسن لم يسلم من المجزرة الأهلاوية عندما رفضت إدارة الرئيس الأسبق حسن حمدي التمديد لهما صيف العام 2000 وهما في أوج عطائهما، وتنكر النادي لتضحيتهما عندما استجابا لطلب الرئيس صالح سليم للعودة إلى الجزيرة من احترافهما في أوروبا لحاجة الفريق إليهما. ووجد حسام و إبراهيم في الغريم نادي الزمالك فرصة لإثبات أنهما يحتفظان بمستواهما الفني إذ قادا فريقهما الجديد إلى تجريد الأهلي من عرشه محلياً و قارياً بإحراز لقب الدوري المصري عام 2001 ثم لقب دوري أبطال إفريقيا عام 2002.
و لم يسلم الجيل الذهبي للألفية الثالثة الذي صنع أفراح الأهلاوية و حقق إنجازات كبيرة خاصة تتويج بلقب دوري أبطال إفريقيا مرات عدة لم يسلم من الخروج من الباب الضيق، ولم يكن أحمد فتحي وحسام عاشور وشريف إكرامي أول من غادر بل سبقهم المدافع محمد شادي وعماد متعب.
و جاء الدور على عبدالله السعيد الذي عاش سيناريو لا يختلف كثيراً عن سيناريو التوأم حسام وإبراهيم حسن في العام 2018، عندما رفض الانصياع لرغبة مسئولي النادي الأهلي و قرر اللعب لنادي الزمالك، قبل أن يتعرض إلى حملة جعلته يغير وجهته و ينتقل إلى الخارج في تجربتين قصيرتين بسويسرا ثم السعودية قبل أن يتعاقد مع نادي بيراميدز.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:opinions@arabicpost.net
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.