أسهمت عدة فعاليات من عائلة كرة القدم في أوروبا وخارجها من أندية ومنتخبات ولاعبين في الجهود الرامية إلى التصدي لانتشار فيروس كورونا المستجد، الذي أصاب وفتك بأرواح آلاف الأشخاص في مختلف أرجاء العالم.
وبسبب انتشار جائحة كورونا تقرر تعليق جميع المنافسات في مختلف بلدان العالم، كما تقرر تأجيل وأرجاء أحداث كروية كانت مبرمجة في العام الجاري إلى العام القادم 2021، على غرار بطولة اليورو وكوبا أمريكا، وحتى أولمبياد طوكيو مرشح للإرجاء بعد تزايُد الضغوط نحو هذا الحل.
وأسهمت أندية ولاعبون ورؤساء ومنتخبات في الحملات التي تشنها الحكومات ضد الفيروس، من خلال تقديم تبرعات مالية وأخرى عينية للمستشفيات والجمعيات الخيرية، حيث أطلق المهاجم السويدي زلاتان إبراهيموفيتش لاعب آي سي ميلان حملة تبرعات لجمع أموال للمستشفيات الإيطالية التي تعاني الأمرين للتصدي للجائحة. وبدوره تبرع رئيس نادي إنتر ميلانو ستيفن زهانغ بـ300 ألف كمامة طبية لجهاز الحماية المدنية في إيطاليا.
أما رئيس نادي يوفنتوس أندريا أنييلي فقد تبرع بعشرة ملايين يورو، في إطار المساعي الرامية إلى وقف جماح الفيروس في بلده.
في ألمانيا أطلق كل من جوشوا كيميتش وغوريتزكا حملة مكافحة الجائحة، تحت شعار "نحن نركل كورونا"، دعوا من خلالها الجميع إلى تقديم يد العون لكل شخص يحتاج مساعدة، ولكل جهة تقوم بجهود لمحاربة الفيروس. وقد استجاب زميلهما في النادي البافاري المهاجم روبرت ليفاندوفسكي إلى نداء الحملة، فأعلن عن تبرع بمليون يورو. وتبرع لاعبو المنتخب الألماني بمليونين ونصف المليون يورو لنفس الغرض.
وفي إنجلترا تعددت واختلفت طرق مساهمة المستديرة في جهود التصدي للفيروس، على أمل تفادي تكرار السيناريو الإيطالي والإسباني.
نادي ليفربول متصدر الدوري الممتاز عرض ملعبه الأنفيلد على المراكز التجارية الاستهلاكية لمساعدتها على ضبط عملية البيع، في ظل ظروف تشهد تدافعاً وتدفقاً من قِبل المواطنين على تلك المراكز، للتزوّد بمختلف الاحتياجات المنزلية.
كما وضع نادي تشيلسي فندقه في العاصمة لندن تحت تصرف الهيئات الصحية، لاستغلاله في هذه المحنة العصيبة.
وتحالف الغريمان قطبا مدينة مانشستر؛ اليونايتد والسيتي، فقدَّما تبرّعاً بـ100 الف جنيه إسترليني لجهود التصدي للفيروس في إنجلترا.
وفي البرازيل أعلنت كبرى أنديتها عن وضع ملاعبها ومختلف مرافقها تحت تصرف الهيئات الصحية، لتستخدمها مستشفيات أو مراكز للحجر الصحي.
الاتحاد الدولي لكرة القدم قدّم هو الآخر تبرعاً مالياً قيمته بلغت 10 ملايين يورو، منحها لصندوق محاربة فيروس كورونا.
ورغم أن الجميع ثمّن هذه المساهمات المالية التي قدّمتها مختلف الجهات المنتمية للمستديرة، فإنها تبقى متواضعة جداً مقارنة مع الإمكانات والموارد الضخمة التي تمتلكها الأندية والاتحادات واللاعبون وملاك الأندية، والتي تكشفها الرواتب الضخمة التي تمنحها للاعبين والمدربين، والحوافز العالية التي تقدمها، وأيضاً العائدات التي تحصل عليها من عقود الرعاية والإشهار والبث التلفزيوني، والتي هي في الواقع يتم تجميعها من جيوب الجماهير الفقيرة، بواسطة بيع مختلف المنتجات، كما تظهر في التعاقدات الخيالية التي تقوم بها الأندية مع كل ميركاتو صيفي أو شتوي.
واللافت أنه في أوج أزمة فيروس كورونا المستجد في أوروبا، كانت مجلة فرانس فوتبول تنشر تقريراً حول رواتب اللاعبين والمدربين الأعلى في العالم، وبعملية حسابية بسيطة نجد أن الرواتب العشرة الأعلى للاعبين والمدربين تفوق بكثير ما أُنفق من عالم المستديرة على التبرع لجهود مكافحة كورونا.
الأندية الكبيرة في القارة العجوز، على غرار برشلونة وريال مدريد ومانشستر سيتي ومانشستر يونايتد وباريس سان جيرمان وغيرها تمنح أعضاءها من لاعبين ومدربين وإداريين رواتب خيالية، ومع ذلك فإن تبرعاتها لم تتجاوز بضعة ملايين من الدولارات أو الجنيهات.
أما الحديث عن التعاقدات فيجرّنا إلى قطبي مدينة مانشستر؛ اليونايتد والسيتي، اللذين قدَّما معاً تبرعاً بـ100 ألف جنيه إسترليني، في وقت أنفق فيه كل واحد منهما على تدعيم صفوفه في السنوات الأخيرة ما يفوق نصف مليار باوند إسترليني.
وفي خضم أزمة كورونا لم تتوقف الأندية الأوروبية الكبيرة عن الحديث عن الانتدابات في الانتقالات الصيفية القادمة، التي قد لا تجري أصلاً بسبب الوباء.
الفيفا الذي يستفيد من مليارات الدولارات التي تدرّها عليه مختلف البطولات التي يشرف عليها، وخاصة نهائيات المونديال، يكتفي بعشرة ملايين يورو، وهو مبلغ أقل مما يمنحه الاتحاد الدولي لمنتخب يخرج من دور المجموعات بمنافسات المونديال.
وأحدثت دعوة اللاعبين لتخفيض رواتبهم الضخمة حالة انقسام في غرف الملابس بين مؤيد ومستعد للتضحية براتبه من أجل صحة الجميع ورافض للدعوة. لدرجة جعلت المدرب الإسباني بيب غوارديولا المدير الفني لنادي مانشستر سيتي منزعجاً، بل حزيناً لرفض بعض لاعبي فريقه دعوة التخفيض، وهو الذي يعلم ضخامة الرواتب التي يتقاضونها.
وبالنظر إلى تلك الأرقام التي تنشرها مختلف وسائل الإعلام وشتى الهيئات المالية في العالم، فإن أزمة كورونا تحتاج من عالم كرة القدم إلى جهود أكبر، تضاهي تلك الأرقام، خاصة بعدما أظهرت الهيئات الصحية في بلدان عديدة عجزها عن المواجهة، وحاجتها للدعم، في ظل حرب لم تعرفها من قبل، تخوضها ضد عدو شرس ومجهول.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:opinions@arabicpost.net
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.