الرسالة الأولى
كان جوزيه مورينيو قد أرسل لي رسالة ليعلمني برقمه الجديد قبل أيام، في ذلك الوقت كنت أتابع اللقاء الصحفي لإعلان استقالة ستيف ماكلارين من تدريب المنتخب الإنجليزي بعد الفشل في التأهل إلى يورو 2008.
استقبلت رسالة جديدة وكان من الواضح على الشاشة أنها من رجلي المفضل مورينيو، فتحت الرسالة لأجد النص ببساطة: "هل تعتقد أن وظيفة تدريب المنتخب ملائمة لي؟".
كان السؤال الأجمل بالنسبة لي وفي التوقيت الأنسب، إجابتي كانت نعم، قلتها على الفور ومن دون أي تردد. كنت متأكداً أن الجماهير الإنجليزية ستحمل نفس المشاعر لو سمعت ذلك السؤال من مورينيو. اتجهت فوراً إلى الاتحاد لعلمي المسبق بأن المشاعر هناك تحتاج إلى دراسة.
رد فعل الاتحاد الإنجليزي
ذهبت مباشرة إلى مدير العلاقات في الاتحاد أدريان بافينغتون، عرضت عليه بشكل خاص رسالة جوزيه مورينيو وكان متحمساً للغاية للعرض، ذهب أدريان مباشرة إلى المدير التنفيذي بريان بارويك ليعرض عليه الفكرة.
لكن، وبشكل لا يصدق، لم يتم التعامل مع الموضوع بالسرعة المطلوبة من قبل الاتحاد، بدأ ينفد الصبر من مورينيو الذي أرسل لي: "لم يصلني أي شيء بعد من القائمين على المنتخب!".
في قرعة تصفيات كأس العالم 2010 سألت بريان بارويك (المدير التنفيذي في الاتحاد) عن الموضوع وعرضت عليه رسالة جوزيه الثانية، أصر بارويك أنهم مهتمون بالأمر ولكنهم كانوا مشغولين في إقالة ماكلارين والتحضيرات لقرعة التصفيات وطلب مني إخبار مورينيو بأنهم سيتم اللقاء به قريباً.
اللقاءات السرية
تم اللقاء بشكل سري في لندن وكانت الأمور تسير بالشكل الصحيح، أرسل لي جوزيه في ليلة الجمعة 7 ديسمبر 2007 ليخبرني بأنه مستعد لتولي المهمة إذا كان الجميع يريده، كان يريد أن يمنح الاتحاد الفرصة ليختاره من دون أن يمارس أي ضغط عليهم. كان يريد أن يختاره الاتحاد واللاعبون والصحافة والجمهور.
شروط خورخي مينديز
خورخي مينديز مدير أعمال جوزيه مورينيو كان يتفاوض مع الاتحاد حول الطاقم الفني، كان يريد أن يتم إحضار كل الطاقم البرتغالي الذي يثق به جوزيه بالإضافة إلى تعيين شخصية بتاريخ عظيم في الكرة الإنجليزية وتحظى باحترام الجميع ليكون المساعد واليد اليمنى لمورينيو. وقع الاختيار أولاً على توني أدامز ثم ألان شيرر. بدأت الإقالات لطاقم ماكلارين تدل أن الإعلان قريب جداً.
أخبرني مورينيو بأن بإمكاني كتابة الخبر ونشره في عطلة الأسبوع التالي، كان شعور رائع أن كل شيء سيصبح علنياً أخيراً.
ميلان بدلاً عن لندن.. كيف يحيك مورينيو الأخبار حوله؟
جهزت الخبر لينشر في صباح اليوم التالي وقمت بإعادة قراءته ثلاث مرات، سيكون ذلك الخبر الأهم في مسيرتي الصحفية، كنت أنتظر صباح الأحد على أحر من الجمر.
لكن، تلقيت رسالة عبر هاتفي وعندما ظهر أنها من جوزيه ارتبكت وعلمت أن شيئاً ما قد حدث، عندما فتحت الرسالة وجدت مورينيو يقول:
"لا تذهب بعيداً في قصة تولي المنتخب!" ثم شرح كيف أن نادياً كبيراً (إنتر ميلان) قد قدم له عرضاً لا يمكن أن يرفضه.
طلب مني أن أكتب في الخبر كم كان قريباً من تولي المنتخب ولكن شغفه للمباريات وحبه للعمل اليومي كان السبب الأساسي في عدم توليه المهمة. كما طلب مني أن أنشر الأخبار كونها من صديق مقرّب منه وليس منه شخصياً.
أعددت الخبر الجديد ونشرته بناءً على مصدر موثوق حول مورينيو وذلك حسب رغبة جوزيه نفسها، كتبت في الخبر:
"جوزيه يريد أن يكون الطفل المدلل للبرتغال إلى الأبد، لذلك كان من الصعب جداً عليه تولي تدريب منتخب آخر. بالإضافة إلى تلقيه عرضاً كبيراً يوم الجمعة الماضي من أحد أكبر الأندية في أوروبا. أعتقد أنه سينتظر حتى يونيو/حزيران المقبل ليعلن وجهته، لكنني متأكد الآن أنه لن يقود المنتخب الإنجليزي رغم محبته الكبيرة لخوض هذا التحدي".
فلت مورينيو من بين أصابعنا من دون أي اهتمام، تأخر الاتحاد في المفاوضات معه سمح لأندية أوروبا أن تنتهز الفرصة لتأخذه قبلنا. كإنجليزي وكمشجع للمنتخب كنت أعلم أنها خسارة كبيرة لنا عندما لم نوقع مع ذلك الشخص الاستثنائي الذي رحل إلى ميلان وفاز بكل شيء في عامين فقط؛ الدوري مرتين و الكأس المحلية ثم فاز بالكأس الأغلى بعد أن تغلب على أبطال إنجلترا وإسبانيا وألمانيا في مشواره نحو اللقب ليحقق الثلاثية التاريخية مع الإنتر في ذلك العام. لأسباب مثل تلك هو مدرب استثنائي ورجل من نوع خاص.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:opinions@arabicpost.net
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.