هذا المقال ليس تحليلاً فنياً لمباراة، كما اعتدت أن أكتب في الشهور الماضية، فحتى وإن لم يكن لديك العديد من الاهتمامات، فعلى الأقل أنت تدرك حقيقة أنه لا توجد أي مباريات كرة قدم في العالم، حتى في الدوريات المغمورة. ومع فرض أنك لا تعرف السبب، فهذا بسبب أحد فيروسات عائلة كورونا (الفيروسات الإكليلة أو التاجية) ومع فرض عدم معرفتك به، فأولى الأشياء التي يجب عليك معرفتها أن كورونا ليس إلا عبارة عن عائلة من عائلات الفيروسات، تتضمن فيروسات مثل سارس (SARS) وميرس (MERS)، وما يعاني العالم منه الآن هو كوفيد-19 (COVID-19)، هو مرض يصيب الجهاز التنفسي، ويتميز بسرعة الانتشار.
ربما يختلف كوفيد-19 (COVID-19) من ناحية أن نسبة الوفيات فيه -نسبة إلى الوقت الذي يكتب فيه هذا المقال- 3,9%، ونسبة التعافي -نسبة إلى الوقت الذي يكتب فيه هذا المقال- 43%.
المرض ليس فتاكاً، لكن فاجعته هو أن بإصابته لأصحاب المناعة الضعيفة وأمراض الجهاز التنفسي والذين يعانون من أمراض مزمنة كداء السكري يضع حياتهم على المحك.
دعك من التفاصيل الطبية عزيزي القارئ، كل ما يجب عليك فعله هو توخي الحذر فالأمر ليس مزحة، فبالتأكيد أنت لا تود أن تتسبب في وفاة شخص عزيز عليك، فأرجو منك أن تتوخى الحذر، ولا أعني بهذا أن تقوم بأخذ جميع ما يوجد في الأسواق. لكن أطلب منك أن تغسل يديك يومياً عدة مرات بالماء والصابون لأكثر من 20 ثانية في المرة الواحدة، وأن تتجنب ملامسة الأسطح والسلام باليدين والأحضان والقبلات. وأن تراعي مسافة متر واحد بينك وبين الناس في الشوارع والطرقات، وألا تخرج من منزلك إلا للضرورة القصوى.
لأن إيطاليا يجب أن تظل استثناء
تم معرفة مرض كوفيد-19 للمرة الأولى في الصين على يد لي وين ليانغ، في 30 ديسمبر/كانون الأول 2019 قام بإرسال تحذير للسلطات الصينية بعد أن لاحظ عدداً من الحالات التي تعاني من التهاب رئوي حاد، وهي أعراض متشابهة في جميع الحالات التي رآها. أعراض تختلف عن أي إنفلونزا في مدينة ووهان الصينية، لكن تحذيرات لي وين ليانغ لم تؤخذ على محمل الجد بل تم إسكاته من قبل السلطات الصينية.
منظمة الصحة العالمية (WHO) أشارت إلى أن الإجراءات التي اتخذتها الصين كانت الأفضل، لكن ماذا لو اهتمت الحكومة الصينية بشكل أكبر بتحذيرات لي وين، الذي توفي من المرض، وماذا لو لم تهتم الحكومة الصينية من الأساس؟
نظراً لاهتمام الصين، تم التحجيم من انتشار المرض، بالتأكيد تشعر أنت بأن ما يقال هراء، ولكن عزيزي القارئ لولا تدخل الصين القاسي والعاجل لربما أصبح الوضع أسوأ مما هي عليه حالياً.
أما في حالة عدم الاهتمام والإهمال، فما حدث في إيطاليا هو دليل على أن الإهمال يقتل.
لماذا يجب على المشاهير أن يقوموا بالتوعية؟
نشرت طبيبة إيطالية منشوراً على أحد مواقع التواصل الاجتماعي تقول فيه: "تمنحون لاعبي كرة القدم ملايين، أما الطبيب فتمنحونه 1300 يورو، اذهبوا لكريستيانو الآن لينقذكم".
بعدها ظهرت أخبار نفاها الجميع لكن يجب ذكرها، أن كريستيانو رونالدو حوّل سلسلة الفنادق الخاصة به إلى مستشفيات. كما ذكرتُ الخبر غير صحيح، لكن أن ينتشر خبر مثل هذا، يعني أن الأمر حقاً خطير، يتابع كريستيانو مئات الملايين، نشره لأي شيء سيلفت الانتباه له، هنا تأتي مهمة أصحاب الشعبيات الكبيرة مثل لاعبي كرة القدم، اللعبة الأكثر شعبية في العالم. توقف الأنشطة الرياضية نتج عنه خسارة اقتصادية كبيرة جداً، لاعبو الكرة -كما أشارت فاليري- يهتم العالم بهم بشكل أكبر وتلك للأسف حقيقة مُرة، ولكن يجب أن يتم استغلالها بشكل أفضل، فيجب على جميع اللاعبين حول العالم الاهتمام برفع الوعي لدى الجماهير ومحبيهم فيما يخص الوباء الذي يجتاح العالم حالياً.
في أحد البرامج، وبينما العالم يحارب كورونا يظهر المقدم مع لاعب كرة اشتهر بوضعه قناع أحد الأبطال الخارقين "سبايدرمان"، الأمر حقاً ليس بتلك الأهمية، وبالتأكيد لا يمثل مشكلة أو أزمة. المشكلة أنه بعد انتهاء الحلقة أخذ المقدم القناع الذي كان يرتديه اللاعب وقام بارتدائه، حتى وإن كانت توجد جملة كبيرة مكتوبة أقصى يسار الشاشة تدعو إلى توخي الحذر وحماية أنفسنا والبلد من انتقال العدوى. لكن البعض أخذ الأمر وكأنه مزحة، وتلك هي المشكلة، فما حدث في إيطاليا يقول إنه لا يجب فعل هذا.
وما حدث مع رودي جوبيرت، لاعب كرة السلة في نادي يوتا جاز الأمريكي، في أحد المؤتمرات الصحفية قام بالسخرية من الإجراءات المشددة ضد فيروس كورونا بأن قام بلمس الميكروفونات والمنضدة التي أمامه كنوع من السخرية، بعدها بـ 24 ساعة يعلن نادي يوتا جاز عن إصابة اللاعب بفيروس كورونا فعلاً، ودخول لاعبي الفريق وجميع من حضر المؤتمر الصحفي في حجر صحي، ثم يعلن بعد ذلك إيقاف الـ NBA، ما حدث مع رودي يمكن أن يحدث في مصر.
بعد كل ما ذكر مسبقاً، وبعد ذكر حقيقة مفادها أن لاعبي الكرة لهم قيمة أكبر، فيجب على لاعبي الكرة المصرية الاهتمام بنشر التوعية، لاعب مثل محمد صلاح لم يقم بذكر أي شيء عن المرض حتى تلك اللحظة التي يُكتب فيها المقال، على الرغم من كونه تحوّل إلى أسطورة شعبية، لاعبو الفرق الكبيرة كالأهلي أو الزمالك لم يقم أي أحد منهم بالحديث عن أي شيء يخص الأزمة.
في النهاية التوعية واجب على الجميع، على المشاهير، على لاعبي الكرة، على الممثلين، على المخرجين، وعلى جميع من يهتم الناس بمتابعتهم، حتى على المغمورين الذين لا يعرفهم أحد سوى أصدقائهم، فحتى وإن كانت نسبة الوفيات قليلة، فما زال الأمر جد خطير.
لأن البعض يعيش في مياه البطيخ
على الرغم من إعلان كوفيد-19 (COVID-19) وباء عالمي، وعلى الرغم من جميع تحذيرات منظمة الصحة العالمية (WHO)، وعلى الرغم من كل ما حدث، هنا في مصر، وتحديداً في محافظة الدقهلية، أقيم أمام منزلي حفل زفاف، وما زال هناك الكثير من الناس يجلسون على مقاعد المحلات والمقاهي وكأن شيئاً لم يكن، وما زالت مراكز التسوق مليئة بالبشر، هؤلاء حقاً يعيشون في مكان أبعد من مياه البطيخ.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:opinions@arabicpost.net