تهاوى سعر النفط… فمتى تخفض الحكومة سعر البنزين والسولار والغاز؟، وإذا كانت الحكومات العربية ترفع أسعار الوقود من وقت لأخر متذرعة بزيادة أسعار النفط والمشتقات البترولية في الأسواق الدولية، فهل ستخفض الأسعار بنفس النسبة التي تراجعت بها خلال العام الجاري؟
اليوم الأثنين، خسرت أسعار النفط 30% من قيمتها في الأسواق العالمية، وهي نسبة ضخمة، وخلال الشهرين الأولين من العام الجاري خسرت عقود النفط الآجلة نحو 50% من قيمتها.
وهناك توقعات باستمرار تراجع أسعار النفط لدرجة أن مؤسسات مالية دولية وبنوكاً كبرى تتحدث عن 20 دولارا فقط للبرميل خلال عام 2020، وهو سعر يكفي بالكاد تغطية تكلفة استخراج النفط وشحنه للأسواق المشترية.
يدعم هذه التوقعات بدء نشوب حرب نفطية شرسة بين السعودية وروسيا، أكبر دولتين منتجتين للنفط في العالم، وقيام المملكة عبر أرامكو، أكبر شركة نفطية في العالم، بإغراق الأسواق بالنفط وخفض الأسعار في محاولة لمعاقبة موسكو على موقفها الرافض الموافقة على اقتراح سعودي بخفض الإنتاج النفطي لوقف تهاوي الأسعار، وهو ما أدى إلى فشل اجتماع تكتل "أوبك +" الذي عقد بفيينا يومي الخميس والجمعة الماضيين وبحث تعميق وتمديد اتفاق خفض الإنتاج.
هناك أسباب أخرى ستدفع أسعار النفط نحو التراجع خلال الفترة المقبلة منها استمرار تفشي فيروس كورونا الذي أدى إلى تراجع الطلب العالمي على الخام الأسود خاصة من الصين التي تستورد وحدها نحو 10 ملايين برميل يوميا، مع تزايد خسائر الاقتصاد العالمي جراء تمدد الفيروس، وتراجع معدل النمو في الاقتصاديات الكبرى.
يدعم تراجع أسعار النفط أيضا ما ذكرته وكالة الطاقة الدولية، اليوم الاثنين، من أن الطلب العالمي على النفط يتجه للانكماش في عام 2020 للمرة الأولى منذ عام 2009. كما خفضت الوكالة توقعاتها السنوية بمقدار نحو مليون برميل يوميا، بما يشير إلى انكماش قدره 90 ألف برميل يوميا.
ومع انهيار أسعار النفط بهذه النسب الحادة تتراجع أسعار المشتقات البترولية من بنزين وسولار ومازوت وغاز ومنتجات الوقود الأخرى، وبالتالي فإن الكلفة التي تتحملها الدول المستوردة للوقود من موازنتها العامة ستتراجع بشدة، ومن المفروض أن ينعكس تراجع التكلفة في استيراد الوقود على الأسعار السائدة في السوق، وأن يستفد المستهلك من تهاوي الأسعار كما أكتوى مرات عديدة بنيران قفزات أسعار النفط والتي تجاوزت 148 دولارا للبرميل في منتصف العام 2008.
لكن ما نلحظه هو أن معظم الدول العربية المستوردة للمشتقات البترولية لم تخفض أسعار البنزين والسولار بها سواء خلال العام الجاري الذي تهاوت فيه أسعار النفط خاصة عقب الكشف عن فيروس كورونا، ولم تخفضه العام الماضي، بل إن بعض الحكومات تلوح من وقت لآخر بقرار زيادة أسعار الوقود بزعم أن هناك عجزا في الموازنات العامة ناتجاً عن استمرار دعم الوقود، وأن زيادة السعر مطلب دائم لصندوق النقد الدولي مقابل حصول الدولة على قروض إضافية.
السؤال هنا: هل تنصف الحكومة المواطن أو المستهلك هذه المرة، أم تخذله كالعادة، وتصر على أسعار الوقود المرتفعة ووضع يدها في جيب المواطن رغم التهاوي الأخير في سعر النفط؟
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.