وفي الناحية المقابلة، لجأ مدرب ليفربول يورغن كلوب إلى خطته المفضلة التي لا تتغير (4-3-3)، واستعان هو الآخر بمجموعة من البدلاء، لكن خط الدفاع المنتهك أغلب فترات المباراة بقي محتفظاً بعناصر الخبرة، في وجود فيرجيل فان دايك وجو غوميز بالعمق، بإسناد من الظهيرين نيكو ويليامز وأندي روبرتسون، والأول لعب مباراة جيدة، وقدم برهاناً على قدراته الفذة، ما قد يرشحه لمنافسة ترينت ألكسندر أرنولد في الناحية اليمنى مستقبلاً. بينما قدم روبرتسون مباراة للنسيان.
وقدم البرازيلي فابينيو أحد أسوأ عروضه مع ليفربول، الذي بدا مفتقداً بشدة لخدمات قائده المصاب غوردان هندرسون، الذي دائماً ما يُسهم في الربط بين الخطوط الثلاثة، إضافة إلى مساعدته المهمة في صناعة الألعاب.
ولم يقدم الثنائي آدم لالانا والواعد كيرتيس جونز أي مساندة مهمة لخط الهجوم، المكون من ساديو ماني وتاكومي مينامينو وديفوك أوريجي، والأول على وجه التحديد ظهر كأنه لم يلعب لفترة طويلة، فيما تاه الثاني وسط الزحام، ليتأكد أن الوقت مازال مبكراً إشراكه في مباريات مهمة كهذه.
وما عاب كلوب في هذا اللقاء هو تأخره في إجراء التبديلات.
فقد انتظر المدرب الألماني حتى الدقيقة 80 لإشراك الدولي المصري محمد صلاح، رغم حاجة الهجوم لنفس جديد.
ما أسباب الانهيار المفاجئ؟
أنت وأنا وكل المتابعين نعلم أن ليفربول قدم عروضاً مزرية خلال الشهر الأخير، وما الخسارة أمام تشيلسي سوى تأكيد على أن هناك الكثير من المشكلات الفنية التي كانت موجودة من قبل، لكن ليس بنفس الوضوح والحدة الحالية. وإذا لم يستطع كلوب حل تلك المشاكل في أسرع فرصة فسيجد نفسه خارج دوري أبطال أوروبا، ولن يتبقى له سوى الفوز بالدوري الإنجليزي. وبذلك سيكون قد ضيع على نفسه فرصة كتابة التاريخ مع واحد من أفضل أجيال ليفربول على الإطلاق.
ليس من ضرب الخيال القول إن أندي روبرتسون وترينت أرنولد هم من أفضل الأظهرة في العالم. والقول إن ترينت ألكساندر أرنولد هو أفضل ظهير أيمن في العالم، وأنه أهم مفتاح لعب في ليفربول ليس نوعاً من الهلوسة أو المحاباة، فهو اللاعب الأكثر مساهمة في أهداف ليفربول هذا الموسم، وعرضياته وتحركاته وتمريراته القطرية، خصوصاً ضد الفرق التي تتمركز في الثلث الأخير من الملعب، كانت مفتاح الفوز لكلوب.

هذا يعني أن أي هجمة يشنها ليفربول على الخصوم، أو تسديدة يطلقها على مرمى الخصم سيكون مهندس تلك الهجمة هو ألكساندر أرنولد بنسبة 48.8%.
هذا الموسم، حاول الظهيران فك شيفرات دفاعات الخصوم بإرسال العرضيات، وكان متوسط عدد العرضيات في المباراة الواحدة هو 18 كرة عرضية. ووصلت نسبة نجاح عرضيات روبرتسون إلى 19%، في حين أن نسبة أرنولد وصلت إلى 22%. هذه النسب تعتبر عالية في عالم العرضيات، بل من الأفضل على الإطلاق. لكن المشكلة ليست في العرضيات نفسها، بل إن الفرق قد فطنت إلى اعتماد ليفربول شبه الكلي على الظهيرين، فصارت تضغط على الثنائي إما بغلق المساحات ومنعهم من إرسال العرضيات دون مضايقة أو ضغط. أو بوضع جناح سريع خلفهم يحد من تقدمهم ويستغل المساحات الشاغرة التي يخلفونها وراءهم. وإذا ما فشلت الأظهرة الدفاعية لتلك الفرق في منع الخطر من مصدره، في حال نجح ليفربول في إرسال العرضيات فإن مهاجميه سيجدون غابة من الرؤوس تنافسهم على الكرة.
في نفس الوقت، يتحرك لاعبو الوسط بدون كرة كمجرد "طُعم" لدفاعات الخصوم أو للقيام بعملية تمويه، لأن ظهيرهم الأيمن الإنجليزي يعرف كيف يلعب التمريرات القطرية، من الطرف إلى العمق، بالتحديد أثناء تمركزه على الخط تجاه مركز اللعب مباشرة بالثلث الأخير، حتى يتسلم فيرمينو ويربط سريعاً مع صلاح وماني، أو تكون الكرة طولية تجاه ماني مباشرة، أو حتى كاسرة للخطوط لتصل إلى صلاح. المهم في كل ذلك أن الظهير الأيمن لا يكتفي بصناعة الأهداف مع فريق كلوب، بل يُسهم بشكل رئيسي في صناعة اللعب، وكأنه الرقم 10 الحقيقي في تكتيك بطل أبطال أوروبا.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:opinions@arabicpost.net
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.