بعد مباراة مانشستر سيتي وريال مدريد، أخذ سيتين وصفة غوارديولا في الانتصار على زيدان لكنه فشل في ذلك، ليس لأن كيكي سيتين فشل في التطبيق بل لأن زيدان أخل بتلك الوصفة.
لنبدأ أولاً بسؤال بسيط، ما هي وصفة غوارديولا؟
أولاً: لا تعتمد على الضغط العالي أمام ريال مدريد ورقابة رجل لرجل في الحالة الدفاعية، لأن التخلص من الضغط والخروج بالكرة مهمة بسيطة على لاعبي ريال مدريد لامتلاكه صفوة لاعبي الوسط في العالم.
ثانياً: قم بجذب وإغراء لاعبي ريال مدريد لتطبيق الضغط العالي؛ لأنهم يعتمدون على نظام المراقبة "رجل لرجل"، فيتطلب الأمر أكثر من لاعب لحرمان فريقك من الخروج بالكرة، لذلك عليك أن تجذب أكبر قدر ممكن من لاعبي ريال مدريد لتخلق فجوة بين خطوط الضغط.
ثالثاً: اطلب من حارسك البارع باللعب بقدميه أن يوصل الكرة إلى تلك الفجوات. لقد نجحت تلك الفكرة جيداً مع بيب غوارديولا، وإيمانويل الجواسيل مدرب ريال سوسيداد نجاحاً باهراً، لكنها لم تنجح مع كيكي.. لماذا؟
أثناء امتلاك برشلونة الكرة في الثلث الأول من الملعب اعتمد الريال على الضغط العالي بالفعل، الجميع مراقَب رجلاً لرجل، لكن إذا ما وصلت الكرة إلي تير شتيغن وبدأ في التقدم يبدأ الفريق معاً في العودة، ماعدا لاعب واحد فقط غالباً ما يكون إيسكو يركض سريعاً لإجبار شتيغن على اتخاذ القرار السريع إما التمريرة الأرضية لأحد المدافعين أو إلى بوسكيتس. الحل الآخر كرة طويلة، لكن الفجوة المستهدفة لم تُخلق لأن ريال مدريد تقهقر سريعاً ودفاعه تقدم لخلق أكبر قدر ممكن من الضيق بين الخطوط لضمان كسب الكرة الثانية. السبب الآخر لفشل تلك الفكرة هو أن برشلونة لا يمتلك لاعباً مثل غابرييل خيسوس في مانشستر سيتي أو ألكسندر أيزاك في سوسيداد، لا يمتلك الجناح الذكي القادر بسرعته على كسر خط دفاع ريال مدريد.
ابحث عن بوسكيتس
في الشوط الأول، ما إذا وصلت الكرة للثلث الثاني من الملعب، اعتمد ريال مدريد دفاعياً على الرسم 4-1-4-1 تتحول في بعض الأحيان إلى 4-4-2 باعتماد ضغط متوسط، هنا تظهر لدى كيكي سيتين ثلاث وسائل لبناء الهجمة والوصول لما بين خطوط مدريد وما خلفها:
1- أن يسقط بوسكيتس لمساندة قلب الدفاع خلف أول خط ضغط لريال مدريد من ثم يتقدم الطرفان إلى أعلى الملعب، وما إن تصل الكرة إلى بوسكيتس، يكون كل من دي يونغ وآرثر ملتصقاً بمراقبه من لاعبي الريال فيتحرك كل منهما بشكل عرضي لخلق فجوة يمرر فيها بوسكيتس تمريرة عمودية نحو ميسي أو غريزمان أو فيدال، الحل الآخر كرة قطرية من بوسكيتس نحو أحد الأظهرة.
2- أن يسقط كل من بوسكيتس وآرثر لمساندة قلبي الدفاع مما يخلق مربعاً بينهم، من ثم تمريرات سريعة والاعتماد على مهارة آرثر في الاحتفاظ بالكرة والهروب من الضغط، في تلك اللحظة يتحرك ميسي للخلف قليلاً ساحباً راموس ليتحرك غريزمان أو فيدال في تلك المساحة.
3- الثالثة والأخطر هي أن يسقط ميسي للوسط، سقوط ميسي يعني تقدم دفاع الريال بشكل أكبر، الهدف من سقوط ميسي ليس الوصول إلى ما بين الخطوط بل كسر خط دفاع الريال، عن طريق أن يتحرك غريزمان للخلف قليلاً ليخلق مساحة يستغلها دي يونغ والاعتماد على كرة طويلة من ميسي نحو دي يونغ في تلك المساحة.
بالطبع تتساءل لماذا بعد كل تلك الطرق لم يستطع برشلونة التسجيل في مرمى كورتوا؟
الأمر كالتالي برشلونة خلق فرصاً، لكن رعونة اللاعبين أمام المرمى مع تألق كورتوا حرماهم من الهدف. الأمر الآخر هو أن الجميع يبحث عن ميسي، تدور الكرة يميناً و يساراً بين الخطوط بحثاً عن ميسي للاختراق عبر العمق. اللحظة الوحيدة التي اخترق فيها برشلونة الأطراف هي لحظة تحرك ميسي نحو الطرف لمساندة جوردي ألبا.
أين المثلثات؟
دائماً ما نستمع إلى تصريحات زيدان الشارحة لكل خسارة، والفرنسي لا يتفوّه سوى بمصطلح واحد فقط: "لقد فقدنا الكثافة". الكثافة تعني تجمع الفريق معاً، ريال مدريد يهدف دائماً إلى تحضير الهجمة من الخلف سوياً لضمان كسر الضغط، حيث يسقط توني كروس، إيسكو، كاسميرو للبناء من ثم جذب أكبر عدد ممكن من لاعبي الخصم للضغط.
برشلونة في الشوط الأول انتقل ما بين الضغط العالي والضغط المتوسط، في كلتا الحالتين اعتمد ريال مدريد على لعب مباشر نحو بنزيما للبحث عن الرجل الحر، الذي كان فينيسيوس جونيور الذي يركض خلف خط دفاع برشلونة.
أما إذا اعتمد برشلونة على الضغط المتوسط أحياناً يفرض الريال الإيقاع الهادئ أي مثلثات طرفية بين إيسكو وكارفخال وفالفيردي أو بين مارسيلو كروس فينيسيوس جونيور، لكن ما بعد الدقيقة 20 أراد ريال مدريد أن يخلق زيادة عددية عبر الطرف الأيسر مع تحرك إيسكو نحو تلك الجبهة من ثم نقل الكرة سريعاً نحو الجبهة اليمنى حيث كارفخال وفالفيردي لإرسال العرضية أو الاعتماد على بطء ألبا بعد عودته من الإصابة في مجاراة فالفيردي في سباقات السرعة.
الاعتماد الآخر لريال مدريد في الشوط الأول لتشكيل هجماته كان عبر الضغط العكسي، الأمر بديهي للغاية فريق يعاني من خلق فرص عبر التحركات خلف خط دفاع الخصم عليه إذاً أن يستفيد من تشتت الخصم أثناء تحضيره للهجمة، لذلك أوكل زيدان تلك المهمة إلى محاربه داني كارفخال الذي أظهر شراسة غير معتادة، لكن ما إذا فشل كارفخال في الحصول على الكرة يليه فالفيردي في الضغط، أثناء تلك الفترة يكون الفريق جاهزاً للارتداد وتشكيل الكماشة إذا فشل كلاهما في افتكاك الكرة.
تحيا الفوضى.. يحيا الضغط العكسي!
دخل كيكي سيتين الشوط الثاني مع تعديل بسيط على نهجه في التحضير، حيث التعليمات لشتيغن بالقطريات نحو الأطراف ومن ثم البحث عن الرجل الثالث خلف دفاعات الريال، أما زيدان فأراد إيقاعاً مرتفعاً عبر دفاع رجل لرجل في جميع أرجاء الملعب دون تشكيل خطوط عرضية أو الاعتماد على zonal-man orientations.
تحول زيدان إلى دفاع رجل لرجل في جميع أرجاء الملعب لم يكن فقط من أجل حماية المرمى، بل من أجل التحولات السريعة. خلطة زيدان الشهية عبر التحولات التي تبحث عن فينيسيوس جونيور.
لقطة الهدف الأول
إدخال بريثوايت بديلاً لفيدال على الجناح الأيمن سهل من مهمة توني كروس في إيصال البينية لفينيسيوس.
حيث تحرك كارفخال في العمق، تسبب في توقف "بيكيه" عن متابعة تحرك فينيسيوس، تحرك بنزيما للأمام وسحب سيميدو من ثم وضعية جسد سيئة من بريتوايث وتركيز مع الكرة أكثر مع نسيانه للاعب الذي يراقبه.
أراد زيدان أن يتحول اللقاء إلى صراع بدني، ثنائيات مستمرة وكان له ما أراد.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:opinions@arabicpost.net
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.