عندما نهزم في أي معركة من معارك الحياة ننصدم كثيراً، لأننا كنا عازمين ونوايانا صادقة في البداية، وكانت خططتنا التي رسمناها بمخيلتنا وردية لم نتصور أننا سنقع يوماً ما، كنا واثقين من أنفسنا ، ونسير بضحكاتنا وأفراحنا، لكن ظروف الحياة التي نصادفها قاسية ومتعبة، والأحداث السلبية المتكررة التي تحدث للإنسان تجعله يفقد أمله ويخيب ظنه وتهتز ثقته بنفسه وبالناس، خصوصاً إذا كان متكئاً على أحدٍ من البشر ولم يكن يفقه جيداً أن الناس يتغيرون بين الفينة والأخرى، فتسقط الأفكار، وتتهمش المشاعر، تصبح الحياة بلا لون، يذهب الأمل ويغيب بعيداً.
في هذه المحنة المدوية، يضيع الإنسان، لا يعلم ماذا يريد، يقوم بجلد ذاته، ويلوم نفسه، ويصبح نادماً على كثير من الأقوال والأفعال التي مارسها في حياته، وخاصة تلك الملائكية المفرطة التي كان يتعايش بها مع البشر، وسببت له فيما بعد فقدان توازن وعدم التحكم في عواطفه، يتشتت، لا يعلم كيف يتصرف مع أي أحد، لا يعلم كيف يحافظ على نفسه ويحميها، هنا سيشعر الإنسان أنه في الحضيض، لا يمكنه الوقوف مرة أخرى ولا النهوض للمحاربة، يفقد رسالته، معنوياته، طموحه، وإيجابيته، لا يستطيع التفكير ولا الشعور بأي شيء، تجتاحه نوبات اكتئاب وخوف، وتأتيه أفكار أنه فاشل ولا ينفع لشيء، ويرى الناس دوماً احسن منه، ويقوم بالمقارنات، ولا يثبت على أي قرار يتخذه في أصغر الأشياء، يصبح شخصاً مملاً، مضطرباً غير مستقر داخلياً، يفقد أمانه الداخلي، بالمعنى الأصح يصبح هشاً، تبكيه أي كلمة، المقصودة منها وغير المقصودة!
كيف نخرج من هذه الحالة ونقف من جديد؟
أولى الخطوات: الإيمان بالله والثقة التامة به، حب النفس خارج نطاق الأنانية هو أفضل دواء ليجدد الإنسان طاقته وعزيمته، ادعُ نفسك إلى طعام تحبه، قم بعمل تحبه وتتقنه، لا تتكئ إلا على الله وعلى نفسك فقط.
الخطوة الثانية: أن يبتعد الإنسان عن أي فعل يزعجه حتى إن كان يحب هذا الفعل، ويحافظ على نفسه ويحميها من أي شيء يزعجها.
الخطوة الثالثة: هي الابتعاد عن جميع الناس السلبيين، وخاصة المتنمرين بشراسة على الأفعال الشخصية والآراء، والقرب من الناس الإيجابيين الذين يشجعون ويؤازرون بطريقة لطيفة تجعل الإنسان مرتاحاً نفسياً.
الخطوة الرابعة: تجرأ واخرج إلى الهواء الطلق، حتى لو كنت مكتئباً حاول قدر استطاعتك، اخرج، تحدث مع أصدقائك المقربين، اطرح افكارك واسمع للآخرين، جدد رونقك، حاول، وحاول، ولا تيأس أبداً، فرحمة الله واسعة.
الخطوة الخامسة: اهزم خوفك وحتى لو كانت هناك أفكار وأسئلة محبطة سوداوية في رأسك أجب عنها ولا تخف، اجعل من الخوف وهزيمته خطوة نجاح من نجاحاتك.
الخطوة السادسة: اتخذ قرار السعادة، وضع هدفاً وطموحاً وخطوة واسعَ إليها، ضع خطة مُحكمة داخلها خطوات متناسقة، وسر عليها بلا كلل ولا ملل، لكي تصل إلى ما تصبو إليه.
الخطوة السابعة: كن صبوراً، وسّع مدى تفكيرك، ففي التأني السلامة وفي العجلة الندامة، التعجيل بالأشياء نقمة وليس نعمة، لأن السرعة قد تدفع بك إلى خسائر فادحة، لذا كن متأنياً وهدئ من روعك عند اتخاذ أي قرار.
في النهاية ماعليك فعله هو أن تقف وتتحدى نفسك من جديد في معركة الحياة ولا تأبه لأي فكرة أو وغزة خوف بأن تحبطك ، يقول سبحانه وتعالى في كتابه الكريم ((لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَّكُم ۖ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ۚ )) النور (11) هذا الوقوع هو محض تجربة من تجاربك الحياتية التي ستجعلك أقوى وأوعى وسترسم طريقك بشكل أوضح وستقهر الظروف التي ستصادفك بفكر أقوى وعقلية ثابتة وقلب واثق ، و سيجعل منك شخص يصعب هزيمته !
"تحديات الحياة هى هدايا من الله لتجهزنا للمرحلة القادمة من حياتنا"
د ابراهيم الفقي
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:opinions@arabicpost.net
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.