الرياضة لا تعترف بالخلافات السياسية.. المغربي وادو مدرباً في منتخب بلاده الجزائر

عدد القراءات
10,034
عربي بوست
تم النشر: 2020/02/27 الساعة 14:14 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2020/02/27 الساعة 14:14 بتوقيت غرينتش
الرياضة لا تعترف بالخلافات السياسية.. المغربي وادو مدرباً في منتخب بلاده الجزائر

يسود التوتر العلاقات السياسية بين المغرب والجزائر منذ سبعينيات القرن الماضي بسبب قضية الصحراء الغربية، بحيث ترى المملكة المغربية أن تلك المنطقة هي  جزء من أقاليمها الجنوبية، في حين تعتبر الجمهورية الجزائرية ذلك الجزء هو بلد خاضع للاحتلال المغربي ولشعبه الحق في تقرير مصيره، وأنّ تسوية القضية بين يدي هيئة الأمم المتحدة.

وعلى الرغم من التوتر السياسي بين البلدين العربيين فإنّ ذلك لم يتسبب في عداوة بين الشعبين الشقيقين، اللذين اكتشف الكثير منهما مدى الأخوة والمحبة اللتين تربطهما ببعضهما البعض خلال فترة فتح الحدود البرية بين البلدين من 1988 إلى 1994، قبل أن يُعاد غلقها إلى غاية اليوم.

فلم يمنع نزاع الصحراء، القادة السياسيين للمغرب والجزائر من الاتفاق على فتح الحدود في سنة 1988، والتي تم غلقها لسبب آخر لا علاقة له بالقضية الصحراوية، ففي شهر أغسطس من عام 1994 وقعت تفجيرات بفندق  "أطلس أسني" بمدينة مراكش المغربية، وخلف 37 قتيلاً، واتهمت، حينها، سلطات المملكة الاستخبارات الجزائرية بضلوعها في الحادث، بعد تعرفها على هوية ثلاثة منفذين للهجوم وهم فرنسيون من أصل جزائري. 

فقرر المغرب فرض التأشيرة على مواطني البلد الجار، لترد عليها الجزائر بالمثل إضافة لغلق الحدود البرية. ولكن وعلى الرغم من إلغاء المغرب نظام التأشيرة على الجزائريين في أغسطس 2004، ثم قيام الجزائر بنفس الأمر في العام الموالي إلا أن الدولة الجزائرية رفضت إعادة فتح الحدود إلى غاية الآن.

المهم، لست هنا لأتحدث عن السياسة لأني لا أفقه فيها  الشيء الكثير، وقد أردت فقط الإشارة للخلفية التاريخية لغلق الحدود بين البلدين الشقيقين. وإنما أنا هنا لتوضيح مدى الترابط الكبير الذي يجمع شعبي الدولتين، من خلال استعراض ما يحدث في عالم الرياضة التي لا تلقي بالاً لكواليس وخبايا السياسة. آخر تلك الأحداث هو اختيار اللاعب الدولي المغربي عبدالسلام وادو القيام بفترة تدريب ومعايشة "تربص" ضمن الجهاز الفني للمنتخب الوطني الجزائري في إطار تحضيره لنيل شهادة تدريبية عليا.

وسيلتحق وادو بالجهاز الفني لمنتخب الجزائر كمدرب مساعد للمدير الفني جمال بلماضي، حيث سيجرى تربصاً ميدانياً للحصول على شهادة تدريب الاتحاد الأوروبي لكرة القدم " uefa pro "،  وهي أعلى شهادة يمنحها اتحاد الكرة الأوروبي لكل مدرب يهدف للإشراف على فريق من المستوى الدولي، والتي يتطلع إليها المدرب المغربي الشاب بعد نيله في السابق لشهادتي uefa A  و uefa   B. 

وسيباشر عبد السلام وادو فترة معايشته تحت إشراف جمال بلماضي خلال المعسكر التحضيري المقبل  لمنتخب "محاربي الصحراء"، المقرر من 23 إلى 31 مارس/آذار القادم بالمركز الفني لسيدي موسى، بالجزائر العاصمة، والذي تتخلله مباراتان رسميتان، أمام منتخب زيمبابوي ذهاباً واياباً، لحساب الجولتين الثالثة والرابعة من تصفيات كأس أمم إفريقيا  لكرة القدم 2021.

وبغض النظر عن علاقة الصداقة التي تربط بين الجزائري جمال بلماضي والمغربي عبدالسلام وادو، فإن المدافع السابق لمنتخب "أسود الأطلس" ما كان ليختار تحضير نيل  شهادته التدريبية بالجزائر لولا معرفته المُسبّقة بالترحاب الذي سيجده في "بلده الثاني"، مثلما أشار إلى ذلك رئيس الاتحاد الجزائري لكرة القدم، خير الدين زطشي، عندما شرح الأسباب التي دفعته لضم المدرب المغربي كمتدرب ومتربص بالجهاز الفني للمنتخب الوطني الأول.

وقال زطشي، في تصريحات للموقع الرسمي للاتحاد الجزائري لكرة القدم: "وادو في بلده، ونحن سعيدون لتواجده معنا.. فلقد  أعلمني بلماضي برغبة عبد السلام، في التواجد معنا، من أجل القيام بتربصه وهو أمر رحبنا به بصفة مباشرة".

صداقة قوية بين بلماضي ووادو

ويرتبط وادو بعلاقة صداقة قوية مع بلماضي، نشأت عندما لعبا سوياً ضمن نادي فالنسيان الفرنسي، خلال موسم 2008-2007، كما  أشرف الجزائري على تدريب صديقه المغربي في نادي لخويا القطري، خلال موسم 2011-2010.

وولد عبد السلام وادو يوم 1 نوفمبر/ تشرين الثاني 1978 بمدينة النيف المغربية ولكنه عاش طفولته و نشأ بفرنسا مثله في ذلك مثل جمال بلماضي المولود يوم 25 مارس 1976 بمدينة شامبيني من والدين جزائريين مهاجرين.

عبدالسلام وادو

 وحمل وادو قمصان أندية نانسي ورين وفالنسيان  الفرنسية وفولهام الإنجليزي وأولمبياكوس اليوناني ولخويا وقطر القطريين. وشارك مع المنتخب المغربي في 59 مباراة رسمية، سجل خلالها 3 أهداف، في الفترة الممتدة من 2000 إلى 2010.

وبعد إنهاء وادو لمساره الاحترافي كلاعب تحول إلى مهنة التدريب حيث أشرف على رديف نادي نانسي  و فريق أقل من 17 عماً لنفس النادي الفرنسي، في انتظار الحصول على شهادة الاتحاد الأوروبي لكرة القدم الاحترافية التي تسمح له الإشراف على الفرق الأولى من المستوى العالي.

الزاكي،  بن شيخة ، الكروج .. والآخرون 

الخطوة التي قام بها عبد السلام وادو والقبول التلقائي الذي لقيه من مسؤولي الكرة الجزائرية، دليل على الدور الكبير الذي تقوم به الرياضة في تقوية روابط الأخوة بين شعبي البلدين والتي سبقتها مواقف  مشابهة على غرار الاحترام الكبير الذي حظي به المغربي بادو زكي في الجزائر عندما كان مدربا لفريق شباب بلوزداد في موسم 2016 – 2017، ومواطنه رشيد الطاوسي الذي درب في عام 2018 شباب بلوزداد ثم وفاق سطيف.

البطل الأولمبي هشام الكروج

ونفس الاحترام والتقدير يلقاه حالياً المدرب الجزائري عبد الحق بن شيخة بالمغرب، مثلما كان الشأن أيضاً في السابق مع مواطنيه محيي الدين خالف ورابح سعدان وعز الدين أيت جودي.

ولم ينس الشعب الجزائري أيضاً اللفتة الإنسانية الطيبة التي قم بها البطل الأولمبي السابق ونجم ألعاب القوى المغربية  هشام الكروج، عندما تبرع لصالح ضحايا فيضانات باب الوادي بالجزائر في نوفمبر/تشرين الأول 2001، كما لم ينس أيضاً موقفه الرائع  تجاه العداء الجزائري العيد بسو في مطلع عام 2002، عندما تعرض الأخير لحادث مرور مروع بمدينة ايفران المغربية، وتكفل الكروج بعلاجه ولم يتركه إلى غاية عودته معه إلى الجزائر سالماً معافى.

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:opinions@arabicpost.net

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

مراد حاج
صحفي وكاتب جزائري
صحفي وكاتب جزائري
تحميل المزيد