حطَّ الفتى إسماعيل رحالَه بالعاصمة البريطانية لندن في صيف 2015 وهو لم يبلغ الـ18 من عمره بعدُ، ولم يجد صعوبةً كبيرةً في التأقلم ضمن نادي أرسنال، بسبب كثرة عدد المتحدثين باللغة الفرنسية في الفريق، وعلى رأسهم المدير الفني آرسين فينغر.
وعلى الرغم من تدربه مع الفريق الأول لأرسنال فإنّ بن ناصر لم يظهر في مسابقة الدوري الإنجليزي الممتاز، حيث اعتمد عليه فينغر في مباريات كأس الرابطة الإنجليزية المحترفة، بالموازاة مع تألقه اللافت مع الفرق السنية للنادي، أقل من 18 عاماً وأقل من 21 عاماً وأقل من 23 عاماً.
وقصد منحه الفرصة لكسب المزيد من مساحة اللعب، أعار نادي أرسنال لاعبه الشاب لمدة 6 أشهر لنادي تور الفرنسي، في يناير/كانون الثاني 2017، حيث خاض 16 مباراة رسمية، سجل خلالها هدفاً واحداً، وصنع هدفين اثنين آخرين.
وعند العودة إلى لندن في صيف 2017، لاحظ بن ناصر أنَّ موسمه الجديد لن يختلف عن سابقه، فقرّر الرحيل نحو نادٍ أقل مستوى من أرسنال الكبير، ولكنه يسمح له بتطوير أدائه، فانتقل مقابل مليون يورو فقط، إلى فريق إمبولي، الذي كان ينشط حينها بدوري الدرجة الثانية الإيطالي.
وبالطبع لم يُقرر بن ناصر مغادرة أرسنال نحو إمبولي دون مشورة مقرَّبيه ووكيل أعماله، فقد كانت الخطوة تبدو السبيل الأمثل لحسن تسيير المسار الرياضي الاحترافي للاعب شاب لم يكمل بعد عامه العشرين، وهو بذلك يملك كل الوقت لتطوير مستواه مرحلة بعد مرحلة ودون تسرع.
وبالفعل فقد كانت فترة وجود بن ناصر ضمن نادي إمبولي تجربة مفيدة للغاية، حيث أسهم اللاعب الجزائري في ارتقاء نادي إمبولي إلى دوري الدرجة الأولى ( Serie A) بمشاركته في 39 مباراة، سجل خلالها هدفين وقدم 4 تمريرات حاسمة.
وفي موسمه الثاني مع إمبولي، شارك بن ناصر في 37 مباراة ضمن مسابقة "الكالتشيو"، صنع خلالها 5 أهداف، لكن دون أن ينجح في إنقاذ الفريق من السقوط إلى دوري الدرجة الثانية (Serie B).
نصل هنا إلى قصة إسماعيل بن ناصر مع منتخب الجزائر، وكيف اختار الانضمام إلى صفوفه بدلاً من منتخب مولده فرنسا، أو منتخب والده المغرب.
يملك بن ناصر ثلاث جنسيات، وهي جنسية بلد مولده فرنسا، وجنسية والده المغرب، وجنسية والدته الجزائر، وعلى غرار معظم لاعبي شمال إفريقيا المولودين بفرنسا فقد بدأ إسماعيل مشواره الدولي مع منتخبات الفئات الشابة لبلد نشأته، ضمن منتخب أقل من 18 سنة، في عام 2015، ثم منتخب أقل من 19 سنة في عامي 2015 و2016، قبل أن يغير جنسيته الرياضية للانضمام لمنتخب الجزائر الأول، في شهر سبتمبر/أيلول 2016.
ففي عام 2016، صرّح بن ناصر أنّه يفضل اللعب مع منتخب أصوله بدلاً من المنتخب الفرنسي، فاستغلّ مسؤولو الاتحادين الكرويين الجزائري والمغربي الفرصة للدخول في صراع الظفر بخدمات هذا اللاعب الموهوب، الذي كان ينشط في ذلك الوقت ضمن صفوف نادي أرسنال.
وبقية القصة سردها بن ناصر بنفسه، ببعض التفاصيل، خلال مقابلة مع شبكة "بي إن سبورت" القطرية، في شهر سبتمبر/أيلول الماضي، حيث قال: "منذ بدايتي في عالم كرة القدم، ورغم أنني كنت ألعب مع المنتخب الفرنسي لأقل من 19 عاماً، كان هدفي تمثيل أحد بلدَي أصولي، سواء المغرب الذي يعتبر أصل والدي، أو الجزائر البلد الذي ينحدر منه أصل والدتي، لكن العرض الأول من المغرب لم يكن مقنعاً من الجانب الرياضي".
وأضاف إسماعيل موضحاً: "اجتمعت مع المدير الفني للمنتخب المغربي ناصر لارغيت في لندن، عندما كنت ألعب مع نادي أرسنال، وكان والدي حاضراً كذلك، لكني صراحةً لم أقتنع بالمشروع المعروض، خاصة بضمي أولاً للمنتخب الأولمبي المغربي، في حين أن الاتحاد الجزائري عرض عليَّ اللعب مباشرة مع المنتخب الأول".
لم يكن بن ناصر لينجح لو لم يكن منضبطاً في سلوكه خارج الميدان، إذ من المعروف عن إسماعيل ارتباطه الشديد بعائلته، وتمسكه الكبير بأصوله، وتعلقه بدينه، فقد كان اللاعب الدولي الجزائري الشاب بطلاً لحادثة لم يسبق أن عاشتها ملاعب كرة القدم الأوروبية وربما حتى العربية والمسلمة.
ففي مباراة فريقه إمبولي أمام نادي ساسولو في الدوري الإيطالي لكرة القدم، في بداية الموسم المنقضي (2018-2019)، وفي الوقت الذي أصيب فيه الغاني أكوا في الدقيقة الـ12 من زمن اللقاء، لم يجد المدرب أوريليو أندرياتزولي أثراً للاعبه الجزائري بن ناصر في مقاعد البدلاء ليدخل مكان زميله المصاب، وتأخر دخوله دقائق عديدة.
وسُئل المدرب خلال المؤتمر الصحفي عن سبب اختفاء بن ناصر، فكانت الإجابة مفاجئة للجميع، حيث قال: "تأخر استبدال بن ناصر كان بسبب ذهابه للصلاة. ذهبت إلى غرفة الملابس وخرجت على الفور لأني رأيت بن ناصر يصلي وكانت لحظة عاطفية".
ويبدو في تلك الحادثة أنَّ بن ناصر لم يكن يتوقع أن يدخل بديلاً بعد 12 دقيقة فقط من بداية المباراة، ما جعله يتوجه لغرفة تغيير الملابس لأداء إحدى الصلوات الخمس التي كان قد حان وقت إقامتها.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:opinions@arabicpost.net
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.