"أنا أومن بأنني قد متُّ منذ عشرين عامٍ مضت، لذا فلا خوف لديَّ من أي أحدٍ أو أي شيءٍ على الإطلاق".
الشهيد الحاج مالك الشباز (مالكوم إكس)على مدى 6 حلقاتٍ يقدم الناشط عبدالرحمن محمد في سلسلة "مَن قتل مالكوم إكس؟" التي تُبث على نتفليكس، قصة اغتيال أحد أهم أيقونات "نضال السود" بالولايات المتحدة الأمريكية وفي العالَم مالكوم إكس، مع التعريج على صعوده في الهرم الداخلي لمنظمة "أمة الإسلام" قبل انشقاقه عنها في النهاية، بالإضافة إلى استعراض كل ما كان يقوم به هذا المجرم السابق من أدوارٍ مهمةٍ في صناعة الوعي الأسود حول العالم.أيقونةٌ ثوريةٌلم يكن تشي جيفارا "بورتريهاً" لغايات تسويق الثورة وتصديرها، عندما التُقطت له إحدى الصور في مظاهرةٍ وقف فيها جنباً إلى جنبٍ مع فيديل؛ للتنديد بالتدخل الأمريكي في خليج الخنازير، مثلما لم يكن مالكوم إكس يشكل "بورتريهاً" آخر حين التُقطت له صورةٌ بالبندقية في أثناء تصدّيه للاعتداءات المتكررة على منزله في هارلم. صحيحٌ أن الجماهير قامت بـ "أيقنة" هذه الصور، ولكن هذه الأيقنة تتخطى قشور البهرجة نحو جذور المشاريع التحررية التي كان ينتمي إليها الرجلان ومن سواهما من الثوريين عبر العالم.مسيرة مالكوم إكس الملحمية التي أنهت حياته قبل الأربعين "كما اعتاد الثوريون"، كان لها دورٌ حاسمٌ في صناعة هذه الأيقونة، بحكم التحولات الجذرية التي رافقت هذه المسيرة، والتي تقوم بالأساس على جوانب التحدي والرغبة العميقة في تغيير الواقع واللذين انطلق منهما مالكوم لمواجهة أي قمعٍ يجابهه أو يحاول عرقلته عن تحقيق أهدافه.أمة الإسلام.. ولكن أي إسلامٍ؟!من الصعب أن يُذكر اسم إلايجا محمد دون أن يتبعه لفظ "المبجل" ودون أن يعامَل كرسول من قِبل أيٍّ من الذين قابلهم عبدالرحمن محمد في هذه السلسلة، وهي الألفاظ التي كانت تطلق كذلك على مؤسس منظمة "أمة الإسلام" والاس فارد محمد، قبل أن يختفي ويحل مكانه إلايجا. على الرغم من هذا التعارض مع الديانة الإسلامية، التي تقول إن محمداً-صلى الله عليه وسلم- هو خاتم الأنبياء، نرى التزام منتسبي المنظمة وجمهورها بتعاليم الإسلام وأركانه، ولكن مع وعيٍ تلموديٍّ أحياناً يبرر للمبجل إلايجا محمد تجاوزه لقواعد الدين؛ ومن ثم يرفعه عن مصافّ البشر نحو مصافّ النبوة!ولكن مالكوم إكس الذي أمضى 12 عاماً كاملةً في كنف ورعاية إلايجا، قرر في النهاية أن ينتفض على هذه العلاقة البطريركية التي يشوبها الفساد والإثراء الفاحش على حساب فقراء السود الذين كان يناضل من أجلهم، وعليه فقد انشق عن المنظمة، وهو ما حتّم اقتراب نهايته!
من هم قتلة مالكوم؟لم يكتفِ مكتب التحقيقات الفيدرالية بالتنصت على مكالمات مالكوم أو بمتابعة تحركاته أو حتى بدسّ العملاء في فريق عمله؛ بل تعدى ذلك نحو التستر على قتلة مالكوم، الذين هم بحسب سردية عبدالرحمن المدعمة بالوثائق والأدلة، خمسة من جنود ثمرة الإسلام -الجناح شبه العسكري المنبثق عن منظمة أمة الإسلام- وليسوا ثلاثةً كما انتهت إليه تحقيقات الشرطة في نيويورك، والتي أدت إلى إدانة اثنين من الأبرياء، على الرغم من اعتراف المتهم الثالث تالميدج هير بأسماء القتلة الأربعة الآخرين بعد المحاكمة بأعوام قليلةٍ.
يتابع عبدالرحمن أحدَ القتلة الذين أفلتوا من العقاب، ليصل في النهاية إلى ربط هذا القاتل بمكتب التحقيقات الفيدرالي، وهو ما يعزز إمكانية سيناريو تعاون مكتب التحقيقات الفيدرالي مع قادة منظمة أمة الإسلام في عملية الاغتيال، خصوصاً عندما نعرف مدى نفوذ عملاء المكتب وتغلغلهم في حياة مالكوم، لدرجة أن مُرافقه الشخصي الذي حاول تقديم التنفس "فمٍ لفم" له بعد إطلاق النار عليه كان ضابطاً يعمل لفائدة المكتب، حتى إنّ تصرُّفه هذا -أي محاولة إنقاذ حياة مالكوم- أزعج رؤساء هذا الضابط.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:opinions@arabicpost.net
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.