بابا عمر، ماما نظيفة، علي جاندان، مراد علم دار، أصلان أقبي، سليمان شاكر، ميماتي وعبدالحي والقائمة الطويلة لفناني المسلسل التركي الشهير "وادي الذئاب"، والذي حصد انتشاراً عربياً كثيفاً وحصل على اهتمام عالمي.
بطل العمل الفنان التركي محمد نجاتي ششماز، والذي أدى دور البطل على مدار عشرة أجزاء متتالية في سلسلة وادي الذئاب الذي بدأ إنتاجها في الخامس عشر من يناير/كانون الثاني عام 2003، وانتهى في 2016، حاز على شهرة كاسحة بين الشباب العربي بداية من عام 2009، حين بدأت بعض القنوات الخليجية في دبلجة ونشر المسلسل. تدور أحداث المسلسل في أجواء بطولية ملحمية لمجموعة من العملاء السريين الذين يعملون لصالح أجهزة استخبارتية كمنظمة ظل أمنية مسلحة، في الدولة التركية لتفكيك شبكات المافيا والدولة العميقة التي تضرب في جذور الدولة بعد سنوات من الانقلابات العسكرية والتدخلات الدولية في سياسات الدولة التركية ومحاولة توجيهها والسيطرة عليها.
كتب السيناريو والحوار بشكل رئيسي للعمل شقيق البطل وهو السيناريست التركي راجي ششماز، وهو أحد أفضل كتاب السيناريو في تركيا والذي يكتب سيناريو العمل الدرامي الشهير "قطاع الطرق لن يحكموا العالم".
شخصية عبدالله شاتلي الذي ولد في عام 1956، في مدينة نفي شهير التركية، وتقلد عدة مناصب في جمعيات شبابية مهتمة بالثقافة والفن في أنقرة ومن ثم بدأ اسمه في الظهور في عدة قضايا قتل غامضة ومن ثم قضايا اغتيالات، وكشفت علاقاته الواسعة بأجهزة استخبارتية داخل الدولة ونفذ لها مع فريق مقرب له عمليات في الخارج ضد حزب العمال الكردستاني في عدد من الدول العربية والغربية. ومن ثم خرج عبدالله شاتلي من تركيا بعد انقلاب 12 سبتمبر/أيلول 1980، وتواجد في عدد من الدول الأوروبية منها بلغاريا وفرنسا والنمسا، نفذ خلال هذه الفترة عمليات أخرى ضد قيادات وعناصر من حزب العمال الكردستاني في الخارج وقبض عليه في سويسرا بجواز سفر باسم محمد أوزباي في عام 1983. وهو الشخصية الغامضة الأخرى التي سنسرد حديثاً عنها وكيف رُبطت في حبكة المسلسل هذه الحكاية. وهرب شاتلي من أحد السجون الفرنسية بعد أن حكم عليه بالسجن 7 سنوات وعاد إلى تركيا مرة أخرى.
هو الشخصية الجدلية الأخرى التي ضمنت بشكل ما في السيناريو الخاص بالعمل، أوزباي منح اسمه وجواز سفره وهويته كاملة بشكل غير شرعي لعبدالله شاتلي في التسعينيات، ليتحرك بها وينفذ عمليات أمنية خاصة خارج الحدود، أوزباي حسب آخر التقارير المنشورة عنه يعيش في أمريكا، يبتعد تماماً عن الصحفيين. إنه شبح متحرك، تحقق دوائر الأمريكان في عدم ظهور اسمه على قوائم الفواتير أو السجلات الضريبية في عدد من الولايات الأمريكية التي ينفذ بها أعمالاً تجارية كبرى تصل لمبالغ مالية تقدر بقرابة 30 مليون دولار حسب آخر الإحصائيات المنشورة في عام 2008 في صحيفة ميليت التركية. الرجل لديه كثير من الأسماء، كثير من الهويات، ويغير اسمه باستمرار وما من صور له إلا نادراً، ويعرف في وسطه الضيق الذي يظهر فيه وهو وسط الأعمال حسب جريدة يني شفق التركية في عام 2009 "العم ميم" أو بالتركية "العم ميمجي".
طبخة الشخصيات
استقى السيناريست نجاتي ششماز حكايته للبطل من هاتين الشخصيتين عبدالله شاتلي ومحمد أوزباي، نضال عبدالله شاتلي ضد عناصر وقيادات حزب العمال الكردستاني الإرهابي المعادي للدولة التركية، كان كما يقال سينمائياً "القماشة" التي بنى عليها شخصية البطل مراد علم دار في "وادي الذئاب".
راجي ششماز قتل علي جاندان في حادث سيارة كما قتل عبدالله شاتلي في الحقيقة، لكنه أحيا علي جاندان في الخط الدرامي للمسلسل بتغيير هويته لمراد علم دار عبر تغييرات بعمليات تجميل في الوجه والأحبال الصوتية، ومن ثم بدأ المسلسل في استقاء بعض العمليات التي نفذها شاتلي في الحقيقة ضد عناصر حزب العمال وبعض من جماعة المافيا وتضمينها حرفياً مع بعض التغييرات الدرامية داخل العمل ومن هنا جاءت شخصية مراد علم دار من خليط شخصيتي محمد أوزباي وعبدالله شاتلي.
وكذلك الفريق المصاحب لشخصية البطل علم دار في المسلسل كشخصية عبدالحي تشوبان الذي كان في جسد شخصية حقيقية تدعى "درجي علي" المولود في مدينة أورفا التركية عام 1956، والذي شارك عبدالله شاتلي في عملياته ضد عناصر حزب العمال الكردستاني وغيرهم.
العمل الذي دخل ملايين البيوت العربية بموسيقاه الشهيرة وأبطاله المعروفين تمت إدارة حبكته على مدار عشرة مواسم باحترافية بُنيت على شخصيات حقيقية أثرت بشكل أو بآخر في أحداث دارت في الدولة التركية. وتناولت إسقاطات شديدة الحساسية من الناحية السياسية والاجتماعية تخص الداخل التركي، فضلاً عن تمكن السيناريو من تمرير الكثير من وجهات النظر التركية إلى كافة المتابعين سواء من عرب أو من جنسيات أخرى في كثير من القضايا كالقضية الكردية والعربية وحتى ما يخص القوقاز من خلال العمل بشكل متقن وبأحداث وافية درامية تحدث فارقاً في المتابعة والفهِم لهذه الأحداث على أرض الواقع بعيداً عن الدراما. فكان المسلسل وجبة درامية مشبعة بالأكشن والسرد والمعالجة السياسية والاجتماعية لكثير من القضايا التركية التركية والتركية الخارجية، والتي روجت ورسخت اتجاهات السياسية التركية بشكل كبير عبر حبكة المسلسل ومواسمه المختلفة.
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.