في صباح العاشر من يوليو/تموز، كان الصباح مبهجاً والهواء عليلاً، أنا مع الأصدقاء في مدينة أخرى، فجأة أعطاني أحد أصدقائي ذلك الهاتف اللعين الذي أظهر لي إشعاراً بأن كريستيانو رونالدو رحل، بالكاد شعرت بأنني أتنفس، ذلك النادي اللعين سرق مني حياتي.
اعتدت أن أراه أسبوعياً يرتدي شعار فريقي، يُدافع عنه، وأنا أدافع عنه أسبوعياً بأقصى طاقة لديّ ولو طال الأمر لأنهيت علاقتي مع البعض من أجله، شعرت بحرب داخلي مع ذاتي.
ماذا لو سجل رونالدو في ريال مدريد؟ ماذا لو انتصر رونالدو على فريقك؟ هل ستكرهه كما تفعل مع البقية أم لأنه رونالدو ستحاول أن تنسى وتغفر الخطأ.
بكيت من أجله بعد أن اعتدت أن أفرح بسببه، لم يكن رونالدو بالنسبة لي مجرد نجم في فريقي بل هو السهم الذي شكل باقي مسار حياتي.
دهشة طفل
كطفل صغير اعتدت أن أشاهد بعض المباريات الإفريقية، إحدى تلك المباريات كانت مملة كالموت، لم أتمالك نفسي إلا وأنا أبحث عن قناة أخرى لمشاهدة مباراة أخرى بحثاً عن بعض المتعة.
حينها شاهدت مباراة لمانشستر يونايتد، لم يلفت نظري إلا صاحب الرقم 7 الذي ينقل الكرة كما يشاء، يركض كالسحاب لا أحد يستطيع اللحاق به، يراوغ ثم يراوغ ثم يراوغ باحثاً عن بعض من اللذة.
شعرت كأن هذا اللاعب أبداً لم يكن أرضياً مثلنا لم أرَ مثله من قبل، إحساس يشبه إحساس ذلك من لم يتابع كرة السلة، من ثم يشاهد ستيفن كوري يلقي بثلاثيته المعتادة.
من تلك الليلة، قليلاً ما فوّت مباراة لصاحب الرقم 7، قليلاً ما يمر يوم من دون الحديث عنه مع الجميع.
شكراً جون أوشيه
جاء أحدهم إلى السير أليكس فيرغسون قائلاً إن هناك لاعباً في سبورتينغ لشبونة يذهل من يراه، سأله السير: من هو؟ أنا أعرف 2 أو 3 من لاعبي سبورتينغ. ليرد مساعده كيروش سريعاً: إنه رونالدو، حينها أرسل فيرغسون كشافه إلى لشبونة وحينما عاد أخبره بأنه رأى لاعباً في الـ 17 من عمره يلعب كمهاجم صريح لكنه جناح لو سألتني عنه سأقول لك إن أحدهم سيخطفه قريباً!
من ثم بدأت محادثات مانشستر يونايتد ولشبونة حتى جاءت مباراة خيرية جمعت الفريقين، طلب السير من جون أوشيه مراقبة رونالدو، كل تمريرة إلى رونالدو تصل إليه يمر من أوشيه بسهولة، صبّ السير غضبه على أوشيه: لا تترك له أي متنفس ليشن الهجمات. حينها أظهر جون تعبيراً مليئاً باليأس والعجز، والصدمة من رغبة السير في كبت حرية ذلك الولد الصغير الذي يحارب من أجل مستقبله، حينها كان جميع مَن في دكة مانشستر يونايتد وأولهم القائد ريو فيرديناند يناظر فيرغسون بتعبيره الشهير أحضر له العقد، اجعله يوقع الآن.
جلب السير أحد أعضاء الإدارة، طلب منه التوقيع مع رونالدو فوراً.
سأله الإداري بغرابة: هل هو بتلك الجودة؟
ليجيبه السير بإحدى أجمل المقولات في حق رونالدو: "بهذه الجودة؟ جون أوشيه يعاني من الصداع النصفي بالداخل بسببه".
ليصل رونالدو إلى الأولد ترافورد ويتوج نفسه ملكاً للأولد ترافورد، حتى أن السير بتاريخه المجيد وصفه بأنه أفضل موهبة درّبها في مسيرته.
النرجسي الذي لم يكن أبداً نرجسياً
يعتاد صديقي عمر موفق، أحد عاشقي برشلونة، أن يصف رونالدو بالنرجسي؛ لأنه دائماً ما يصف نفسه بالأفضل.
يقول كريستيانو رونالدو إن مفتاح نجاحه المذهل هو الاعتقاد بأن لا أحد أفضل منه، الجميع ينتقد عندما يصف نفسه بالأفضل، ولكن هو يعتقد أن ذلك الإيمان هو سر نجاحه، الإيمان بأنه الأفضل، الإيمان بالحتمية الدائمة لإثبات أنه الأفضل، هذا هو المحرك، هذا ما يُدعى بالشغف.
لو لم يصف نفسه بالأفضل، سيؤمن بذلك، وحينها سيختفي ذلك الجوع الذي يصل به إلى حد مبالغ فيه.
في يوم ميلاده، وجب التذكير بأن رونالدو جزء لا يتجزأ من تاريخ كرة القدم.
محمد الزير هو طالب مصري بكلية الطب ومدون رياضي
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:opinions@arabicpost.net
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.