«راقبته كظلِّه 3 أيام وأذهلني ما رأيت منه».. رحلتي مع شيخ الأزهر في روسيا

عدد القراءات
1,263
عربي بوست
تم النشر: 2020/01/31 الساعة 13:46 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2020/01/31 الساعة 13:46 بتوقيت غرينتش
شيخ الأزهر الإمام أحمد الطيب

قبل عدة سنوات أمضيت ثلاثة أيام في الوفد السياسي والثقافي المصري الذي رافق رحلة شيخ الأزهر، أحمد الطيب، في بلاد المسلمين في روسيا.

كنت أعمل حينها مع سفير نابه ذي شأن عظيم، وفي أحد الحوارات انتحى بي جانباً، وقال لي بعد أن حطت طائرة فضيلة الإمام أحمد الطيب إلى بلاد الثلج الدائم: "كن قريباً من فضيلته دائماً حتى إذا سأل عما يخص ملف التعليم والثقافة قدمت الإجابة دون تأخر".

في الأيام الثلاثة التي قضيتها في صحبة الإمام، لم يسألني سوى سؤالين فقط، إذ كان برنامجه مزدحماً للغاية وحافلاً بالأحداث من افتتاح المساجد وإلقاء المحاضرات ولقاء الشخصيات الدينية والسياسية.

ومن بين عشرات الشخصيات الدينية والثقافية التي تواجدت ضمن الوفد رفيع المستوى كنت أراقب الرجل بطريقة "مان تو مان". بقيت معه كظله، لا أفارقه أينما حلَّ وارتحل.

راقبت الرجل الذي يقول عنه سلفيو الجزيرة العربية إنه يرأس مؤسسة دينية بعيدة عن الإسلام الصحيح؛ والذي يقول عنه كثير من أعضاء جماعة الإخوان المسلمين إنه ساهم في إسقاط حكمهم لسكوته عن الإطاحة بالرئيس الراحل محمد مرسي.

الرجل الذي يقول عنه العلمانيون والملحدون إنه يقف عقبة في سبيل تطوير مصر وتحديثها وإخراجها من فلك الوهابية والسلفية والتخلف.

من بين مئات الشخصيات الدينية التي جاءت من كل الدنيا في المؤتمر العالمي الكبير في روسيا كان الإمام الأكبر إماماً أكبر كما يليق باسمه، سماحة في غير افتعال، سمو بغير غرور، يعرف ماذا يقول لأنه تعلم وتبحر ولم يجمع أوراقاً أو يلتقط شعارات من هنا وهناك، لغة عربية راقية رائقة في غير تشدق، ونطق صحيح للآيات والأحاديث ومخارج للحروف تدخل قلب حتى أفئدة غير العارفين بالعربية.

أستطيع الآن التعبير عن رؤيتي للإمام الأكبر بعدما تركت عملي وفضلت عليه الرجوع للجامعة، أستطيع أن أقول ذلك وليس بيني وبينه مصلحة.

السنون تتغير وبقاء الحال من المحال، الجزيرة العربية لم تعد تفتخر بالإسلام النقي الصافي، وأعضاء جماعة الإخوان المسلمين صاروا يدركون أن الذين أوقعوهم في هذه الأزمة هم أشخاص من داخل التنظيم وليس من خارجه فقط. وصار لزاماً على الملحدين وفريق من العلمانيين أن يتحلوا بالشجاعة والنزاهة وأن يطلقوا سهامهم على مكامن الاستبداد الحقيقي وعلى الإرهاب الحقيقي وألا يكتفوا ببطولات زائفة ومكاسب سريعة، لأن شيخ الأزهر في هذه الأجواء يعد هدفاً سهلاً زعماً بأن الرجل يكرس كتباً لم تعد مقدسة.

في ختام كلمته في إعلان ما يسمى بـ "صفقة القرن" (دعوني أسمّيها صفعة القرن) يقول رئيس وزراء الاحتلال نتنياهو:

"الآن لابد أن يبتهج اليهود والإنجيليون في كل مكان؛ لأننا نحقق على الأرض ما جاء في كتبنا المقدسة".

وأختم أنا كلماتي هذه بالقول:

أنا مع فضيلة الإمام في إصلاح الأزهر من الداخل والتخلص مما فيه من عيوب، أنا معه في التمسك بهوية ثقافية إسلامية هي جزء من هوية مصر الإسلامية والقبطية والفرعونية وهي أطياف رئيسية من هويات تعطيها تميزها عبر القرون.

تحية إجلال لفضيلة الإمام الأكبر، مؤجلة له من آخر لقاء قبل ثلاث سنوات في بلاد غير بلادنا وشعوب غير شعوبنا.

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
عاطف محمد
أستاذ الجغرافيا في كلية الآداب بجامعة القاهرة.
أستاذ الجغرافيا في كلية الآداب بجامعة القاهرة والمستشار الثقافي الأسبق لجمهورية مصر العربية في روسيا.
تحميل المزيد