كلما تعمقت أكثر في اللعبة، وكلما بحثت أكثر في التفاصيل، تأكدت من صحة مقولة العبقري أريغو ساكي بأننا لا نفهم 99.99٪ مما يجري في المباراة.
التفاصيل الدقيقة هي التي صنعت ليفربول الحالي
قرأ يورغن كلوب ذات مرة مقالة في صحيفة بيلد الألمانية عن لاعب بوروسيا مونشنغلادباخ الجديد أندرياس بولسن وكيف تحسنت رميات التماس الطويلة التي يلعبها وازداد مداها من 25 متراً إلى 38 متراً، من خلال العمل مع مدرب خاص لتنفيذ رميات التماس.
فقرر يورغن كلوب الاتصال بذلك المدرب، واتفق معه على أن يلتقيا في ميلوود في منتصف يوليو/تموز 2018. كان من المفترض أن الهدف من اللقاء هو بعض النقاش حول الأمر وفهم وجهة نظر ذلك المدرب وثم سيقرر كلوب ما إذا كان مهتماً أم لا بخدماته. انتهى النقاش بين الرجلين وبعدها مباشرة فاجأه كلوب قائلاً: "أريدك أن تدرب اللاعبين غداً".
لماذا رميات التماس؟
يجيب كلوب: "لقد قضيت فترة طويلة في مضمار التدريب، وتساءلت دائماً لماذا لا تستفيد الفرق بشكل كبير من رميات التماس، لكن لم يكن لدي خطة واضحة لتحسين ذلك".
"من الرائع دائماً أن يتواجد شخص مختص حولك. غرونيمارك يركز دائماً في هذا الجزء. من الرائع دائماً أن تجتمع بأحد أفراد الجهاز الفني عقب المباريات ليحدثك فقط عن رميات التماس!".
وشدد المدرب الألماني على أنه بوجود غرونيمارك، أصبح فريقه يملك أكثر من 18 طريقة مختلفة لتنفيذ رميات التماس، مما أتاح الكثير من "الحلول المذهلة" في خلق الفرص وتحقيق الأهداف.
وأشار كلوب على سبيل المثال، إلى أن الظهير الأيسر أندي روبرتسون تحسن مستواه كثيراً في تنفيذ رميات التماس، وأصبح قادراً على رمي الكرة لمسافة 6 أمتار أكثر من أقصى نقطة استطاع رمي الكرة إليها، كما أصبح أكثر سرعة ودقة في تنفيذها.
وزاد: "لا يمكن أن يكون لديك ما يكفي من المتخصصين حولك دائماً. يجب أن أكون دائماً الشخص الذي يتخذ القرارات عندما نستخدم كل هؤلاء المتخصصين، لكن لا يمكنك الحصول على ما يكفي. لدينا متخصصون في اللياقة البدنية والطب، والتغذية، والآن شخص لرميات التماس".
من هو ذلك المجنون؟
توماس غرونيمارك هو ذلك العبقري الذي استطاع أن يلفت انتباه يورغن كلوب بعبقريته في جلسة واحدة، يقول غرونيمارك: "هناك ثلاثة أنواع من رميات التماس: رميات طويلة، رميات سريعة، رميات ذكية، كوني المدرب الوحيد في العالم لرميات التماس فيمكنني تسميتها بما أشاء".
يكمل توماس: "قبل الانضمام لليفربول كنت محبطاً للغاية، لدي معرفة كبيرة حول كيفية استغلال رميات التماس في صناعة الفرص أو الاستحواذ على الكرة وعدم خسارتها ولكن لم يستمع أحد إلي، الجميع فقط يريد أن يرميها بدون تفكير".
ويتحدث غرونيمارك عن أنواع رميات التماس: "لقد بدأت في قياس عدد الكرات التي خسرها أو اكتسبها الفريق من رميات التماس، لقد قمت بتقسيمها إلى قسمين: رميات تماس بدون ضغط من المنافس أو رميات تماس تحت ضغط من المنافس".
ولاحظ غرونيمارك أن الأندية تحافظ على الكرة من رميات التماس القصيرة عندما يكون الفريق تحت ضغط بنسبة أقل من 50% وهي نسبة ضعيفة جداً، لذا قام بعمل تدريبات على كيفية الحفاظ على الكرة من رمية التماس وأنت تحت ضغط وكيفية خلق مساحة لنفسك.
كرة القدم لعبة بسيطة يتحدث عنها الأغبياء
بعد أن خرج إلى العلن بدأت الصحافة في الاستهزاء بمهمته، لكن غرونيمارك يقول: "لم يزعجني ذلك، شعرت بالأسف قليلاً لآندي غراي -أحد الصحفيين الذين انتقدوه وسخروا منه- فلماذا لم يفكر في أهمية الأمر".
لكن عندما يدعوك مدرب عالمي مثل كلوب لمثل هذه المهمة تدرك أنك تسير على الطريق الصحيح "يمكنني أن أضحك على حقيقة أنني فعلاً مدرب رميات تماس، إنها مهمة مضحكة، وأنا أعلم ذلك".
لكن بعد انتهاء موجة الاستهزاء به أصبحت رميات التماس ركناً أساسياً من أدوات يورغن كلوب. ويمكننا رؤية ذلك في الأهداف التي جاءت عن طريق تنفيذ رميات التماس:
- هدف صلاح ضد بورنموث الموسم الماضي.
- هدف ماني ضد اليونايتد الموسم الماضي.
- هدفان لليفربول هذا الموسم ضد ساوثهامبتون.
- هدف فيرمينو أمام توتنهام.
جميعها أهداف جاءت بدايةً من رميات التماس التي يعمل عليها الفريق.
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.