ما هي مبررات الغياب؟
إذا قمنا بتنحية حبنا لصلاح وتعاطفنا ودعمنا له من رؤيتنا وتقييمنا لغيابه عن الحفل، فإن الإجابة الصادقة هي أنه لا يوجد أي مبرر لغياب صلاح عن الحفل المقام في القاهرة. فليفربول ليس مرتبطاً بأي مباراة هامة قريباً ولا يوجد، لا قدر الله، أي ظرف عائلي أو قهري يمنعه من الحضور. ومع تخصيص الاتحاد الإفريقي طائرة خاصة للذهاب والعودة من وإلى إنجلترا تنتفي كل الحجج والأعذار التي يمكن أن تساق لتمرير غيابه. ليترك بذلك صلاح محبيه حول العالم دون أعذار مقبولة وتفسيرات منطقية تبرر غيابه عن الحفل.
ولا أعتقد أنه يخفى على صلاح ووكيل أعماله أن عدم الحضور إلى الحفل سيفتح باباً لن يغلق من التكهنات حول سبب الغياب. ولا يعتقد عاقل أن مثل هذا الموقف سيمر دون أن يحدث شرخاً في علاقته مع زميله السنغالي.
لأن السبب الوحيد المنطقي الذي يمكن القول بأنه وراء غياب صلاح هو غضبه واعتراضه على عدم فوزه بجائزة أفضل لاعب في القارة الإفريقية. وأنه ومن حوله ارتأوا في غيابه عن الحفل طريقة جيدة لإبداء هذا الغضب والامتعاض.
لكن ألا يحق لصلاح أن يغضب من عدم فوزه؟
في البداية يجب أن نعلن صراحة أنه من الناحية الفنية والتكتيكية لا يمكن الاستغناء عن أي من صلاح وماني في منظومة ليفربول الفنية التي أنشأها يورغن كلوب.
يقول الكاتب الرياضي أحمد مختار أن ساديو ماني قد وصل لمستوى متوحش هذا الموسم، رؤية ولياقة وتمرير وتهديف وقيادة، لذلك من السهل القول بأنه أحد أفضل لاعبي ليفربول حالياً، إذا لم يكن الأفضل، سواء داخل الفريق أو بالنسبة للبريميرليج بالكامل.
ماني جزء منه صانع لعب، وجزء جناح بالتبادل مع روبرتسون، وجزء آخر منه لاعب وسط إضافي لمعالجة الفقر الواضح في الابتكار بارتكاز الريدز، لذلك فإن السنغالي لديه أدواراً مركبة في تكتيك كلوب خلال الموسمين الأخيرين، حيث أنه لا يكتفي فقط بالشق الهجومي والتسجيل، بل لديه أهمية مضاعفة في الحيازة والسيطرة وصناعة الفرص، مما يجعله أقرب إلى صانع اللعب داخل التشكيلة.
لكن هناك شيء تغير لاحظه يورغن كلوب في أداء ماني بالثلث الأخير من الملعب، ليستفيد من كامل قدراته.
في موسم 2017-18 أحرز ماني 10 أهداف من 70 تسديدة، هدف لكل 7 تسديدات، في 2018-19 سجل 22 هدفاً من 87 تسديدة، أي هدف لكل 4 تسديدات.
ماني يستلم كثيراً، يراوغ، يستحوذ، يصنع، ويقف على الكرة، ينطلق طولاً وعرضاً، ولا يتوقف عن الحركة، يلعب أكثر بوجهه ويقابل دون خوف.
في المقابل، يختلف دور صلاح عن ساديو ماني، المصري أقرب إلى الثلث الهجومي الأخير من منطقة الوسط، ويعتبر بمثابة المهاجم الرئيسي في خطة كلوب، خاصة أن زميله البرازيلي روبرتو فيرمينو يتحرك كثيراً للأسفل، ويربط مع لاعبي الوسط أكثر مما يتحرك داخل منطقة الجزاء، حتى يفتح الطريق أمام سهولة استلام صلاح في القنوات الشاغرة بالقرب من المرمى.
يتمركز صلاح باستمرار بين ظهير الخصم وقلب دفاعه، حيث يملأ أرنولد الفراغات على اليمين كجناح حقيقي لا مجرد ظهير، بينما يتحول فيرمينو إلى المركز 10 أعلى ثلاثي الإرتكاز، لذلك فإن دور اللاعب المصري في التشكيلة أقرب إلى التسجيل مقارنة بالصناعة، ويستخدمه المدير الفني لإنهاء الفرص التي تأتي من جانب لاعبي الوسط، الأظهرة، وبقية اللاعبين.
من دون صلاح، فإن أرنولد لن يتحرك بكل أريحية على الخط يميناً، كذلك سيحتاج فيرمينو إلى البقاء داخل الصندوق من أجل التسجيل فقط، وهو ما لا يحبه ولا يجيده البرازيلي على طول الخط.
لكن ورغم أهمية صلاح وأدواره رفقة ليفربول، إلا أن ماني هو أفضل لاعب في الفريق ولا يمكن تخيل شكل الفريق ونتائجه هذا الموسم بدونه.
لغة الأرقام ترجح كفة ماني
حقق الثلاثي المرشح للجائزة صلاح ومحرز وماني إنجازات لافتة وكبيرة في عام 2019، تؤهل كل منهم لنيل الجائزة عن جدارة واستحقاق.
فماني وصلاح توّجا مع ليفربول بلقب دوري أبطال أوروبا، كما تشاركا مع الغابوني بيير إيمريك أوباميانغ، جائزة هداف الموسم الماضي من الدوري الإنجليزي برصيد 22 هدفاً.
كما نال الثنائي مع الريدز لقبي السوبر الأوروبي وكأس العالم للأندية.
ويقدم ماني وصلاح مستوى رائعاً ضمن سيمفونية ليفربول المذهلة في الموسم الحالي من البريميرليغ، حيث أحرز كل منهما 10 أهداف بالمسابقة، ليقودا الريدز للصدارة بفارق شاسع عن الملاحقين.
ولكن ماني يتفوق على الصعيد الدولي، بعدما نجح في قيادة منتخب بلاده إلى فضية بطولة كأس الأمم الإفريقية الصيف الماضي، في عقر دار صلاح، الذي أخفق مع الفراعنة في نفس المسابقة لتخرج مصر من ثاني الأدوار لحساب جنوب إفريقيا.
وحل صلاح رابعاً في سباق أفضل لاعب في العالم من الاتحاد الدولي لكرة القدم، وجاء ماني خامساً، فيما تبادل الثنائي المراكز في ترتيب جائزة الكرة الذهبية، فاحتل السنغالي المرتبة الرابعة وجاء المصري خامساً.
وبشكل عام لعب ماني في العام المنصرم مع ليفربول ومنتخب بلاده 61 مباراة في كل البطولات، سجل خلالها 34 هدفاً وصنع 15 أخرى، أما صلاح فخاض 54 لقاءً، أحرز بها 26 هدفاً، و14 تمريرة حاسمة.
فيما لعب محرز 52 مباراة، زار خلالها الشباك 16 مرة، ولكنه تفوق في صناعة اللعب بمنح زملائه 16 تمريرة حاسمة.
"اخترت ساديو ماني في استفتاء الأفضل لأنني أحببته كثيراً. لقد حظي بعام رائع. إنه لأمر مخزٍ أن يحل في المركز الرابع".
ليونيل ميسي
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.