عودة النجوم
يشتمل الدوري الإيطالي الآن على عدد غير قليل من النجوم الذين يقدمون مستويات مميزة، ومن الذين يعتبرون أفضل اللاعبين في مراكزهم حالياً في العالم، أمثال صانع الألعاب الأرجنتيني باولو ديبالا (يوفنتوس)، والمهاجم الأرجنتيني لوتارو مارتينيز (إنتر ميلان)، والدبابة البلجيكية روميلو لوكاكو (إنتر ميلان)، ومتوسط الميدان البوسني ميراليم بيانيتش (يوفنتوس)، والجناح البلجيكي درايس ميرتينز (نابولي)، والمدافع المالي كاليدو كوليبالي (نابولي)، والمهاجم البوسني إدين دجيكو (روما)، والمهاجم الأرجنتيني غونزالو هيغواين (يوفنتوس)، وآخرين لا يتسع المجال لذكرهم جميعاً، بالإضافة أيضاً لعدد غير قليل من اللاعبين الطليان الذين برزت مستوياتهم بشدة مع فرقهم خلال المواسم السابقة، أمثال قلبَي الدفاع ليوناردو بونوتشي وجورجيو كيلليني، والمهاجمين لورينزو إنسيني وتشيرو إيموبيلي، فضلاً عن تواجد النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو في اليوفنتوس، وعودة المهاجم السويدي زلاتان إبراهيموفيتش إلى ميلان.
هذه الأسماء الرنانة والمواهب الفذة، بالإضافة إلى العوامل التي ذكرناها في المقالتين السابقتين، تتضافر لتعيد الحياة إلى الدوري الإيطالي مرة أخرى، وتعلن سيره على الطريق الصحيح لاستعادة مجده السابق كأقوى دوري في العالم، وتعويض فترة تراجعه الكبيرة التي بدأت مع العقد المنصرم، والتي أدت لفقدانه الكثير من رونقه في مقابل لمعان وبريق دوريات أخرى.
تنوع تكتيكي: تيكي تاكا وكاتيناتشو وأفكار مختلفة
من المثير حقاً في النسخ الأخيرة من الدوري الإيطالي قدرته على استيعاب أفكار تكتيكية متعددة وأساليب لعب مختلفة، يمكنك ملاحظة ذلك بمجرد متابعتك لمباريات الفرق الستة التي تتصدر جدول التدريب، أو بعض فرق منتصف الجدول، أو الثلاثة الأخرى التي تتذيله.
يتصدر الدوري يوفنتوس بمدربه الجديد ماوريسيو ساري، هذا المدرب الذي يميل إلى اللعب الهجومي، والتدرج بالكرة من الخلف للأمام باستخدام التمريرات القصيرة، وبناء اللعب والفوز بالاستحواذ والهجوم المنظم. صحيح أنه يعاني حالياً من مخاض تغيير طريقة لعب السيدة العجوز من التحفظ والمباغتة إلى أسلوب الاستحواذ والسيطرة، أو ما يطلق عليه "الكرة الحديثة". ينتهج ساري أسلوب لعب هجومياً واضحاً طبَّقه في السابق بنابولي، ونال عمله استحسان كلٍّ من أريغو ساكي وبيب غوارديولا.
ويسابق إنتر ميلان يوفنتوس في صراع اللقب هذا الموسم، إنتر ميلان العائد مرة أخرى للمنافسة على لقب السكوديتو مع مدربه أنطونيو كونتي الذي ينهج في أسلوبه طريقته الدفاعية التقليدية، بغلق الثغرات وتقليل المساحات والاعتماد على المرتدات والكرات الثابتة في التسجيل في مرمى الخصوم. طريقة أثبتت نجاحها محلياً حتى الآن، فبعد مرور 17 جولة يعتبر النيراتزوري أقوى خط دفاع بالكالتشيو مستقبِلاً 14 هدفاً، وثالث أقوى خط هجوم مسجلاً 36 هدفاً.
نطير الآن للعاصمة روما، حيث لاتسيو بمدربه الصغير القدير سيميوني إنزاغي، الذي تمكن من الفوز على إي سي ميلان ويوفنتوس في غضون أيام قليلة. إنزاغي الذي أعاد البطولات إلى قلعة البيانكوسيلستي مرة أخرى وفاز بثلاث بطولات في موسمين ونصف حتى الآن. ويعتمد سيميوني على اللعب المباشر العمودي، بنقل الهجمة من خط إلى آخر بأقل عدد من اللمسات والتمريرات الممكنة. مع الوصول إلى مرمى المنافسين بالمرتدات السريعة، كتيبة إنزاغي تمتلك خط هجوم نارياً بقيادة الفذ تشيرو إيموبيلي معتمدين على إمدادات الصربي ميلينكوفيتش سافيتش من خط الوسط. لاتسيو يمتلك ثاني أقوى خط دفاع بالكالتشيو مستقبِلاً 17 هدفاً فقط، ويمتلك ثاني أقوى خطوط الهجوم مسجلاً 38 هدفاً هي حصيلة الفريق العاصمي حتى الآن.
أتلانتا وثورة جيان بييرو جاسبريني في بيرغامو، فبعد أن نجح في احتلال المركز الثالث في سلم ترتيب الدوري في العام الماضي وضمان التأهل لدوري أبطال أوروبا لأول مرة في تاريخ الفريق اللومباردي، مازال الفريق محافظاً على أدائه الأنيق في هذا الموسم. وبفضل ذلك الأداء تمكن من بلوغ الدور ثمن النهائي من أعرق البطولات الأوروبية. يعتمد العجوز غاسبيريني على الضغط القوي من أجل قطع الكرة، مع الضغط هناك لعبة التحولات السريعة من الدفاع إلى الهجوم، مع استغلال الأطراف في حالة الاستحواذ، بتواجد أكثر من خيار على الخط، لذلك يهاجم أتالانتا من الأجنحة بنسبة تصل إلى 76% مقارنة بـ24 % في العمق لينوع الهجوم وطرق التسجيل. فالفريق يستطيع التسجيل من خلال بناء المنظم، المرتدات، الكرات الثابتة، وهو أقوى خط هجوم في الدوري الإيطالي حتى الآن بهز شباك خصومه بـ43 هدفاً مع اهتزاز شباكه بـ25 هدفاً.
في وسط الجدول سنجد ساسولو بمدربه الشاب روبيرتو دي زيربي، هذا الشاب الإيطالي الذي يحاول استنساخ طريقة لعب برشلونة مع بيب غوارديولا؛ حيث الاهتمام بالاستحواذ، تعريض الملعب، الضغط العالي، يطالب لاعبيه بالتقدم إلى وسط ملعب منافسيهم واستخلاص الكرة مبكراً وتهديد مرماهم بشتى الطرق. وقد نجح بالفعل في هز شباك كبار الدوري، هدفين في روما ومثلهما في مرمى اليوفي، وثلاثة أهداف في مرمى إنتر ميلان، كما تمكن أيضاً من هز شباك كل من لاتسيو وأتلانتا.
أما عند النظر إلى مؤخرة الدوري، نرى تنافساً ثلاثياً للهروب من شبح الهبوط، الأول هو فريق سبال الذي ينتهج أسلوباً هجومياً في جميع مبارياته مهما كانت قوة الخصم، يعتمد مدرب الفريق، ليوناردو سيمبليتشي، على نهج مشابه تماماً لما يقدمه دي زيربي مع ساسولو، وقد نجح سبال بالفعل في هز شباك مرمى فرق مثل نابولي، أتلانتا، لاتسيو، إنتر ميلان، وروما. الأمر المثير حقاً هو إصرار فريق فيرارا على هذه الطريقة المتهورة طوال الوقت، حتى ولو كلفتهم الهبوط ومغادرة دوري الدرجة الأولى.
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.