في الحقيقة، من الصعب جداً أن أتذكر أول مباراة شاهدتها لصغير السن كبير الأداء، ألكسندر أرنولد. لكنني قادرة على تذكُّر المباراة التي جعلتني أومن بأن أرنولد سيكون من نجوم المستقبل القريب.
موسم 2017-2018 مباراة الذهاب بين ليفربول ومانشستر سيتي، في ربع النهائي بدوري أبطال أوروبا على أرضية الأنفيلد. يومها كان ترنت ألكسندر أرنولد في عامه الـ 19 فقط، وكان يلعب ضده في الملعب ثلاثي ناري مكون من ليروي ساني ودايفيد سيلفا، وكيفن دي بروين الذي كان يميل على جبهته مهاجماً.
يومها قدم أرنولد مباراة دفاعية مذهلة وعظيمة جداً تليق بلاعب متمرس وليس ناشئاً في مقتبل مسيرته الكروية. لم يتهور ولم يهاجم، وبقي متمركزاً في مكانه بصلابة وذكاء. صاحب الـ19 عاماً كان أكثر من اعترض وقطع الكُرات يومها، 9 مرات. وكان أكثر من شتَّت الكرة في المباراة أيضاً. كما فاز بـ5 التحامات ثنائية واعترض الكرة 7 مرات.
في تلك الفترة من مسيرة أرنولد، كان دوره الهجومي بسيطاً جداً ومحدوداً. وعموماً لم يكن مستواه بالدرجة ذاتها من العنفوان والانفجار الذي هو عليه الآن. لم يكن يتقدم هجومياً كثيراً، لكن أداءه كان مُبشِّراً جداً. لكن كانت المشكلة هي أن صلاح لا يعود للدفاع ويتركه وحيداً في مواجهة المد الهجومي للخصوم، وهو ما يجعل من جبهته نقطة ضعف متوقعة. وفي مباراة كبيرة من نوعها مثل تلك التي كانت أمام كتيبة بيب غوارديولا، اختار الصغير أرنولد القرار الأمثل بالبقاء في الدفاع ومواجهة المد الهجومي الأزرق ببسالة.
الموسم الثاني لأرنولد بدأ يتقدم إلى الهجوم تدريجياً، صلاح يدخل إلى العمق، ليُخلي له المساحة على الرواق، يرسل هو تمريرة عرضية متقنة، والنتيجة هي هدف. هذا إلى جانب أدائه أدواره الدفاعية الموكلة إليه.
في موسم 2017-2018، لعب أرنولد 19 مباراة، وكان معدل اعتراضه للكرة هو 1.5 اعتراض في المباراة الواحدة.
في موسم 2018-2019 وفي 29 مباراة، حصل على معدل اعتراض 1.2 اعتراض بالمباراة الواحدة. وفي الموسم الحالي، وخلال المباريات الـ18 الأخيرة، قام بـ1.5 اعتراض للكرة في المباراة الواحدة.
تطور أرنولد جداً على مدار 3 مواسم في طريقة اللعب، خاصة على مستوى الهجوم والتمركز، واجباته الدفاعية الحالية أصبحت أقل من واجباته الهجومية. أصبح اهتمام كلوب الرئيسي هو كيف يستفيد من إمكانات أرنولد الهجومية بأفضل طريقة ممكنة، ويجعله سلاحاً سحرياً يشهره وقتما أراد، ليقلب به الموازين كما فعل ضد ليستر بالأمس.
وهذا لأن الضغط العالي لن يفلح ضد كل الفرق، أرنولد هو أحد أهم حلول كلوب في أي مباراة سواء كانت مغلقة أو مفتوحة. صار يمنحه مقداراً من الحرية في التقدم بتغطية مركزه بلاعب واحد على الأقل، كان فابينيو قبل إصابته، والنتيجة هي أنه أصبح ثاني أكثر لاعب صناعة للأهداف بثمانية أهداف بعد كيفين دي بروين.
كما أن إحصائية التمريرات المفتاحية أو ما يُعرف بالـkey passes، دليل على تطوره المذهل هجومياً ومقدار الحرية التي نالها. مقارنة بآخر 3 مواسم، من ضمنها الموسم الحالي، في موسم 2017-2018، دلت إحصائياته على أنه يقوم بـ1.3 للمباراة الواحدة. وفي موسم 2018-2019، ارتفعت النسبة إلى 1.7 بالمباراة الواحدة، أما في الموسم الحالي، فلقد تضاعفت إلى 3.1.
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.