حارس المرمى العصري، هو اللاعب رقم واحد وأول صناع اللعب في الفريق. تحول حارس المرمى من خانة رد الفعل إلى الفعل والمبادرة. أصبح الحارس المميز هو الذي يجيد التصرف بالكرة ويوجهها كيفما شاء بدلاً من الاكتفاء بصدها وردها بعيداً عن مرماه.
في هذا الإطار يقدم حارس المرمى نفسه للمدافعين كمحطة ونقطة ارتكاز. ليساعد في عملية بناء الهجمة، ويتمركز خارج مرماه ليستلم التمريرات من زملائه في الفريق، ويساهم في خلق حالة التفوق العددي، لتصبح المباراة وكأنها مواجهة بين 11 لاعباً ضد 10 لاعبين.
يضع الحارس نفسه على مسافة تصل إلى 16 متراً أمام مرماه ويتحرك أفقياً ذهاباً وإياباً، ليمنح المدافعين الأساسيين نقطة انطلاق مثالية. المدافعون المركزيون في الغالب لا ينتشرون فقط على نطاق واسع جداً، ولكنهم يضعون أنفسهم أيضاً في وضع أدنى، ما يعني أنهم يتصرفون تقريباً على التوالي.
في الحالات القصوى، تحدث مثل هذه التجاوزات حيث يقف المدافعون المركزيون بالقرب من خط المرمى، بالقرب من الراية الركنية، بينما يقدم حارس المرمى نفسه على حافة مربع العمليات.
وفي حال انتقال الكرة من طرف إلى طرف، يعتبر حارس المرمى جزءاً كاملاً من هذه الحركة، لأنه ينتقل إلى جانب الكرة المقصود.
حالياً، تتجه العديد من الفرق لتوجيه مهاجميها عند نقاط البداية المحتملة وانتظار حارس المرمى لركل الكرة.
في هذه الحالة، يجب على الحارس أن ينتظر الحركة المناسبة لزملائه في الفريق. إذا لم يتمكن زميله من خلق مكان لاستلام الكرة، فيمكن للخصم أن يشكل خطراً في كثير من الأحيان.
ومع ذلك، فإن الخطر أمر لا مفر منه أيضاً، إذا كان الدفاع مرتفعاً، بمعنى أن تسلم الخصم المساحة، هنا يتوجب على الحارس الانتظار، حتى يغري الخصم، ثم يدمره بشكل مثالي بتمريرة تضرب خطوط ضغطه العالي.
ذلك الموقف يصبح خطيراً فقط، إذا لم يكن لدى حارس المرمى الدقة اللازمة والذكاء، يمكن أن تكون التمريرات ذات الدقة الضعيفة خطيرة للغاية، بسبب الوقوع في مصائد الضغط.
وبالحديث عن ذكاء اللعبة، فإن الركض الحر الضعيف يؤدي إلى طريق مسدود للمدافع المركزي المضغوط، والذي بدوره يمكن أن يؤدي إلى خسائر في الكرة وتعرضه لمواقف فردية.
ومع ذلك فإن حارس المرمى العصري، يسيء تقديرنا لقيمة اللعبة، فمن خلال توقعه وتصرفه، ينزع فتيل الفرص الخطرة بشكل مثالي قبل ظهورها، وهو الأمر الذي يؤدي إلى رؤية فرص أقل.
تحولت قيمة حارس المرمى في العصر الحديث من قدرته على الذود عن مرماه ببسالة وإتقان وأن يكون حائط صد منيعاً إلى قدرته على تمرير الكرة بنجاح والتمركز كمدافع إضافي وفي بعض الأحيان صناعة اللعب والأهداف كما يفعل كل من إيدرسون حارس مانشستر سيتي، وتير شتيغن حارس مرمى برشلونة.
ومن أوائل الحراس الذين اتبعوا هذا الأسلوب فيكتور فالديز في حقبة غوارديولا مع برشلونة، وأشهرهم في العقد الحديث الألماني مانويل نوير.
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.