هي لغتي التي أكتب بها منشوراتي وحكايات مخيلتي، بها أخاطب عالمي الفسيح، وبها أحصل على ما أريد، وكلما ازددت هياماً ولوعة بجمالها ازدادت محبة الناس لي ، ومن كل أصقاع الأرض، لكن قد أموت دون عناقها، كما مات من قال عند موته:
سمعنا أطعنا ثم متنا فبلغوا
سلامي لمن كان للوصل يمنع
بدأت بعشق معلمتي عام 1993، حين كنت أدرس الأبجدية في مدرسة القرية، بريف تعز، وكان لأمي (كفاية) الحبيبة أثر في تعلقي بها، وقد كانت تسمعني الأساطير، بأسلوب بلاغي بديع، ولكأني أمام مذياع عربي حصيف فصيح.
نما حبها وسرى في كياني، وارتوى بـ "قِفا نبك"، ودار مية بالعليا فالسند ولقد أشبعت نهمي من أشعار الجاهلية، وقرأت كثيراً في دواوين العرب الأقحاح، لكني ما زلت متحسراً أني دون مستواها، لا أمتلك طموحاً كطموحها، فهامتها تعانق النجوم، وبأدبها تزين أشرف العلوم.
ما أنا حبيبي وسط داري يحوم
كأنه عندي كل ضوء النجوم
والنهر والزهر وقطر الندى
ورونق الشمسِ وظل الغيوم
أهداف سيّدتي كبيرة جداً، ومفرداتها وأمانيها كثيرة، وتكاد لا تحصر، وقد أكون أحد معاولها في سبيل رقيها وازدهارها دون أن أعلم، فأحياناً أفكر أن من أمانيها الكبيرة التي تسعى لتحقيقها أن تصيرني كاتباً كبيراً، وأديباً يشار له بالبنان، ثم تنتابني ضحكة على أن أكون كذلك!.
عندما أتحدث بلسانها أحس لريقي بحلاوة، وأحس أني أنهل وأرضع شذرات علمها، في أكبر جامعة عرفها التاريخ…
معلمتي الجميلة، هي كل هذا الكون الفسيح، هي الهواء، وهي الماء، وهي القلب الذي ينبض، ويشعرني أني ما زلت حياً أرزق من لؤلؤ ومرجان بحرها.
ثمة مشاعر خوف تنتابني عند اللقاء بها، ولكم أخاف أن تمل من كلامي، والذي أكثر منه يوماً بعد آخر، تبدو كليلة قدر، وهي كذلك فهي خير من ألف فتاة ولغة.
هي لغتي التي تحدث بها جدي إسماعيل عليه السلام، هي العربية، وهي السلام، والضياء، وسلام هي، معلمتي ومرشدتي وسيدتي.
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.