لم يُحقق الفريق قبل ذلك أي إنجاز يُذكر سوى بطولة كأس إيطاليا يتيمة موسم 1962/63، وقد وصل الفريق في الموسم الماضي إلى نهائي نفس الكأس بعدما قام بهزيمة إي سي ميلان في نصف النهائي، ولكنه خسر النهائي أمام لاتسيو.
رئيس برتبة خبير مستحضرات تجميل
تسلم أنطونيو بيركاسي رئاسة النادي في موسم 2010/11 وقاد الفريق إلى الصعود إلى دوري الدرجة الأولى واستطاع خبير الماركات العالمية والمستثمر المتخصص في مستحضرات التجميل، أن يقود أتلانتا لتقديم مستويات مميزة وتقديم كرة قدم جميلة يشهد لها جميع الفرق والمدربين في السيريا إيه، جسدها أخيراً بالتأهل لدوري الأبطال، بعد قصة كفاح عظيمة كتبها مَن ترأس الفريق قبل ذلك لمدة أربعة أعوام 1990/94، واستقال بعد هبوط فريقه، ثم عاد ليقوده للتأهل لأعرق البطولات الأوروبية.
ملامح المعجزة
تألُّق أتلانتا اللافت في الموسمين الماضيين ليس بعجيب أو غريب على متابعي وعشاق الكالشيو، فقد تمكن أتلانتا من حجز مقعده في الدوري الأوروبي آخر موسمين. في عام 2017 خرج من دور الـ32 بسيناريو دراماتيكي أمام بروسيا دورتموند، بعد أن خسر ذهاباً في ألمانيا بنتيجة 3/2، ومن ثم تعادل في إيطاليا 1/1 وكان الأحق والأقرب بالتأهل، ولكن كعادة حال المستديرة، لا أمان لها. وفي تلك النسخة من البطولة استطاع الفوز على نادي إيفرتون 5/1 و3/1 ذهاباً وإياباً. وفي الموسم قبل المُنصرم خسر الترشح للدوري الأوروبي أمام كوبنهاغن بركلات الترجيح.
وبعد خمس سنوات من الصعود وضمان البقاء في الدوري، بدأت تتشكل معالم الطفرة والجموح في مدينة بيرجامو التي بدا وكأن أبناءها يلامسون السماء لحدوث المعجزة.
في موسم 2016/17 حقق الفريق المركز الرابع، ولكنه لم يتأهل لدوري الأبطال؛ لأن الدوري الإيطالي كانت يمتلك 3 مقاعد فقط في البطولة.
وفي موسم 2017/18 حقق المركز السابع بسبب بعض التخبطات، لكن الفريق عاد وأكد أحقيته وتميزه وطفرته في موسم 2018/19 بالمنافسة على مقاعد التأهل لدوري الأبطال وتحقيق المركز الثالث.
معايشة المعجزة
وبالرغم من بيع الفريق نجمه الأول كريستانتي لمصلحة روما، استطاع
أتلانتا المحافظة على نسقه وأدائه الجماعيّ الجماليّ وكان الحصان الأسود الذي
يخشاه الجميع. ويصبح الآن أحد أعمدة الدوري وأحد ممثلي الكالشيو في أوروبا. ربما
يقول البعض إن ما حدث هو نتيجة لضعف مستوى باقي الفرق وتراجع مستوى الدوري
الإيطالي ككل في العقد الأخير من الزمان. سواء تذبذب مستوى ذئاب العاصمة روما أو
اختفاء إنتر ميلان عن الساحة وتعثر إي سي ميلان المستمر والمتكرر. ولكن كل ذلك لا
يقلل من شأن ما فعله السيد غاسبريني رفقة الفريق وإيقاظ لغرينتا الطليان لدى لاعبيه.
لقد استطاع التأهل بأسماء متواضعة وبلا خبرة تماماً وبسيناريو إعجازي إلى دور
الـ16 من دوري أبطال أوروبا. يكفينا التذكير بأنه بعد انتهاء جولات الذهاب تذيَّل
الفريق مجموعته برصيد صفر من النقاط.
من كان يتوقع حينها أن يُحلق الرجل الستيني للدور الثاني بعد تحقيق نقطة يتيمة في
أولى أربع جولات؟
بدا للناظرين والمتابعين أن تجربتهم انتهت قبل أن تبدأ حتى، لكن القصص المثيرة التي تُسطرها الأرواح المثابرة تأبى أن تنقضي أو تفقد ذروتها قبل إثبات ذاتها، عاد الفريق المقاتل دون هوادة بخطف نقطة ثمينة من مانشستر سيتي بالتعادل معهم بهدف لمقابله، ثم حصد 3 نقاط من دينامو زغرب على ملعبهم بهدفين للاشيء، وبآخر مباراة بدور المجموعات استطاع رفاق السير غاسبريني خطف بطاقة التأهل بالفوز على شاختار دونيتسك من قلب أوكرانيا بثلاثة أهداف نظيفة، ليستضيف ملعب سان سيرو مباراة ذهاب دور الـ16 ولكن ليس ممثلاً بقطبي ميلانو بل أتلانتا.
الداهية المغمور
يعتبر المدرب الإيطالي جيان بييرو جاسبيريني المنُطلق من وحل الانتقادات إلى عنان الفرحة من العلامات الفارقة مع أتلانتا. بدون صفقات كبيرة وبجودة لاعبين ضعيفة، وبلا خبرات سابقة وبإمكانيات محدودة، خلق غاسبريني فريقاً يتمتع بالتناغم والصلابة، وتمكن من هزيمة ميلان وروما ونابولي على أرضهم وتعادل مع اليوفي في الموسم السابق. وقد كان غاسبريني قريباً من الإقالة في موسم 2016/17 بعد موسم واحد من توليه مهمة تدريب الفريق في 2016، ولكن صبرت الإدارة عليه وأعطته فرصة أخرى للاستمرار.
وبالفعل آتت فلسفة هذا المدرب وفِكره وحِنكته مع ثقته بفريق متوسط العتاد أُكلها ومنحت لاعبيه طابعاً مميزاً، وأصبح يلعب كمجموعة واحدة يُكمل بعضها البعض لا تستطيع بسهولة تحديد مَن هو العنصر الأهم أو الأخطر بينهم.
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.