في أكتوبر/تشرين الأول، جرت مباراة ملحمية على ملعب الآنفيلد بين سالسبورغ النمساوي وليفربول. استطاع الريدز في تلك المباراة زيارة شباك الخصم في ثلاث مناسبات خلال36 دقيقة فقط، قبل أن تحدث المفاجأة، وينجح الفريق النمساوي بتقليص الفارق في البداية بعد ضغط هجومي كبير واستطاعوا تعديل النتيجة. كانت الريمونتادا وشيكة وحلم الفوز على بطل أوروبا قريباً، لكن محمد صلاح أطاح بكل تلك الأحلام الوردية وأهدى فريقه ثلاث نقاط بأعجوبة.
في مباراة العودة التي احتضنها ملعب ريد بول أرينا في النمسا، كان الوضع مختلفاً تماماً عن المباراة الأولى، فكِلا الفريقين مطالب بتحقيق الإنتصار من أجل نيل بطاقة التأهل للدور المقبل. كان الفائز من هذه المباراة بانتظار أن يُفرش له البساط الأحمر، لينضم للائحة الفرق المتأهلة لدور الـ16. أما الفريق الخاسر، فكان أمام توديع هذه البطولة، قبل أن تحتضنه البطولة الرديفة في أوروبا اليوروباليج. كان كلوب أمام خيارين لا ثالث لهما، إما أن يرضخ للهزيمة ويسمح للفريق النمساوي بكتابة التاريخ، أو أن يُجهز فريقه من أجل ضمان بطاقة التأهل. بالتأكيد انتقى المدرب الألماني الخيار الثاني، لكن المهمة لم تكن بتلك السهولة.
دفاع نمساوي مبتكر
منذ الدقيقة الأولى، أظهر لاعبو سالسبورغ شراستهم في عملية افتكاك الكرة وذكاءهم في إغلاق جميع المنافذ عندما يقوم لاعبو ليفربول ببناء الهجمة من الخلف. فقد كان يتوجب على المهاجم الضغط على المدافع الذي بحوزته الكرة، بينما يقوم زملاؤه بتضييق الخناق على الأظهرة وإغلاق المساحات في العمق وذلك من أجل إجبار المدافع على لعب كرات طويلة وحرمان ليفربول بناء الهجمة بالطريقة التي يحبونها. رغم ذلك وبسبب جودة لاعبي ليفربول العالية في التمريرات الطولية، كاد ليفربول يحرز هدفين على الأقل في الشوط الأول، لكن محمد صلاح تفنن في إهدار فرصتين محققتين للتسجيل.
شراسة سالسبورغ في افتكاك الكرة وإغلاق جميع المساحات هي أكبر مميزات الفريق. وهذه الميزة كانت بمثابة سلاح سري يتم اللجوء إليه عندما يخسر الفريق الكرة من جهة، أو عندما يقوم لاعبو ليفربول بلعب تمريرات على نطاق أوسع من جهة أخرى. وفي هذه الحالة، توجَّب على هندرسون لعب دور المدافع الوهمي، وذلك من أجل استلام الكرة والخروج بها لبناء هجمة تفيد الفريق.
النجاة من ضغط سالسبورغ
كان لابد من الحلول الفردية أن تحل هذه الأزمة التي أحرجت ليفربول في هذه المباراة. لذا لعب العديد من اللاعبين دور الأبطال الشجعان، خصوصاً أولئك الذين يجيدون اللعب في المساحات الضيقة مثل نابي كيتا، ماني وفيرمينيو. فقد لعب الأخير دوراً مهماً بعودته إلى الخلف وتقديم المساعدة في عملية بناء الهجمة والنجاة من الضغط. وعلى الرغم من كونه مراقباً، فإنه يعرف تماماً كيف يتحرك في المساحات الضيقة كما ذكرت سابقاً.
كلوب يبني جداراً
من المثير للاهتمام اعتماد كلوب على شكل 4/3/3 في هذه المباراة في الحالة الدفاعية. الاعتماد على هذا الشكل صعّب الأمور أكثر على الفريق النمساوي، خصوصاً أن لاعبي الريدز قريبون من بعضهم البعض ولا توجد مساحات في العمق تتم الاستفادة منها.
إعلان حالة الطوارئ
توجب على كلوب أن يُغير خطته الهجومية في الشوط الثاني، لذلك انتقل الى شكل 4/2/3/1. لعب صلاح كمهاجم وفيرمينيو خلفه، بينما لعب ماني على اليسار وكيتا على جهة اليمين. هذا الشكل حرم لاعبي الوسط من أدوارهم الهجومية بعد أن مُنحوا المساحات في العمق. استحوذ ليفربول أكثر على وسط الملعب ونجح بقتل ضغط سالسبورغ المزعج شيئاً فشيئاً. الفريق الإنجليزي تسيد أرض الملعب بعد أن افتقد ذلك الشعور في الشوط الأول.
خطط كلوب أتت بثمارها ونجح في انتزاع بطاقة التأهل بسبب ذكائه ونوعية لاعبيه. وحرم سالسبورغ من كتابة تاريخ جديد لكرة القدم النمساوية، بعد ليلة كان من الممكن أن يتغنوا بها طويلاً، لكن المدرب الألماني فرض كلمته وأكد أنه بطلٌ لا يُقهر بسهولة.
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.