قرأت ذات مرة عمَّا يسمى بالقرين. والقرين لغة هو ذلك الشيء الذى يلازم الإنسان أينما ذهب، في كل مكان، ويتعلق به بشكل مفرط. والقرين هو مخلوق لا يرى بالعين المجردة، ولا يُحرق، ولا يموت لأنه مقرون بالإنسان في الدنيا. وخلقه الله لإتمام المقارنة وتحقيق المعادلة بين اتباع الإنسان للحق أو الباطل. والقرين يشبه الإنسان في تصرفاته وصوته ونبرته، وله تأثير كبير على الإنسان وأحلامه، ويسيطر عليها، فهو الذي يجعل أحدنا يتذكر الحلم أو ينساه.
ويقال إن القرين هو من يتكلم عند تنويم الإنسان مغناطيسياً، وهو الذي يغوص في أعماق أي إنسان أمامك، ويعود لك بالرد أو يُشعرك بانفعال الارتياح أو النفور عند التنبؤ بالحاسة السادسة.
وقرأت أيضاً أن للقرين بعضَ التصرفات الغريبة، مثل أنه يحتضنك عندما تبكي وحدك، ﻭﻫﺬﺍ ما ﻳﺴﺒﺐ ارتفاعاً ﻓﻲ ﺣﺮﺍﺭﺓ ﺟﺴﻤﻚ. وﺍﻟﻘﺮﻳﻦ ﻻ ﻳﻨﺎﻡ، ﻟﻜﻨﻪ ﻳﺘﺠﻮﻝ ﻓﻲ ﺍﻟﻐﺮﻓﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻨﺎﻡ ﻓﻴﻬﺎ ﺑﻌﺪ ﻧﻮﻣﻚ، ﻭﻗﺪ ﻳﻮﻗﻊ ﺷﻴﺌﺎً ﻋﻦ ﻋﻤﺪ ﻹﻳﻘﺎﻇﻚ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺸﻌﺮ ﺑﺎﻟﻤﻠل.
وتقول الأسطورة إن ﺍﻟﻘﺮﻳﻦ ﻻ ﻳﺒﻜﻲ ﺇﻻ ﻣﺮﺓ واحدة في ﺣﻴﺎﺗﻪ، ﻭﻫﻲ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻤﻮﺕ ﺻﺎﺣبه. وإذا دخلت في شجار عنيف ﻣﻊ ﺃﺣﺪهم ﻭﺳﻘﻂ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺸﺨﺺ ﻣﺮﻳﻀﺎً ﺑﻌﺪﻫﺎ ﺑﻴﻮﻡ فربما ﻗﺪ ﻳﻜﻮﻥ ﺑﺴﺒﺐ ﻗﺮﻳﻨﻚ، ﺍﻟﺬﻱ ﺫﻫﺐ ﺇﻟﻴﻪ واﻧﺘﻘﻢ ﻟﻚ ﻣﻨﻪ. وﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺴﺘﻴﻘﻆ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﺎﻋﻪ الثانية أو الثالثة ﻓﺠﺮﺍً من ﺪﻭﻥ ﺳﺒﺐ ﻓﻬﻨﺎﻙ ﺍﺣﺘﻤﺎﻝ أنه ﻳﻮﺟﺪ ﻣﺨﻠﻮﻕ ﻳﺮﺍﻗﺒﻚ.
وقرأت في سطور أخرى عمَّا يسمى بـ "توأم الروح"، وهي الروح التي انبثقت منها وانبثقت منك في عالم آخر، عالم ما قبل الحياة نفسها، روح تتجسد في شخص، تظل طوال حياتك تبحث عنه، تحدد ملامحه وصفاته في خيالك.
تقول إحدى النظريات الروحانية إننا كنا في عالم الأرواح نعيش كأرواح لم نجئ إلى الدنيا بعد، وكانت للأرواح فيما بينها تحالفات وتعارف وتتآلف مع الأرواح الشبيهة بها فهي متجانسة ومتناغمة. والأرواح تتفق فيما بينها على أن تتقابل في الأرض لتحقيق مهمة ما أو لكي تتعلم درساً معيناً.
وتوأم الروح هو نصفك الآخر، حيث يمنحك الكمال ويدلك دائماً على الطريق الصحيح، وعندما تخطئ يعيد إليك صوابك، إنه مثل الصديق المقرب، وهو أكثر شخص يعرفك ويفهمك أكثر من أي شخص في العالم، وهو شخص يدفعك لأن تكون أفضل ويحفزك ويمدك بالطاقة الإيجابية، ويسعى لتحقيق شغفك ويلهمك على الدوام. توأم الروح يعرفك ويتقبلك ويثق بك قبل أن يثق بك أي شخص آخر وعندما لا يفعل أحد ذلك يبقى معك إلى الأبد فمهما حدث لن يتركك.
فى حقيقة الأمر لنا فى هذا العالم مخلوق يشبهنا إلى حد كبير، ويرافقنا دائماً، ربما مخلوق خفي مثل القرين أو مخلوق واقعي لم نلتق به بعد. فهناك إنسان في بقعة ما يعرفنا جيداً، يراقبنا عن كثب، يراقبنا في صمت. ويحفظ تفاصيلنا الصغيرة قبل الكبيرة، ويعرف ملامحنا ويلاحظ تقلب مزاجنا. وربما يقرأ ماذا نكتب ويحاول فهم حالتنا ويعرف ماذا نحب وماذا نكره. يعرف اهتماماتنا ويحس بمشاعرنا ويستشف أفكارنا ويفسر أحلامنا، ويعرف أمنياتنا.
له دور مهم فى حياتنا لكن خلف الكواليس، إنه البعيد القريب والغائب الحاضر. إنه الدرع الواقي الذي يتصدى للهجمات فى غيابنا، ويحفظ حقوقنا ويتحمل عنا أذى الكارهين والمتآمرين. قد نتعرض لأذى وننسى لكنه لا ينسى من آذانا، لا ينسى من جرحنا، ولربما ينتقم لنا ولو بعد حين. إنه يعمل كالجندي المجهول الذي يحارب لأجل لحظة فرح أو سعادة لنا. كالملاك الحارس لا يتوانَى عن رعايتنا بصمت ومحبّة دون أن يفرض نفسه، إنه الصديق السري والغامض، الصديق اللهو الخفي. الذي يحيطنا من كل جوانب حياتنا. إنه ليس حبيباً أو عاشقاً ولا شريك حياة، لكنه لنا بمثابة حب عظيم واهتمام وحياة!.
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.