في هذه الفترة الصعبة التي يمر بها رغم تحقيق الانتصارات، من المقبول جداً القول إن يوفنتوس يعاني.
كل مَن يتابع الفريق عن كثب وقرب، يتساءل: هل المشكلة في الخطة؟ أم في المدير الفني ساري؟ أم في اللاعبين؟ أم هي مشكلة لها أطراف متعددة، كضعف اتزان الفريق وضعف التواصل بين أفراد المنظومة، والأهم من ذلك.. هو التساؤل عما إذا كان هنالك تضارب في الأدوار؟ وهو أسوأ ما قد يحدثُ لمدرب.
يجلس الآن ماوريسيو ساري على كرسيه الوثير، ليحلل كل فيديو يقع أمام ناظريه، ينطلق من وضعيات لاعبيه وتمركزهم، إلى وضعيات المنظومة الجماعية للفريق، نهاية بالانتشار السلبي، والاختيارات السيئة والأدوار الموكلة للاعبين، التي يقررها هو بنفسه، فإن كان من أحد يتحمل المسؤولية الأكبر، فهو أنت سيد ماوريسيو.
وأنا أعلم جيداً أنك لن تقرأ هذه الكلمات، إلا أنني سأدلو بدلوي ولو كان صغيراً. مشكلة يوفنتوس مع ساري هي قناعاته بأدوار للاعبين لم يقدم أي منهم الدور المطلوب لتشكيل المنظومة المنسجمة والمتوازنة والمتجانسة، فهناك انسجام التوقيت، وتوازن الخطوط، وتجانس الأفراد.
ضد فريق أتلانتا غاسبيريني أنت مقيد برقابة 1ضد1، الكل يجري وراء الكل حتى يخرج من منطقة الخطر، يؤدي الفريق ككتلة، ويمنع بالرقابة العالية أي تحرك فردي مرتجل، فيزعجونك بالضغط العالي، وبتكبيل اللاعبين بالرقابة طوال الوقت.
كلاعب أمام فريق يدربه غاسبيريني عليك أن تتحرك بسرعة وبديناميكية عالية، مع دوران وهروب، عليك أيضاً أن تكون جيداً بالكرة وبدونها، والأخيرة أهم. يضاف إلى ذلك أن عليك التحكم بجسدك بمهارة عالية. وعليك التمتع بمهارة عالية في المراوغة؛ لأن الإحصائيات تخبرنا أن أتلانتا هو أقل فريق تمت مراوغة أفراد منظومته في الدوري الإيطالي.
نداء الماضي
يمكننا أن نقلب طاولة الحديث مع استمرار الموضوع، وهذه المرة سأعود إلى الجنوب، في نابولي مع خطة الــ4-3-3 كان ماوريسيو يملك أطرافاً تزعج أظهرة الخصم، ولاعبي خط وسط يتحرك في هرمهما ثالث يفك اللعبة من العمق، لذلك دائماً يغير الفريق نسق اللعب مستغلاً تدويراً سريعاً في الثلث الأخير.
هذا دون إغفال أهم نقطة وهي جودة الفريق العالية تحت الضغط وهدوئه في الاستحواذ على الكرة. وإذا واجه خصماً مميزاً في موقف 1ضد1، نجد ذلك النسق السريع الممزوج باللعب العرضي والعمودي، سواء بالكرات الطويلة أو التمريرات القصيرة لتجاوز الضغط وفك التكتلات الدفاعية. وأشير أيضاً هنا إلى أهمية التوقيت الخاطف، فكلما استحوذت على الكرة أنت معرض لمزيد من الضغط حتى تنفجر.
دون مقدمات
على العهد وعلى الوعد، ساري ضد غاسبيريني قبل ثلاثة أيام، فوز شاحب وانتصار غير كامل، بل هو صنعة أفراد، دون عمل واضح من المنظومة. وهذا ما لم يأتِ ماوريسيو ساري إلى تورينو من أجله، فلا لعبة حديثة يشاهدها عشاق اليوفي، ولا كرة عصرية يعاينها الخبراء، إنها أطلال الماضي فقط.
نشاهد هنا في الصورة رقابة الــman-to-man وهي لقطة معتادة عند مواجهة أتلانتا، فغاسبيريني ذو عقيدة ثابتة لا تتزحزح. وأفشل يوفنتوس فشلاً ذريعاً في المرور من هذه الوضعية ليتحول اللعب سلبياً في أغلب الفترات.
ويمكننا إرجاء الفشل أولاً إلى ضعف منظومة اليوفي في الاستحواذ والتمرير وقيادة الكرة وتحويل اللعب من جهة لجهة، وثانياً إلى ضعف الانتشار وقلة زوايا التمرير المتاحة في خطَّي الوسط والهجوم.
في خضم هذا.. يجب على ساري أن يعلم أنه ولحد الساعة يفشل في تورينو ولو أن الحكم مبكر. لكن خطة الــ4-3-1-2، قتلت الفريق، لأن الأطراف بها غير موجودة، واستغلال المساحات خلف الأظهرة منعدم، وغالباً ما تتجه الكرة فيها إلى العمق المغلق، ويسهل أيضاً اقتناصها من اللاعبين غير المجيدين للاستحواذ على الكرة، فتسقط في فخ عدم الانسيابية.
النقطة الأخيرة، على ساري أن يعيد الخطة إلى الــ4-3-3 أو الــ4-2-3-1 مع بيانيتش وبينتانكور كارتكازين غير صريحين، فالأول هو الأساس، والثاني هو المساند، مع رامسي أو ديبالا كصانع لعب، مع تحويل اللعبة إلى الأطراف. لكن هذا سيتطلب مجهوداً كبيراً؛ لأن حينها سيتوجب على ساري إيجاد ظهيرين مميزين شابين في حطام الفريق.
لكن يبدو حتى اللحظة أن ساري مشغول بحرق السجائر أكثر من حرق خطط الخصوم.
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.