تتواصل معاناة اللاعب الدولي الجزائري رياض محرز من تهميش مدربه في نادي مانشستر سيتي الإنجليزي، بيب غوارديولا، للعام الثاني على التوالي. وذلك على الرغم من البداية القوية والمتألقة للنجم العربي في الموسم الجاري، والتي كانت توحي بأنّ الأمور ستكون مختلفة مقارنة بما كانت عليه في السنة الماضية. خاصة مع إصابة الجناح الألماني ليروي ساني التي ستبعده حتى نهاية الموسم.
لكن محرز غاب أو غيّب عن مباراة قمة الجولة الـ 12 من الدوري الإنجليزي التي جمعت فريقه مانشستر سيتي مع مضيفه ليفربول، الأحد 10 نوفمبر/تشرين الثاني، على ملعب "أنفيلد" وانتهت بهزيمة السيتزنز أمام الريدز بنتيجة ثلاثة أهداف لواحد. حيث فضل المدرب الإسباني غوارديولا إبقاء رياض على دكة الاحتياط في قرار فتح الباب أمام عدة تأويلات وانتقادات من طرف المراقبين والمحللين وحتى جماهير مانشستر سيتي.
سنترك التأويلات جانباً ونعود اليها لاحقاً بعد الحديث عن الانتقادات التي كانت أبرزها تلك التي جاءت على لساني كل من جمال بلماضي مدرب المنتخب الجزائري، وجوزيه مورينيو المدرب السابق في الدوري الإنجليزي الممتاز، خاصة بعدما برر غوارديولا عدم الاعتماد على الجناح العربي في لقاء ليفربول بأنّ تلك المواجهة "لم تكن مباراة محرز".
بلماضي ومورينيو يدافعان عن النجم الجزائري
وقال بلماضي، على هامش المؤتمر الصحفي الذي عقده الثلاثاء 12 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، قبيل مباراة الجزائر وزامبيا لحساب تصفيات كأس أمم إفريقيا لكرة القدم 2021: "لا أريد انتقاد غوارديولا أو الدخول معه في صدام، لكني أعتقد أنّ محرز كان بإمكانه تقديم الكثير في مباراة ليفربول الأخيرة، وحتى في المواجهات السابقة".
وعلى الرغم من أنّ المدرب الجزائري أشار إلى أنّه لا يريد "انتقاد" غوارديولا إلّا أنّ كلامه كان انتقاداً صريحاً لطريقة تعامل المدرب الكاتالوني مع النجم الجزائري خاصة عندما تابع تصريحه قائلاً: "أخشى أن يتأثر رياض بما يحدث له في مانشستر سيتي، أعلم أنه لا يعاني من ناحية المنافسة، خاصة أنه يلعب كل أسبوع، ولكن محرز من نوعية اللاعبين الذين يحبون المشاركة دائماً، فهو يعشق كرة القدم، ومن الطبيعي أن يتأثر عندما لا يلعب بانتظام.. لا أريد خلق مشاكل لرياض مع مدربه، لكني أعتقد أنه يستحق أفضل من هذا".
ومن جهته، أوضح البرتغالي جوزيه مورينيو، في تحليله للمباراة على قنوات "سكاي سبورتس" أنّ مشاركة محرز كانت كفيلة بإيقاف خطورة جناحي ليفربول ألكسندر أرنولد واندي روبرتسون اللذين شكلا خطورة دائمة على خط دفاع مانشستر سيتي بكراتهما العرضية المتقنة والدقيقة، كما أنّ رياض يملك حلولاً فنية متعددة كان من الممكن جداً أن تساعد فريقه على التحكم في نسق المباراة.
بداية جيدة توحي بموسم أفضل من سابقه ولكن..
اسمحوا لي بتأجيل التأويلات مرة أخرى إلى ما بعد التطرق لأرقام محرز مع مانشستر سيتي في الموسم الجاري ومقارنتها بتلك المسجلة في الموسم الماضي.
شارك محرز في الموسم الحالي (2019-2020) في 8 مباريات في الدوري الإنجليزي الممتاز، سجل خلالها هدفين وصنع 3 أهداف أخرى، كما خاض 4 مباريات في دوري أبطال أوروبا لكرة القدم، سجل فيها هدفاً واحداً وقدم 3 تمريرات حاسمة، في حين شارك في مباراتين لمسابقة كأس الرابطة الإنجليزية المحترفة لكرة القدم دون أن يسهم في أي هدف.
ومن خلال هذه الأرقام يبدو أنّ محرز في طريقه لإنجاز موسم أفضل من سابقه على الرغم من عدم كسبه الثقة الكاملة للمدرب غوارديولا، بحيث كان اللاعب الجزائري قد شارك طيلة الموسم الماضي (2018-2019) في 27 مباراة للدوري الإنجليزي الممتاز، من بينها 14 كلاعب أساسي، و13 لقاء كبديل، بمجموع 1338 دقيقة، سجل خلالها 7 أهداف، وقدم 4 تمريرات حاسمة.
وخاض محرز في الموسم الماضي أيضاً، 4 مباريات لمسابقة كأس الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم، سجل خلالها هدفين، وقدم تمريرة حاسمة واحدة، كما خاض 5 مباريات في كأس الرابطة الإنجليزية المحترفة لكرة القدم، سجل فيها هدفين وصنع ثلاثة أهداف أخرى. وشارك في 6 مباريات لدوري أبطال أوروبا سجل خلالها هدفاً واحداً، وقدم 4 تمريرات حاسمة.
تاريخ "مريب" لغوارديولا مع اللاعبين الأفارقة
نصل الآن إلى التأويلات بخصوص "التهميش المتقطع"، أي التهميش لفترات متقطعة وغير مستمرة الذي يعاني منه محرز من مدرب السيتي، وأبرز هذه التأويلات التساؤل المشروع والبريء وبدون أي خلفية حول ما إذا كان الجزائري رياض يعاني من "عنصرية" الكاتالوني غوارديولا، خاصة أنّ تاريخ هذا الأخير يتضمن سوابق واتهامات مماثلة في تعامله مع لاعبين آخرين خلال مساره التدريبي.
وقد اتهم غوارديولا في السابق بالعنصرية تجاه اللاعبين الأفارقة، حيث أشرف، قبل رياض محرز، على أربعة لاعبين بارزين من القارة السمراء، كانت علاقته بهم باردة حتى لا نقول متوترة.
ففي عام 2008 تم تعيين بيب غوارديولا مدرباً جديداً لنادي برشلونة الإسباني، أين وجد في صفوف الفريق الكاتالوني المهاجم الكاميروني صامويل إيتو، لكن هداف منتخب "الأسود غير المروضة" غادر "البرسا" في العام الموالي بعد شجارات عديدة مع مدربه.
وعلى غرار إيتو، فإن الإيفواري يايا توريه كان ينشط في صفوف برشلونة لما قدم غوارديولا إلى الفريق، لكن في سنة 2010 وبعدما تأكد نجم منتخب "الفيلة" من فقدان منصبه الأساسي في خط وسط الميدان لفائدة الإسباني سيرجيو بوسكيتس قرر الرحيل نحو نادي مانشستر سيتي.
وشاءت الصدف، بعد 6 سنوات، أن يلتقي توريه مع مدربه السابق لما عُيّن غوارديولا مديراً فنياً للنادي الإنجليزي حيث ظهر الخلاف واضحاً بين الرجلين انتهى برحيل اللاعب الإيفواري في عام 2018 وتلميحه ضمنياً أن المدرب الإسباني "عنصري" ولديه مشاكل مع الأفارقة.
وفي نفس موسم تعيين غوارديولا على رأس الجهاز الفني لبرشلونة انضم أيضاً للفريق متوسط الميدان المالي سيدو كايتا، قادماً من نادي إشبيلية الإسباني، وعلى الرغم من تعايش الرجلين لمدة أربع سنوات كاملة إلّا أنّ النجم المالي لم يكن لاعباً أساسياً دون منازع، خاصة في موسمه الأخير مع النادي الكاتالوني (2011-2012) لما خاض 26 مباراة فقط ما بين أساسي وبديل.
وبخلاف مواطنه يايا توريه الذي صبر كثيراً في العمل تحت إمرة غوارديولا فإنّ بوني وليفرد لم يتعامل كثيراً مع بيب، إذ وبعدما انضم المهاجم الإيفواري لمانشستر سيتي في يناير/كانون الثاني 2016 فإنه شهد مجيء المدرب الكاتالوني في صيف نفس العام، حيث بقي ينشط تحت إشرافه لمدة 6 أشهر فقط، قبل أن تتم إعارته لموسمٍ واحدٍ لنادي ستوك سيتي ثم يعود بشكلٍ نهائي إلى فريقه السابق سوانزي سيتي في صيف 2018.
وفي حال استمرار الوضع على ما هو عليه بالنسبة لرياض محرز فإنّه سيسير، لا محالة، على نفس درّب اللاعبين السابقي الذكر ويغادر نادي مانشستر سيتي في الموسم القادم، ولكن أعتقد دون إثارة المشاكل بالنظر للطيبة الزائدة للنجم الجزائري والتي قد تعتبر أحد أسباب وضعه الراهن مع بطل إنجلترا، إذ من غير المنطقي أن يكون هنالك لاعب كبير من حجم محرز المتواجد حالياً ضمن 30 مرشحاً لجائزة الكرة الذهبية لأفضل لاعب في العالم لسنة 2019، لا يتمكن من فرض وجوده داخل غرفة تغيير ملابس فريقه ولا ينجح في إقناع مدربه بأحقيته بمركز ضمن التشكيلة الأساسية.
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.