بداية سيئة للفريق الذي قارع الكبار ووصل إلى نهائي دوري أبطال أوروبا في الموسم الماضي. توتنهام يحتل المركز الـ14 في جدول ترتيب الدوري الإنجليزي الممتاز برصيد 14 نقطة فقط من أصل 36 نقطة متاحة. قدم الفريق العديد من العروض الهزيلة تلقَّى فيها هزائم غير متوقعة على يد فرق مثل برايتون ونيوكاسل وليستر سيتي، بالإضافة للهزيمة أمام ليفربول، ولم تقتصر الهزائم على المجال المحلي فقط، بل وسَّع توتنهام من نشاطه وتلقَّى هزيمة مهينة على ملعبه بسبعة أهداف مقابل هدفين أمام بايرن ميونيخ في دوري الأبطال. بالإضافة للخروج المبكر من كأس الرابطة أمام كولشستر يونايتد القابع في دوري الدرجة الثانية الإنجليزي.
حسناً عزيزي القارئ، نحن نعلم أننا لسنا هنا لإحصاء عدد الهزائم التي تلقاها الفريق اللندني هذا الموسم، والتي من الواضح أنها لن تتوقف عند هذا الحد. لكننا بصدد محاولة لشرح أسباب تلك الهزائم، وكيف تدهور مستوى الفريق إلى هذا الحد رغم وصوله إلى نهائي أكبر البطولات الأوروبية.
حسناً، قبل أن نبدأ في سبر أغوار هذا التقهقر، عليك عزيزي القارئ أن تعلم أنه ليس من الضروري أن ينعكس أداء الفريق علي نتائجه. النتيجة هي نتاج عدة عوامل في كرة القدم من بينهم التوفيق وانعدامه. ولا مثال أفضل على ذلك، من أداء فريق توتنهام في دوري الأبطال في موسم ١٧/١٨ الذي تم إقصاؤه فيه من الدور ثمن النهائي أمام يوفنتوس عندما كان أفضل من أدائه في موسم ١٨/١٩ وهو الذي وصل فيه إلى المباراة النهائية من نفس البطولة.
ولكنه افتقد التوفيق عندما احتاجه حتى يتأهل أمام السيدة العجوز، التوفيق الذي حالفه في العديد من المباريات التي خاضها في النسخة التالية من البطولة، بالذات في مباراتي الإياب أمام مانشستر السيتي و أياكس.
بدأ توتنهام موسم ١٨/١٩ وهو الفريق صاحب أكبر عدد من اللاعبين الذين شاركوا في مباريات المربع الذهبي في مونديال روسيا ٢٠١٨. مما يعني أنه أكثر فريق سيعاني من الإرهاق البدني، ناهيك عن الإرهاق الذهني، وما زاد الأمر سوءاً، أنه الفريق الوحيد في إنجلترا الذي لم يدخل سوق الانتقالات، لم يدفع توتنهام دولاراً واحداً في تلك السوق من أجل أن يتفرغ لمشروع بناء الملعب الجديد.
ومع رحيل البلچيكي موسى ديمبلي رمانة الميزان في خط الوسط و اللاعب القادر علي الحفاظ علي الكرة والربط بين الدفاع والهجوم، بالإضافة لإصابة ايرك داير بالزائدة الدودية، فقد بوتيشينو أهم عناصره في خط الوسط بجانب كريستيان ايركسن، فكان على الأرجنتيني أن يغير من أسلوب الفريق الذي كان يعتمد على بناء الهجمات من الخلف مروراً بخط الوسط وصولاً للهجوم. فأصبح الفريق يعتمد علي الكرات المباشرة من الدفاع للهجوم، ومن ثَم البحث عن الكرات الثانية والاعتماد على سرعات سون هيونج مين ولوكاس مورا، والقوة البدنية للفرنسي موسي سيسوكو.
وتقول الإحصائيات إنه لا يوجد مدافع في الدوري الإنجليزي لعب كرات طويلة ناجحة أكثر من مدافع توتنهام توبي ألدرفيريلد بمعدل ٧.١٧ كرة لكل ٩٠ دقيقة. ولا يوجد لاعب خط وسط لعب كرات طوليه أكثر منه، بمعدل ١١.٤٨ كرة لكل ٩٠ دقيقة بنسبة نجاح بلغت ٨٩٪، ومثل هذه الإحصائيات توضح لنا مدى اعتماد الفريق في منظومته الهجومية على لاعب في خط دفاعه.
يقول السير أليكس فيرجسون أسطورة مانشستر يونايتد التدريبية إن أحد أهم أسباب نجاحه المتواصل مع النادي، كان في تغييره لهيكل الفريق كل أربع سنوات. لأن ذلك يضمن لك وجود عناصر جديدة لديها الحافز للفوز دون التراخي واليأس من عدم الفوز أو التشبع منه. وهذا ما لم يحدث في توتنهام، جميع لاعبي الفريق الذين بدأوا الهزيمة أمام برايتون باستثناء واحد فقط كانوا في النادي منذ أكثر من ثلاث سنوات، ونصفهم كانوا هناك لأكثر من ست سنوات، كانت تلك الاستمرارية جزءاً لا يتجزأ من نجاح تأقلم المجموعة وترابطهم ببعضهم البعض، لكنها الآن أصبحت المشكلة. ناهيك عن التراخي وانعدام حافز الفوز الذي ينعكس على أداء اللاعبين لكونهم فشلوا في تحقيق أي بطولة كانوا فيها مجرد منافسين، لكن هنالك مشكلة أعمق من ذلك بكثير.
منذ بداية مسيرته التدريبية، اشتهر ماوريسيو بوتشيتينو بأنه مدرب يحب العمل مع اللاعبين الشباب، وفي موسمه الأول في توتنهام كان يمتلك الأرجنتيني الفريق الأصغر سناً في إنجلترا بمتوسط أعمار يشير إلى ٢٤ عاماً فقط، الآن يحتل فريقه الترتيب الـ١٦ في قائمة الفرق الشابة بمُعدل ٢٧ عاماً و٢٤٣ يوماً. تحول الفريق الشاب إلى فريق مليء بكبار السن وهذا ما انعكس بشكل سيئ على أحد أهم ما يميز الأفكار التكتيكية للفريق وهو الضغط العالي الذي يتطلب الكثير من الحيوية والنشاط لدى اللاعبين. يشير معدل استخلاص الفريق للكرة في المناطق الدفاعية للخصم إلى انخفاض واضح خلال هذا الموسم؛ حيث وصل إلى ٢.٣ استخلاصاً لكل ٩٠ دقيقة، في حين كان ذلك المعدل ٤.٢ لكل ٩٠ دقيقة في الموسم الماضي، بينما كان أعلى معدل قد وصلوا إليه هو ٤.٤ لكل ٩٠ دقيقة، وكان هذا في موسم ١٧/١٨، أي الموسم الذي تم إقصاؤهم فيه من دوري الأبطال على يد يوفنتوس.
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.