حينما تأتي تلك اللحظات يتلهف قلبك، الذي يساوره الفضول رغبةً في اقتناص هذا الشعور من جديد، ذلك الشعور الذي يشبه في بهجته رائحة المطر بعد الجفاف، وتتساءل: كيف يمكن أن تتسلل كلمات إلى الروح بتلك السهولة؟
كيف يمكن أن تعيد كلمات تلك الذكريات القديمة التي تناسيتها رغم حلاوتها، حتى تلك الآلام التي لم يمضِ يوم دون تجرُّع مرارتها؟ يمكن أن تطفئ كلمات معدودة لهيبها، تاركةً شعوراً رائعاً يجبر القلب، معيداً إليه بهجة الحياة من جديد.
أحياناً تقع عيناك على كتاب فيدفعك الفضول إلى معرفة ما يكتنزه من محتوى، فتجد نفسك فجأة أمام كلمات تختصر ما بداخلك، كاشفةً عما ما لا تريد البوح به، فتجد الروح عارية تماماً أمام مرآتها.
وأحياناً أخرى تجذبك رائحة مميزة تعرفها جيداً، تلك الرائحة المنبعثة من أرفف الكتب القديمة، لا يمكن أن تُقاومها، فتثير بداخلك الحنين إلى ما مضى.
وقد تجد نفسك صدفة أمام إحدى الروايات التي تتألف من مئات من الصفحات كـ "أحببت أنثي عبرية"، فيساورك الكسل، إلا أن الفضول يندفع بداخلك فتهمُّ بتصفُّح البدايات، فتجد نفسك منكبّاً على قراءتها طوال اليوم، منهياً إياها في بضع ساعات، وتتساءل: "هل يجيز العلماء ذلك النوع الجديد من المُخدِّرات؟".
ذلك النوع الذي يسرق روحك لا إرادياً، فلا تعود إليك إلا عند خاتمة كل كتاب.
هل يمكنك أن تقاوم هذا النوع دون أن تعاني أعراض الانسحاب أم أن الإدمان سيكون سيداً للموقف؟
مشاعر كثيرة مختلطة قد تثيرها قراءة كتاب بداخلك، حتى في تلك اللحظات التي تضيق فيها الدنيا حولك بما رحبت، تجدها سبباً في إزالة أطنان من الكآبة عن روحك.. فما أجملها من خلوة!
لمثل هذه المشاعر، أقدّم إليكم قائمة بأروع ما قد تقع عليه عيناك في عالم الكتب والتي تركت أثراً جميلاً في نفسي، بل أضافت لي كثيراً. قد ينال كتاب واحد من تلك القائمة إعجابك، أو ربما يُعجبك أغلب تلك الكتب، وهذا يعود إلى رأيك أنت وما تهتم بالقراءة عنه، إلا أن الشيء المؤكد هو أنك لن تندم على قضاء بضع دقائق أو حتى ساعات بين وريقات كتاب نال قلبك واهتمامك سواء أكان في هذه القائمة أم لا.
- تغريدات في السعادة والتفاؤل
"بعض الكلمات بوسعنا أن نستنشقها كالورود تماماً"، تلك إحدى تغريدات الكاتب عبدالله المغلوث والتي تنطبق تماماً على ما دوَّنه في هذا الكتاب الأكثر من رائع، فهو يأخذك بعيداً عن كل ما يثير التشتت بداخلك إلى عالم يسوده التفاؤل والبهجة.
تجد في بدايات الكتاب مجموعة من التغريدات التي نشرها سابقاً على حسابه بـ "تويتر"، ثم تجده بعد ذلك يطرح لك مجموعة من القصص لمن نعرفهم اليوم من أشخاص تركوا بصمات مضيئة في حياتنا، وآخرين لم ينالوا نصيباً من الشهرة، إلا أنك تجد منهم من يبهرك بعزيمته وإصراره على تحقيق النجاح رغم ما يقابله من عقبات، فتدرك أن أعظم النجاحات تأتي بعد أقسى الصدمات.
هذا الكتاب يرشدك باختصار إلى أقصر طرق السعادة، فاحرص على ألا تفوتك متعة الإبحار بين كلماته.
- لأنك الله
في غمرات الحياة تجد أن هناك شيئاً ما ينقصك، لم تعد لديك الطاقة الكافية لأن تكمل دونه، تحاول أن تقترب إلا أن روتين الحياة يجرفك بعيداً، فيخترق اليأس قلبك. تدرك حينها أن من يكن مع الله لا تعرف سهام اليأس والقلق طريقاً إليه. فتشعر بأنك ابتعدت كثيراً، فتحاول التقرب إليه، كي يتلاشي ما تشعر به، فهو فقط من يملك القدرة على جبر ذلك الحطام كأنه لم يكن هناك شيء قد تهشَّم بداخلك.
فإذا كنت من هؤلاء المحظوظين الذين يمتلكون الرغبة في إعادة بناء الروح من جديد، لإزالة ترسبات الماضي، فعليك بأول خطوة وهي تصفُّح هذا الكتاب بقلبك لا بعينيك فقط، وستجد نفسك محاطاً بنعم قد تعودتها فنسيت شكر واهبها. تجده قد أهداك ما يتمناه غيرك، حتى في تلك اللحظات التي يتخلى عنك القريب فيها قبل البعيد، تجده دائماً بجانبك، محدّثاً إياك بكلماته التي يتردد صداها في قلبك "وما كان ربك نسياً".
تأخذك أسطر كتاب "لأنك الله" في رحلة لا يمكن وصفها إلا بأنها إعادة ترميم ذلك الشيء الذي انكسر بداخلك، فتتحرر من تلك الشوائب التي تُبعدك عن الأقرب إليك من حبل الوريد، فيعود الهدوء ليسكن روحك من جديد.
- الأعمال الكاملة للدكتور مصطفى محمود
في يومنا هذا تلاحظ أن كثيراً من الشباب يمتلكون قدراً عالياً من المعرفة في مختلف المجالات، وفي مقدمتها البرمجة ومنصات التواصل الاجتماعي، واللغات، والرياضة، والفنون بأنواعها، إلا أنك تصاب بالصدمة كثيراً عندما تنفرد بالحديث مع عقول متفتحة وموهوبة مثل هؤلاء ولا تجد منهم من يمتلك -ولو قدراً ضئيلاً- من المعرفة بأمور دينه.
في البداية قد تلوم الأسرة التي نشأوا بها، وقد يلوم آخرون التعليم في دولنا العربية والذي أصبح علمانياً بدرجة كبيرة بعد أن أُقصي الدين من الساحة التعليمية، إلا أنك قد تمنح لهم بعض العُذر، وهو ندرة تلك الوسائل التي تقوم بتبسيط الدين وتقديمه بطريقة تناسب هذا الجيل.
فعلى سبيل المثال، إذا قرر شاب من هؤلاء التعمق أكثر في معرفة دينه من خلال الكتب، فسيجد أمامه الكتب التي تعتمد على أسلوب التفاسير القديمة نفسه في السرد والتي كُتبت بأسلوب يتناسب أكثر مع العصر الذي دُوِّنت فيه وليس عصرنا الحالي؛ فيصاب بقدر من الإحباط، لعدم قدرة كثير من مدوني تلك الكتب على تبسيط الدين وإيصاله إلى جيل السوشيال ميديا بطريقة تلفت انتباهه.
ونظراً إلى معاناتي أيضاً في إيجاد هذا النوع من الكتب الذي يتملكني الشغف لقراءته، نجحت في إيجاد عدد من الكتب الرائعة التي تَمكَّن مدونوها من تقديم الدين بطريقة في غاية البساطة، تجعله يتسلل إلى القلب مباشرة.
أسلوبهم في سرد تلك الكتب تجده يتناسب مع اهتمامك وميولك، فتتعرف إلى دينك بطريقة جديدة ومختلفة تماماً، تدفعك إلى عشقه أكثر وأكثر.
أفضل هؤلاء الكُتاب في رأيي هو "الدكتور مصطفى محمود".
والذي تجذبك كتاباته من أول مرة، فتدفعك إلى قراءة ما تبقى من مؤلفاته، التي قدم خلالها الدين بطريقة تُميزه عن غيره، حيث استطاع أن يلفت انتباه جيل من الشباب نحو معرفة جوهر هذا الدين دون الاكتفاء بالتركيز على القشور والمظهر كاللحية والنقاب وغيرهما من تلك المظاهر التي أصبحنا لا نرى مدى صلاح إسلامنا إلا بها فقط.
قراءتك للدكتور مصطفى محمود لن أقول لك إنها ستجعلك تعشق القراءة فحسب، بل ستجعلك مدمناً لها، لأنك لن تكتفي بقراءة كُتيب واحد فقط، بل ستنجذب إلى بقةي المؤلفات، التي سيفوتك الكثير إن لم تقرأها.
- حديث الصباح
إنَّ تصفُّحك أحد الكتابين مع كوب من القهوة في بدايات الصباح كفيل بأن يجعل يومك مليئاً بالبهجة، فنادراً ما تجد كاتباً لا تنتهي من مؤلفاته إلا وترك بصمة جميلة داخلك، هذا بالضبط ما تجده عندما تهم بالقراءة لأدهم شرقاوي.
إذ يطرح لك في كتابه "حديث الصباح" الجانبين الاجتماعي والتاريخي بشكل مبسط للغاية، إضافة إلى الجانب الأكثر تشويقاً وهو الجانب الديني، وذلك من خلال سرده مجموعة من القصص العربية ذات الأثر والمختارة بعناية لإيصال المعنى بأسلوب سهل وجذاب، كي يخلق بداخلك نوعاً خاصاً من الشغف، والذي لن تناله إلا بالقراءة للكاتب الفلسطيني صاحب الكتابات الرائعة.
- في قلبي أنثى عبرية
رغم أني لا أُحبذ فكرة قراءة الروايات وأُفضّل قراءة الكتب التي تضيف إلى أفكاري الجديد عما يدور حوله اهتمامي، فإن تلك الرواية أَسَرتني في البداية بعنوانها اللافت، ثم سرعان ما امتد هذا الأَسر ليشمل القلب بكامله عقب الانتهاء من قراءتها، لدرجة جعلتني أُعيد قراءتها مرة أخرى.
تدور أحداث الرواية حول اليهود العرب، خاصةً الذين يقطنون تونس وجنوب لبنان، فتتعرف على عالمهم الغامض وتقاليدهم اليومية، وفي أثناء انغماسك في تتبُّع أحداث الرواية تتكشف لك قصة حب جمعت بين فتاة يهودية تميزت برفضها للاحتلال الصهيوني لجنوب لبنان وشاب من المقاومة الإسلامية في الجنوب، وتتوالى الأحداث عن كيفية اعتناق الفتاة للإسلام مع بعض أفراد عائلتها.
القصة مشوّقة للغاية، لسببين: الأول هو أنها قصة حقيقية تنتمي خطوطها العريضة إلى أرض الواقع، والثاني هو أن كاتبة تلك القصة ليست مؤلفة عادية، بل استطاعت بأسلوبها الفريد أن تنال بروايتها إعجاب كثيرين.
لا تفوّت قراءتها اليوم.
- كن بخير
هذا الكتاب ليس للقراءة فقط وإنما يستلزم منك كوباً دافئاً من القهوة ولحظات من الهدوء، كي تتسلل كلماته إلى أعماقك. ولأننا أحياناً ما نكون بحاجة إلى كلمات تروي صدورنا القاحلة، تبعث من جديد ما انطفأ بالداخل من بدايات جميلة خطوناها، إلا أننا تعثرنا ولم نكملها، ليأس أو ملل انساب إلى القلب!
إن هذا الكتاب بوسعه أن يمنحك طاقة إيجابية تكفي لإكمال يومك بنوع من البهجة.
اقرأ مدونة في دقائق
لديك عديد من الكتب المصفوفة بشكل جميل في مكتبة المنزل والتي لم تلمس أصابعك صفحاتها الأولى بعد؟ لديك كثير من الكتب التي قمت بتحميلها على هاتفك، إلا أنك لم تبدأ بقراءتها؟
لا تقلق فهذه ليست مشكلتلك أنت فقط، فكثير منا يعانيها أيضاً. ولكن هناك حل في غاية البساطة: لا تتصفح السوشيال ميديا يومياً، ولا تقضي عليها ساعات عديدة دون ملل.
لم لا تبدأ يومك بعادة صباحية صغيرة، وذلك بتصفح مدونةٍ ما بشكل سريع، اقضِ ساعة واحدة فقط في القراءة عبرها، وستطّلع على المجالات كافةً التي يتم عرضها لك بشكل مختصر وجذاب. كما يمكنك معرفة أهم الأخبار في مجالك، كي لا يفوتك الكثير فيه، وهنا ستكون قد أصبت عصفورين بحجر واحد، أولهما أنك تبدأ لحظات صباحك الأولى بشيء إيجابي وتحفيزي، ثانياً أن تلك الدقائق التي تقضيها ستسهم -بلا شك- في تطوير حياتك على المستويَين الشخصي والمهني.
فقط قم بإعداد كوب من مشروبك المفضَّل، واجلس في مساحة من الهواء الطلق، وابدأ تصفُّح تلك المقالات التي تختصر لك كَمّاً من المعلومات يمكن أن تحتويها عدة كتب معاً، وذلك بشكل أكثر بساطة، كي يتناسب مع وقتك الثمين وكي لا تشعر بالملل.
ابدأ الآن
إن القراءة لا تمنحك المتعة التي تنشدها فقط، بل تزيل كَمّ التوتر الذي يمكن أن تتعرض له في أثناء يومك، فبغضّ النظر عن كَمّ الإجهاد الذي يحدث لك خلال يوم طويل من العمل، احرص على تخصيص بضع دقائق للقراءة يومياً.
فإذا تمكنت من تحويل الأمر إلى عادة صغيرة، فقم بزيادة الوقت الذي خصصته للقراءة، وستنبهر بنفسك عندما تجد أنك أنهيت كتاباً كل أسبوع وليس كل شهر.. ابدأ من اليوم وتوقَّف عن المماطلة، فالقراءة تمنحك أكثر من حياة.
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.