فضيلة الشيخ الدكتور أحمد الطيب، شيخ الجامع الأزهر..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فكرت كثيراً فيمن هو أحق بتوجيه رسالتي هذه إليه.. أهي مفوضية حقوق الإنسان بالأمم المتحدة، أم منظمات حقوق الإنسان الدولية، وعددها لا يُحصى؟
ولكني، ورغم اختلافي مع فضيلتك، في كثير من القضايا، اخترت أن أوجه رسالتي إليك.. ليس باعتبارك شيخ الأزهر الموظف، ولكن باعتبارك الإمام الأكبر.. إمام المسلمين، كما يعتقد المسلمون في مصر، وربما في العالم.
والإمامة كما أفهمها، ليست (منصباً) دنيوياً، بل (مَنزلة) بين المسلمين، تعني أول ما تعني، السهر على شؤونهم، ورفع الضيم عنهم، والحفاظ على حقوقهم، والذود عن أعراضهم، وحقن دمائهم.
ومن أبسط حقوق المسلم على إمامه، أن يحفظ عليه دينه وآدميته، فلا يُسْلمه لظالم، يمارس عليه أحط وأبشع صنوف العذاب، فيفتنه في دينه، أو يُفقده عقله، أو يحيله جثة هامدة، فما بال فضيلتك، إذا كان المضار والمظلوم (امرأة)!
فحسب تقرير مؤسسة "نحن نسجل WE RECORD" الحقوقية المستقلة، الصادر في أغسطس/آب 2019:
"وصل عدد من قُتلن على يد قوات الجيش والشرطة، خلال ست سنوات، إلى ما لا يقل عن 312 امرأة، قُتلن بالاستهداف المباشر قنصاً، أو برصاص عشوائي، أثناء مشاركتهن في تظاهرات، أو أثناء تغطية أحداث سياسية، أو أثناء سيرهن في الشوارع، وكذلك بالقصف الجوي والمدفعي العشوائي، على الأحياء السكنية في محافظة شمال سيناء.
كما تعرَّض ما لا يقل عن 396 سيدة، و16 طفلة للاختفاء القسري وفق توثيقنا المستمر الذي لم ننتهِ منه بعد، ولا تزال 15 من السيدات -على الأقل- قيد الاختفاء حتى تاريخ 15 يوليو/تموز 2019، وأما عن الاحتجاز التعسفي، أو القبض، ثم إخلاء السبيل، أو الإفراج، أو انقضاء المحكوميات، فإن ما لا يقل عن 2629 سيدة قد تعرّضن للإيداع في مقرات احتجاز مؤقت، وسجون لمدد متفاوتة، ثم أطلِق سراحهن، فيما لا تزال 127 سيدة قيد الحبس أو الاحتجاز.
وعلى صعيد المحاكمات، وجدنا ما لا يقل عن 25 سيدة، قد تمت إحالة قضاياهن إلى القضاء العسكري، في حين وصل عدد من أُحِلن إلى دوائر الإرهاب "دوائر استثنائية" إلى 115، صدرت أحكام نهائية بحق 17 منهن.
أما التعذيب الجسدي والنفسي، وضروب المعاملة القاسية أو اللاإنسانية والحاطة بالكرامة والمهينة، فقد تعرض له ما لا يقل عن 2761 سيدة داخل مقرات الاحتجاز المختلفة، وأثناء القبض عليهن.
كما استخدمت السلطات إجراءات أخرى تعسفية في حق المرأة، حيث تم فصل ما لا يقل عن 530 طالبة من دراستها الجامعية، و5 من عضوات هيئات التدريس الجامعية، كما صدرت قرارات بمصادرة ممتلكات ما لا يقل عن 100 سيدة، ومنع أكثر من 106 سيدات من السفر خارج البلاد.
فيما كانت محصلة الإصابات من النساء، جراء التعامل الأمني العنيف، في مواجهة المظاهرات، وفض الاعتصامات، أو نتيجة العمليات العسكرية والأمنية التي تقوم بها قوات الجيش والشرطة في محافظة شمال سيناء؛ 239 مُصابة – بينهن 87 طفلة – بإصابات مختلفة ومتفاوتة، جراء الاستهداف العشوائي للأحياء السكنية، وعدم اتخاذ الحد الأدنى من التدابير اللازمة لحماية المدنيين، من أضرار الصراعات المسلحة، وفق القانون الدولي الإنساني.
انتهى -بتصرُّف- الجانب الإحصائي، من التقرير -يا فضيلة الإمام- وتجده مختصراً بالأرقام، في الرسم البياني المرفق، كما تجد رابط التقرير كاملاً أيضاً، إذا أردت أن تعرف أكثر عما يجري لبناتك وحفيداتك في سجون مصر.
فضيلة الإمام الأكبر..
هذه رسالتي إليك، وظني بك خيراً، فدينك وحميتك ونخوتك، كلها تأبى عليك السكوت عن صنوف الضيم التي تتعرض لها بناتك وحفيداتك، على مرمى حجر منك، في أقبية رطبة مظلمة نتنة؛ حيث الحبس الانفرادي لشهور، وقضاء الحاجة في (جردل)، والنوم على الأسفلت، والطعام الذي تأنف منه القطط والكلاب، وانعدام الرعاية الصحية، والمنع من رؤية فلذات الأكباد!
إن بناتك وحفيداتك -يا فضيلة الإمام- يتعرضن لكل ما نهى النبي صلى الله عليه وسلم عنه، من حطٍّ، وإهانة، وكسر، وإذلال، لا لشيء سوى أنهن عبَّرن -بسلمية مطلقة- عن رفضهن للوضع المزري في مصر، ولا أظن أن فضيلتك راضٍ عنه.
أدرك قواريرك يا فضيلة الإمام، فكثير منهن أصبحن حُطاما..
مع وافر احترامي..
أحمد عبدالعزيز (أبو حبيبة)
تقرير مؤسسة "نحن نسجل" عن الانتهاكات الحاصلة ضد النساء في مصر:
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.