هل لك أن تتخيل أن عادةً حسنة كانت موجودة في مجتمع ثم اختفت مع تكاثر المسلمين فيه؟!
المسلمون الذين ينتسبون لهذا الدين العظيم الذي جاء به الله تعالى رحمةً للعالمين ونشراً للعدل والصدق بينهم يسيء إليه بعض منتسبيه من حيث قصدوا أو لم يقصدوا!
كان بائع اللبن "الحليب" يأتي صباحاً به في لندن يأخذ الزجاجة القديمة ويضع بدلاً منها طازجة جديدة وفي القديمة يتركون داخلها ما يستحق من أجر إزاء ذلك، حتى جاء من حصل على فتوى -لا أدري مصدرها- فمسح الشارع منزلاً منزلاً ولم يبق ورقة نقدية ولا حتى قطعة معدنية مهما كانت قيمتها داخل زجاجة تعتب عليه إلا استولى عليها؟! فسرقة "الكفار" عنده حلال!
كانوا في ريف لندن يضعون صناديق الخضار والفواكه أمام مزارعهم ويسجلون عليها أثمانها والناس تشتري وتضع النقود في صندوق خاص، ولا أحد يحرس تلك الثمار! حتى جاء أحدهم وأخذ الجمل بما حمل بما في ذلك الصندوق الذي جمعت به النقود.
وفي هولندا يذهب أحدهم بين يدي عيد الأضحى المبارك إلى سهول رعاية المواشي فيسرق خاروفاً ويولي هارباً، فهو على عجلة من أمره يريد إحياء سُنة تقديم أضحية العيد!
وتكررت التصرفات بشكل مريب، بل إن عصابة لصوص في باريس قبل سنوات تخصصت في سرقة السيارات التي لا توجد بها مسابح أو مصاحف أو أي علامات تشير لإسلام أصحابها، حتى انتشر بين الفرنسيين من غير المسلمين وضع مصاحف أو مسابح أو ملصقات إسلامية في سياراتهم تجنباً لسرقتها!
هل لك أن تتخيل شعور هذا الأعجمي تجاه الإسلام والمسلمين بعد تلك القصة؟
كل هذا على سوئه يهون أمام من يدعي كذباً انفصاله عن زوجته ليحصل كل منهما على إعانات اجتماعية أكثر ويضرب عرض الحائط بفتوى المجلس الأوروبي للإفتاء بحرمة ذلك ووقوع الطلاق فعلاً، وأن أي علاقة معاشرة له معها بعد هذا الزعم تصبح محرمة.
إحداهن كانت محجبة ومع تكرار المراجعات للحصول على المساعدات وحضور جلسات الإصلاح التي يفرضها النظام الغربي لإعادة العلاقة مع زوجها الذي ادعت انفصالها عنه، جاءت وهي حامل فقالت لها المفتشة الغربية كيف ذلك وأنت منفصلة عن زوجك؟ فاضطرت أن تقول: من صديقي! فردّت المفتشة: ولكن أنت مسلمة محجبة فكيف تقيمين علاقة خارج إطار الزواج؟!
لن أطلب منك عزيزي القارئ أن تتخيل المشهد! أنا شخصياً أكتب ولست قادراً على تخيّله أو تخيل حجم الصورة المشوّهة للمسلمين التي قدمتها هذه السيدة لأجل فتات من المال.
بالتأكيد هذه النماذج ليست لحالات فردية ولم أكتب عنها إلا بعد تكرار الشكوى المريرة منها، وهي بطبيعة الحال لا تلغي الصورة الكبيرة الجميلة للمسلمين في الغرب، فهم في المركز الأول في التبرعات والصدقات في بريطانيا مثلاً، وأبناؤهم وبناتهم في كثير من الأحيان متفوقون دراسياً، ولا يزالون يقدمون نموذجاً محترماً في الحفاظ على العائلة، بيد أن بعض التصرفات التي سبق وأشرت إليها تشوّه تلك الصورة وتضر كثيراً بسمعة المسلمين.
نحتاج تمكين ودعم مؤسسات الفتوى في أوروبا وعلى رأسها المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث، للقيام بدور أكبر في توجيه المسلمين في الغرب مع تعاون علماء ومفتي الأمة خارج الدول الغربية بإحالة أمور فتاوى المسلمين في الغرب للمجلس وعدم الفتوى في أمور غير مطلعين على تفاصيلها وواقع المستفتين بها حتى يتمكن المجلس من متابعة هذه الأخطاء المتكررة ومعالجتها بالتعاون مع كل الغيورين على صورة هذا الدين.
وقبل ذلك كله أن يستشعر كل مسلم في الغرب أهمية دوره في عكس صورة حسنة لدينه، وأن الحرام حرام في أي أرض وتحت أي سماء وكل البلاد هي أرض الله.
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.