أنت تعرف مسبقاً أن أنتونيو كونتي يعاني فشله الأوروبي على طول الخط، ولا يمكنه أن يُصنَّف ضمن أفضل المدربين، هذا ما أخبروك به من قبل، ربما نسوا إخبارك ببعض الأشياء الإضافية، ولكننا أمام واقع يعيد نفسه، الرجل تعادل مع سلافيا براغا بملعبه وخسر أمام برشلونة في كامب نو.
الغضب هنا حق مشروع بالطبع، فهذا الفاشل لم يهزم برشلونة في الملعب الذي لم يُهزم عليه أوروبياً منذ 2013، كيف يجرؤ؟ أعيدوا إلينا سباليتي فلا يوجد فارق بينهما!
نعم، لقد قيل شيء كهذا، ولكن قبل تفنيد خرافة ما، علينا أولاً أن نعود إلى أصلها: كونتي الفاشل أوروبياً. أول مرة سمعت بشيء مشابه عن كونتي كان حين ودَّع دوري أبطال أوروبا بشكل مخيب من دور المجموعات على يد غالاتاسراي في نسخة 2013-2014.
هذا إخفاق كبير لا يُلام عليه سوى المدرب، ولكن في تلك اللحظة بالتحديد كم كان عمر كونتي على الصعيد الأوروبي؟ عامان، مجرد عامين، فكونتي حين تولى المسئولية لم يكن يوفي في دوري الأبطال أصلاً، إذ حقق المركز السابع على يد لويجي ديل نيري، فقاد الفريق إلى التتويج بالدوري في الموسم التالي.
خاض كونتي دوري الأبطال للمرة الأولى في 2012-2013، فغادره من دور الثمانية على يد بايرن ميونيخ، وإن كنت لا تتذكر نسخة بايرن 2013، فسنكتفي بذكر أنها كانت آخر من هزم برشلونة أوروبياً في كامب نو وبثلاثية بيضاء.
تدور الأيام ويصل الرجل إلى قيادة تشيلسي، الذي كان -وبالصدفة- خارج جميع المسابقات الأوروبية، إذ أنهى قبله في المركز العاشر، ففاز معه بالدوري أيضاً ثم قاده إلى دوري الأبطال، الذي غادره من دور الـ16 على يد برشلونة.
لن نخوض في التفاصيل ونقول إنه ربما كان يستحق أكثر مما نال في بعض المباريات التي شهدت سقوطه أو أي شيء من هذا القبيل، سنكتفي بالواقعة كما هي: الرجل يواجه حكماً بالإعدام الأوروبي لأجل مسابقة لم يخُضها طوال مسيرته سوى 3 مرات.
ستقول: زين الدين زيدان، الرجل الذي خاض العدد نفسه وفاز بهم جميعاً.. لا، اسمعني، ريال مدريد لا يقارَن هنا لآلاف العوامل، والسر الوحيد وراء أسطورية رقم زيدان ببساطة هو كونه غير قابل للتكرار.
أحياناً قبل التطرق إلى الوقائع نحتاج بعض الأسئلة، وسؤالنا هنا واضح للغاية: أين كان إنتر قبله حتى يواجه هذا الغضب الآن؟ النيراتزوري غادر نسخة الموسم الماضي من دور المجموعات، ولكن هل تعلم متى كانت آخر مرة كان فيها هنا قبلها؟ 2011-2012.
لندع الماضي الأبعد ونتجه مباشرةً صوب الأقرب.. إنتر كان في مجموعة صعبة مثل الحالية في وجود برشلونة نفسه وتوتنهام وصيف المسابقة في نهايتها، بالإضافة إلى أيندهوفن. ماذا فعل لوتشيانو؟
6 نقاط من أول مباراتين، فاز على أيندهوفن ثم توتنهام، ولكنه خسر أمام برشلونة في كامب نو، واقتنص منه نقطة بالكاد في الإياب، قبل أن يخسر أمام توتنهام بنتيجة تضمن تدخل قاعدة الهدف الخارجي في المواجهات المباشرة لصالح توتنهام في حالة التساوي بعدد النقاط، وهو ما قد تم بالفعل: إنتر وتوتنهام يملكان 7 نقاط، برشلونة في مباراة لا يريد منها أي شيء، يسدي إلى إنتر خدمة كبيرة بالتعادل مع السبيرز، ولكن إنتر تعادل مع أيندهوفن على أرضه لينتقل إلى الدوري الأوروبي.
بداية كونتي مخيّبة بلا شك، التعادل مع سلافيا كان صادماً باعترافه الشخصي وتحمُّله للمسؤولية، ولكن الوضع لا يزال كالتالي:
.برشلونة بـ4 نقاط
.دورتموند بـ4 نقاط
الفارق 3 نقاط لا أكثر، والفريق أمامه مباراتان ضد دورتموند ذهاباً وإياباً، لماذا لا ننتظر قبل أن نشهر خناجرنا؟
نغادر أوروبا ونعود إلى المحليات.. سباليتي بالكاد قاد الفريق إلى دوري أبطال أوروبا بعد صراع عنيف مع جثة ميلان، وبفوز شاق على إيمبولي، والآن نرى من لا يجد فارقاً بينه وبين كونتي.. حقاً.
لن ننزلق إلى هذا، لن نطيل عليكم ونتحدث عن كل ما قدمه مع يوفنتوس أو إيطاليا أو تشيلسي تفصيلاً، سنتكلم عما أمامنا الآن: فريق على قمة الكالتشيو بعد 6 أسابيع من انطلاقه بالعلامة الكاملة، 18 نقطة من أول 6 مباريات للمرة الأولى منذ الثلاثينات.
صحيح أن "ثلاثة انتصارات لا تجعلك فاتحاً"، كما قال جيمي لانيستر؛ ومن ثم ستة انتصارات لن تجعلك بطلاً، ولكنها تمنحك فرصة للبناء عليها، ألا ترغب في معرفة ما ستسفر عنه التجربة في نهايتها؟
نحن نتحدث عن فرصة عمليَّة لسلب عرش يوفنتوس الذي بات يبدو كالأزلي، فمن بدأ متابعة الكرة في آخر 8 سنوات لم يرَ بطلاً غيره! وبالمناسبة وصيفه لم يكُن إنتر، ولا حتى ثالثه، من بدأ تلك الهيمنة أصلاً بعد أن قضى يوفي فترة تعافيه من آثار الكالتشيوبولي؟ لن أخبرك، لقد وعدت بعدم الحديث عن هذا الأمر.
حسناً، اللعنة على الوعد، لقد كان كونتي في وجود بيبي ماروتا مديراً رياضياً ليوفي، الرجل نفسه الذي انتقل إلى إدارة إنتر قبل أن يستعين برجله المفضل.
والآن في ظل الغرائب والطرائف التي قدَّمها يوفي بالميركاتو، وفي ظل وجود مدرب جديد غاب في بداية الموسم بسبب الالتهاب الرئوي، ويتطلب فرض أسلوبه بعض الوقت ويعاني نقصاً حاداً في خيارات الأظهرة، لدرجة دفعته إلى إشراك بليز ماتويدي في هذا المركز ضد سبال، ألا تبدو الفرصة سانحة؟ أينما كنت، انظر إليَّ الآن وأخبِرني بأنك ما زلت تريد تلك المبادلة مع سباليتي.
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.