«أنت من أنقذ مصر في 30 يونيو وقادر على إنقاذها الآن».. ما وراء رسالة محمد علي الأخيرة

عربي بوست
تم النشر: 2019/09/19 الساعة 18:17 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/09/20 الساعة 10:59 بتوقيت غرينتش

"رسالة هامة لوزير الدفاع الفريق محمد زكي"، هذا هو العنوان الذي روَّج به محمد علي لمقطعه السابع عشر. على الجهة الأخرى كانت هنالك محاولات للحشد المعنوي، لتحسين معنويات مؤيدي السيسي عبر الأغاني ومقاطع الفيديو التي تتغنى بإنجازاته. 

صادف ذلك حضور السيسي وقادة الجيش الحاليين الجنازة العسكرية لرئيس أركان الجيش المصري السابق إبراهيم عرابي. ومن البديهي حضور قادة الجيش الحاليين والسابقين؛ فالجنازة عسكرية في نهاية المطاف وهكذا جرت الأعراف والتقاليد. اللافت للنظر في الأمر هو تصدير صورة السيسي وبجواره وزير الدفاع الحالي محمد زكي ووزير الدفاع في أثناء الثورة محمد حسين طنطاوي ووزير الدفاع السابق صدقي صبحي ورئيس الأركان السابق محمود حجازي وهم يمشون جنباً إلى جنب متلاصقِي الكتف. في رسالة واضحة، مفادها: أن الجيش بقيادته السابقة والحالية يقفون معي، وأن الجميع على قلب رجل واحد.

الآن دعونا نعُد للفيديو رقم 17 لمحمد علي ومحاولة لتحليل أبرز ما ورد فيه: 

١- ردُّ محمد علي، على هجوم الإعلام الموالي للنظام على حياته الشخصية كان ذكياً جداً، خاصة عندما ربطه بهجومه على السيسي، وقال له: "أنا مليش علاقة بحياتك الشخصية وإن كنت عارف انك بتحب انتصار زوجتك".

هنا يحاول محمد علي توجيه رسالة، مفادها أن مشكلتي مع النظام لم تكن أنني أتردد على الملاهي الليلية أو كثرة السهر، وإنما مشكلتكم معي هي أنني فضحت فسادكم وسياساتكم الفاشلة.

٢- رسالته إلى وزير الدفاع محمد زكي تنقسم إلى قسمين: القسم الأول يبدأ بإطراء كبير على دوره في إلقاء القبض على الرئيس الراحل محمد مرسي وكم كان ذلك عملاً وطنياً، لأنه استجابة لمطالب "الشعب" بعزل مرسي.
هنا يكمل عليّ رسالة بدأها قبل مقطعين تقريباً ألا وهي وجهة نظره عن مرسي والإخوان. والرسالة داخلها رسالة تطمين وتهدئة من الجهة التي تحرّكه، وهي أن الإخوان لن يعودوا، وأننا لا نقف معهم في الخندق نفسه، ولا نتفق معهم في الأهداف. قد يزعج هذا كثيرين من متابعي محمد علي، لكن هذا هو الواقع الجديد. 

القسم الثاني من الرسالة هو تحريض لمحمد زكي بشكل مباشر على السيسي، وحثه على اعتقاله وعزله أو إجباره على التنحي، معللاً ذلك بأنه لا يصحُّ لمثل السيسي أن يمثل الجيش المصري بأي حال من الأحوال. مع تذكيره بالإهانة التي عرّض السيسي الجيش لها خلال السنوات الماضية.

من وجهة نظري، فإن أخطر رسالة وجهها محمد علي والجهة التي يمثلها هي إقحامه لأبناء السيسي على الخط بانتقاده سلطتهم الحالية على الجيش. والكلام هنا موجّه إلى محمود السيسي ودوره في الإطاحة بعدد كبير من قيادات جهاز المخابرات العامة. هذه الرسالة تشبه ورقة جمال مبارك ومشروع التوريث والتي اتخذها الجيش ذريعة للإطاحة بمبارك من قبل.

٣- ضرب محمد عليّ مثالاً خاصاً بسيارات من نوع "فيرنا"، وأن الجيش يحتاج 160 مليون جنيه فقط لتوفيرها لجميع ضباط الجيش، وأن مثل هذا المبلغ تنفق زوجة السيسي أضعافه على راحتها ومتعتها.

أعتقد أن هذه النغمة قادرة جداً على أن تلمس المنخرطين في الجيش المصري بشكل قوي وفعال، لأن الضباط في النهاية لا يحصدون السيارات الفارهة، ولا تتضاعف أرصدتهم البنكية، وإنما يتلقون الإهانة تلو الإهانة من العامة ومن قيادتهم.

٤- قرر محمد عليّ تغيير تكتيك النزول يوم غد، لدرجة أن المشهد صار قريباً جداً من مشهد 30 يونيو/حزيران 2013. جهة ما داخل الدولة تبحث عن لقطة، وإن كانت عابرة، توفر هذه اللقطة غطاء شعبياً للتدخل والضغط. المهم أن تكون تلك اللقطة في الوقت الذي حدده محمد علي. عليّ الذي غيَّر موعد النزول ليصبح بعد انتهاء وقت مباراة الأهلي والزمالك في السوبر المصري، وألغى الدعوة للاحتشاد في الميادين العامة وطلب فقط النزول أمام المنازل والبيوت، طالباً من الناس تصوير وتوثيق أنفسهم بأنفسهم. كما ناشد جميع وسائل الإعلام والدول بالتصوير أيضاً، وأن يتم بعد ذلك إرسال الصور إلى وزير الدفاع، الذي سيستجيب للضغط الشعبي ويعزل السيسي عن منصبه. 

يبدو الآن الموضوع عبثياً وكوميدياً جداً جداً، لأنه لا يمكن مع تصوُّر بطش وجبروت وسيطرة نظام السيسي وسطوته على كل مفاصل الدولة أن يرحل بمثل هذا السيناريو.
ولكن ما سيقوله محمد علي في نقطته التالية سيفسر إمكانية وقوع هذا السيناريو. 

٥- تأكيد محمد عليّ أن السيسي هو الوحيد الذي ستتم معاقبته، وأن شخص السيسي هو المستهدَف وليس قيادات الجيش أو معاونيه، دون أي حديث عن قصاص أو جرائم ارتكبها الجيش خلال فترة إدارته للبلاد. 

الخلاصة أنه ومع قسوة هذا الخيار، إن حدث، من الممكن أن يكون مُرضياً لجميع الأطراف بشكل أو بآخر، خاصة أن لا أحد يملك من أمره شيئاً، وأن حدوث مثل هذا السيناريو سيكون أشبه بالمعجزة.

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

أسامة جاويش
مذيع بقناة الحوار
مذيع بقناة الحوار