في عيد ميلاده.. «الظاهرة» يجيبكم عن حقيقة ما حدث بباريس ليلة نهائي كأس العالم

عربي بوست
تم النشر: 2019/09/18 الساعة 18:14 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/09/18 الساعة 18:14 بتوقيت غرينتش

إذا سألت أقرب صديق لك أو أي شخص بجانبك عن رونالدو، فإن أول ما يتبادر إلى ذهنه هو البرتغالي كريستيانو رونالدو أسطورة نادي ريال مدريد ومنتخب البرتغال، لا شك في أن رونالدو البرتغالي هو الأسطورة والنجم والملهم وحاصد الجوائز الشخصية، ولكن مهلاً!

هنالك شخص آخر، اسمه رونالدو أيضاً والاسم الرسمي له هو لويس نازاريو دي ليما أعظم من حمل الرقم 9 في كرة القدم الحديثة، لاعب ربما يكون أكبر مصدر إلهام للاعبي كرة القدم. لقد كان لاعباً هائلاً في زمنه، حتى إن المشجعين والنقاد أطلقوا عليه اسم "O Fenômeno" (الظاهرة).

لماذا "رونالدو" هو الظاهرة؟

سجّل أكثر من 200 هدف وهو لم يكمل 23 عاماً خلال التسعينيات عندما كان في ذروته، ولعب لأندية بارزة مثل برشلونة وإنتر ميلان وبي إس في أيندهوفن وكروزيرو وريال مدريد وإيه سي ميلان و كورينثيانز.

فاز الظاهرة رونالدو بلقب أفضل لاعب في العالم للعام ثلاث مرات في 1996 و1997 و2002، والكرة الذهبية مرتين في عامي 1997 و2002، وأفضل لاعب في أوروبا لعام 1998، وأفضل لاعب أجنبي في الدوري الإسباني عام 1997 وجائزة الحذاء الذهبي الأوروبي بتسجيل 34 هدفاً في موسم واحد. وسجَّل ما مجموعه 352 هدفاً في 518 مباراة مع مختلف الأندية التي لعب لها.

في عام 2004، تم اختياره بقائمة FIFA 100، وهي قائمة تضم أعظم اللاعبين الأحياء الذين اختارهم الأسطورة بيليه بنفسه. لعب 98 مباراة للبرازيل بتسجيل 62 هدفاً، وفي سن 17 كان رونالدو الظاهرة أصغر عضو في الفريق البرازيلي الفائز بكأس العالم 1994 FIFA. وفي كأس العالم 1998 حصل على الكرة الذهبية لأفضل لاعب بالبطولة، وكان له دور بارز في مساعدة البرازيل على الوصول إلى النهائيات، حيث هزمتهم فرنسا. لكنه عاد مرة أخرى وفاز بكأس العالم في عام 2002.

نهائي كأس العالم 1998 ماذا حدث؟

ربما يتذكر كثيرون قَصة شعر اللاعب الشهيرة في كأس العالم 2002 ومساهمته البارزة في إحراز اللقب لمنتخبه البرازيل، ولكن ما لم يتذكره اكثيرون هو أن العالم كان قد أصيب بالصدمة والذهول قبلها بأربع سنوات في نهائي كأس العالم 1998 أمام المنتخب الفرنسي وهو يرى هزيمة قاسية لمنتخب تم ترشيحه بقوة لنيل اللقب، لم لا وقد كان يضم في صفوفه اللاعب الظاهرة.

فقد جاء رونالدو الظاهرة إلى فرنسا في عام 98 بعد موسم مذهل رفقة فريق إنتر ميلان الإيطالي، سجل فيه 34 هدفاً وبداية نارية في بطولة كأس العالم 1998، وضمن ذلك الهدف الافتتاحي لتعادل البرازيل في الدور قبل النهائي مع هولندا والتي فاز فيها بركلات الترجيح. بعد تسجيل رونالدو لأول ضربة جزاء والتي كانت بداية الانطلاق نحو النهائي الحُلم.

فازت فرنسا باللقب العالمي لأول مرة في تاريخها، ولكن كان هنالك كثير من النقاش حول ما حدث بالفعل في الفترة التي سبقت هذه المواجهة في ذلك الصيف، يمكننا معرفة ذلك من المهاجم البرازيلي الذي شرح ما حدث بالضبط وكيف سارت الأمور، يقول اللاعب:

"قررت أن أستريح بعد الغداء وآخر ما أتذكره هو وضع رأسي على الفراش، بعد ذلك، شعرت بحركات غريبة حولي وفتحت عيني لأرى نفسي محاطاً باللاعبين، وكان الراحل الدكتور ليديو توليدو موجوداً أيضاً. سألتهم: ماذا حصل؟ لكنهم لم يريدوا أن يخبروني بما يجري.

وطلبت منهم إذا كان بإمكانهم المغادرة والذهاب للحديث في مكان آخر، لأنني أردت النوم. ولكن طلب مني الطبيب ليوناردو الذهاب في نزهة بحديقة الفندق حيث نقيم، لشرح الموقف برمته. وكان أول ما نطق به هو: "أنني لن ألعب في نهائي كأس العالم"

قلت له مستدركاً: "لكن جميع الفحوص الطبية الأساسية لم تُظهر شيئاً غير طبيعي"، وبعد ذلك ذهبنا إلى الاستاد ووجدنا رسالة من المدرب زاغالو تقول إنني لن ألعب. اقتربت من المدرب زاجالو وقلت له: "أنا بخير. لا أشعر بأي شيء. وهذه هي نتائج الاختبار تقول إنني بخير. أريد اللعب".

ولم يكن أمام المدرب أي خيار فأدرج اسمي ضمن التشكيلة، لأنه لم يكن أمامه أي بديل. ثم لعبت ولربما أثرت في الفريق بأكمله، لأن هذا التشنج الذي عانيته كان أمراً مخيفاً للغاية بالتأكيد. إنه شيء لا تراه كل يوم. ولكن على أي حال، كان عليّ واجب تجاه بلدي ولم أكن أريد تفويته. لقد شعرت بأنني أستطيع اللعب. ولكن من الواضح أنها لم تكن واحدة من أفضل المباريات في مسيرتي، لكنني كنت هناك لأداء دوري".

هذا ما ذكره اللاعب ضمن الفيلم الوثائقي الخاص بموقع 442، ولكن ما تم ذكره لاحقاً ونظريات المؤامرة التي اشتعلت كانت أكثر مما يمكن نسيانه، وفي كتابه الشهير "كرة القدم.. الحياة على الطريقة البرازيلية"، تطرق الكاتب الإنجليزي Alex Bellos إلى أشهر التفسيرات ونظريات المؤامرة التي رافقت هذه الحادثة وهذه أشهرها:

الرواية الأولى.. توقف قلبه لحظات

والتي تعتبر الأقرب إلى الحقيقة من وجهة نظر الكاتب، وحسب تصريحات أطباء المنتخب البرازيلي كانت كالتالي "كان رونالدو مستلقياً على سريره يشاهد سباق للفورمولا 1 على شاشة التلفزيون، ثم انحنى رأسه فجأة؛ وهو ما أدى إلى انخفاض في معدل ضربات القلب وضغط الدم، وعندما رأى روبرتو كارلوس زميله في الغرفة أبلغ أطباء المنتخب، وقيل إنه يُعاني نوبة صرع نُقل على أثرها إلى المستشفى، حيث خضع لمجموعة من الاختبارات العصبية، ولكن رسم القلب الذي أُجري له كشف أنه كانت لديه 18 نبضة في الدقيقة الواحدة، وهو ما يعني أنه في وقت الأزمة توقف القلب عن الخفقان ولم يكن هناك أي نشاط، وهذا يكشف المستوى الذي ظهر به اللاعب في المباراة النهائية أمام المنتخب الفرنسي، ويوضح سبب ظهوره كما لو كان مخموراً في الصور التي نُشرت له وهو يقع على سُلم الطائرة بعد وصوله للبرازيل.

الرواية الثانية.. لاعبة التنس الحسناء

أكدت أن رونالدو عانى عاطفياً ونفسياً بسبب علاقته العاطفية مع خطيبته سوزانا، فقبل انطلاق كأس العالم بأسبوعين حضر رونالدو بطولة فرنسا المفتوحة لكرة المضرب وأبدى اهتماماً ملحوظاً باللاعبة الروسية الشقراء أنا كورنيكوفا، وقد التقطت له صور وهو يطبع قُبلة على خد اللاعبة الروسية، وهذا أثار غضب خطيبته سوزانا، بل رفضت الحديث معه في أثناء البطولة، وهو ما زاد من الضغوط النفسية على رونالدو وفي الوقت نفسه انطلقت شائعات عن علاقة حب بين سوزانا والمعلق الرياضي البرازيلي بيدرو بأيل وهو ما كان له أثر بالغ على أدائه، ولكن هذه الرواية كانت ضعيفة؛ بالنظر لما قدمه اللاعب خلال البطولة كلها.

الرواية الثالثة.. منشطات عن طريق الخطأ 

تقول إنه في الليلة التي سبقت النهائي ترك اللاعب البرازيلي المعسكر وخرج ليتناول العشاء مع صديقته وخطيبته سوزانا، وبعد أن أكل كثيراً حصلت له تخمة فأعطته صديقته دواء للهضم، اتضح لاحقاً أن هذا الدواء يحتوي على مادة منشطة. فأخبر اللاعب المدرب بذلك، حتى لا يشارك مع الفريق، ووافق المدرب زاجالو على ذلك، ولكن شركة نايكي الأمريكية فرضت على زاجالو إشراكه، فشارك رونالدو في النهائي، وتعمد أن يقدم مستوى في غاية السوء، حتى لا يتعرض للتحليل وتُكتشف المادة المنشطة فيضيع مستقبله.

الرواية الرابعة.. تسمم مفاجئ

تشير إلى أن الفرنسيين دسوا السم لرونالدو في طعامه؛ وهو ما سبَّب له تسمماً بالبطن نُقل على أثره إلى المستشفى المركزي في باريس ليلة المباراة، وأن شركة نايكي أرغمت المدرب على إشراك رونالدو في المباراة مهما كانت الظروف، وأنه إن لم يشرك رونالدو في المباراة فستتخذ الشركة بعض الإجراءات التي كانت ستسبب للبرازيل كثيراً من المتاعب.

الرواية الخامسة.. مؤامرة

وهي التي يمكننا أن نطلق عليها "نظرية المؤامرة"، حيث أكدت أن طبيب المنتخب البرازيلي أعطى رونالدو قبل المباراة النهائية بأربعين دقيقة نصف حبة من عقار Lorazepam المسكن لآلام الالتهابات وتسكين الآلام؛ من جراء الإصابات التي تعرضت لها ركبته، ولهذا العقار آثار جانبية. وأنصار هذه الرواية يميلون إلى ذلك، بسبب تصريح رونالدو: "كنت أعاني حالة غريبة لم أشعر بمثلها قبل أي مباراة: صداع حاد وغثيان وآلام في المعدة".

وقد حاول طبيب المنتخب ومساعِده علاج آلام اللاعب، من خلال التركيز على عقاقير مضادة للالتهابات وأخرى مسكنة، لكن حالة رونالدو ازدادت سوءاً، وبلغ القلق على صحة رونالدو حداً جعل زملاءه في المنتخب يقترحون على الطبيب علاجه بالأعشاب.

وبدأت الأزمة الحقيقية ظهيرة يوم النهائي وقبل انطلاق المباراة النهائية بسبع ساعات، وكان رونالدو ينام في غرفة يتقاسمها مع روبرتو كارلوس، وبدا أن رونالدو يعاني نوبات صرع، وكان العرق يتصبب منه بغزارة وهو في حالة من التشنج العصبي، فصرخ روبرتو طالباً النجدة، فقطع لاعبو المنتخب البرازيلي قيلولتهم وتدافعوا إلى غرفة رونالدو. وأجهش بعض اللاعبين بالبكاء لدى رؤيته، حتى إن بعضهم صاحوا قائلين: "إنه ميت، ميت ميت"، بعد رؤية الزبد يخرج من فم رونالدو وهو يصارع من أجل البقاء ويتنفس بصعوبة بالغة، وكان وجهه شاحباً للغاية ثم غلب عليه اللون القرمزي قبل أن يستسلم للنوم من جديد. وفي الثالثة والنصف أُعلن أن رونالدو لن يشارك في المباراة النهائية لكأس العالم.

وفي الساعة الخامسة إلا ربع نُقل رونالدو مصحوباً بحراسه وبرجال الشرطة إلى المستشفى، وطوال ساعة ونصف الساعة خضع رونالدو لاختبارات شتى، لكن الأطباء لم يجدوا أي دليل حسي يثبت أنه عانى نوبة صرع، وقد حرص كل من رونالدو والدكتور توليدو على تأكيد أن ما تعرض له نجم المنتخب البرازيلي مجرد ضغط نفسي. وقبل 45 دقيقة فقط من بدء المباراة النهائية، أُدرج اسم رونالدو على القائمة الرسمية للاعبين المشاركين.

وكان ذلك مخالفة صريحة لقوانين الفيفا بعد أن سبق أن تسلم القائمة التي لا تتضمن اسم النجم المذكور، ولكن بسبب وعد شركة نايكي للملابس الرياضية له بمكافأة ماليةٍ مقدارها مليون دولار في حال سجل هدفين؛ ومن ثم سرت إشاعاتٌ مفادها أن شركة نايكي التي ترعى رونالدو والمنتخب البرازيلي مارست ضغطاً على الاتحاد البرازيلي لكرة القدم كي يُشرك النجم الأسطوري رغم إصابته.

ونحن نحتفل بعيد ميلاد الظاهرة الذي حقق الكثير خلال مسيرته، وسجّل مئات الأهداف، وحطم عديداً من الأرقام القياسية لكرة القدم، وألهم ملايين الأرواح، فإننا لا نجد أي سبب يمنعنا من اعتباره الأعظم إلى جانب بيليه وميسي وكريستيانو. ويمكنك الذهاب وسؤال أي من مشجعي كرة القدم: "هل رونالدو دي ليما واحد من أعظم اللاعبين على الإطلاق؟"، ستجد الإجابة كما هي حالنا دائماً: نعم بكل تأكيد، سيبقى دائماً واحداً من أعظم لاعبي كرة القدم على الإطلاق.

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

مدثر النور أحمد
كاتب سوادني
مدثر النور أحمد هو كاتب سوداني مهتم بالرياضة والتكنولوجيا والخصوصية على الإنترنت. لديه حُب وعِشق مختلفان للرياضة وخاصة كرة القدم.