معك رصاصة واحدة في الغابة وأمامك أسد وأدولف هتلر، ماذا ستفعل؟
سأتعاقد مع بول بوجبا .
دوني فان دي بيك، اسم انتشر بقوة على مر الموسم الماضي بعد مسيرة رائعة مع أياكس في دوري أبطال أوروبا. كريستيان إريكسن، هذا ليس بحاجة لتعريف. أولهما تحدث بصراحة عن إمكانية رحيله، حتى ابتعد فجأة عن ريال مدريد وانتشرت تقارير تفيد تأجيل الصفقة للموسم المقبل، أما الثاني فلم تعد رغبته سراً، اللاعب يرفض التجديد واضطر مدربه ماوريسيو بوتشيتينو لإبعاده عن التشكيل الأساسي في بداية الموسم حتى يستقر أمره ويوشك السوق على الإغلاق.
داني سيبايوس، اللاعب الذي تنازع عليه الملكي مع غريمه برشلونة، خرج معاراً إلى أرسنال دون الاستفادة منه تقريباً، ولكن على الأقل لحسن حظه سيتمكن من التطور وربما ينجح في العودة وفرض نفسه في العام المقبل، كون لوكا مودريتش لن يعيش للأبد. ماتيو كوفاسيتش، صفقة اعتبرت سرقة حين انتهت بـ35 مليون يورو فقط، نظراً لوضع إنتر المالي آنذاك، ولكنه الآن في تشيلسي.
ماركوس يورينتي، الوحيد في القائمة الذي يعوض كاسيميرو، والذي أثبت نفسه في مبارياته القليلة مع سانتياجو سولاري بالموسم الماضي، هذا لم يتم بيعه فقط بلا تعويض، بل تم بيعه لغريم يبعد عدة أمتار هو أتلتيكو مدريد، نعم متصدر الليجا الحالي. بين أسماء لم تُجلب وأسماء تم التخلي عنها، بات خط وسط الميرينجي مكوناً من كاسيميرو ومودريتش وكروس وفيديريكو فالفيردي وإيسكو وخاميس رودريجيز.
على ذكر خاميس، ليس سراً أنه لا يتمتع بثقة كاملة من زين الدين زيدان، وليس سراً أيضاً أنه كان على وشك الخروج من سانتياجو بيرنابيو مقابل 42 مليون يورو لا أكثر، وأن عدم حصول فلورنتينو بيريز على العرض الذي يريده هو السر الرئيسي في بقائه ليس تغيراً مفاجئاً في موقف المدرب أو ما شابه، فهو لم يكن الوحيد الذي وجد زيدان نفسه عالقاً معه، لدينا أيضاً جاريث بيل.
الويلزي وبشكل مخالف للتوقعات بدأ موسمه بشكل مميز، بصرف النظر عن البطاقة الحمراء أو عن نتائج ريال مدريد ككل، بيل سجل 3 أهداف حتى الآن، قد يسهل القول إنه يملك حافزاً إضافياً لإثبات نفسه وإثبات أن زيدان كان على خطأ حينما رغب في رحيله وصرح بتلك الرغبة علناً، ولكن تلك البداية ليست غريبة على أحد.. بيل يبدأ الموسم بشكل جيد، يسجل ويتألق، يُصاب، يغيب، يعود ويقدم مستويات مخيبة، يصاب مجدداً، يغيب فيعود قرب نهاية الموسم ويسجل بعض الأهداف في الجولات الأخيرة، يبدأ الموسم بشكل جيد، يسجل ويتألق…
ورغم التعاقد مع إيدين هازارد، ورغم وضع الثقة افتراضياً في الواعدين فينيشيوس جونيور ورودريجو، وهو الأمر الذي جعل رحيل بيل يبدو كضرورة في بادئ الأمر، إلا أننا سمعنا كعادة كل عام أخبار ارتباط الملكي بالتعاقد مع كيليان مبابي أو نيمار. هذا ليس جديداً بدوره، ولكن الواقع يتنافى مع سهولة إتمام تعاقدات بهذا الحجم إلى جانب هازارد، وفي وجود راتب بيل أيضاً، كما أنه، وكما أسلفنا، زيدان لم يملك سوى هدف واحد واضح طوال السوق، ولكنه لم يستطِع الحصول عليه في نهاية المطاف.
في المجمل قدم الملكي تحركات جيدة في سوق الانتقالات، قائمة مجهزة لتأمين مستقبل النادي رغم بعض التضحيات، صحيح أن إضافةً قوية أخرى إلى خط الوسط كانت لتجعله فريقاً أكثر قوة ببضع مراحل، إلا أن القائمة الحالية لا تزال قادرة على تحقيق التطلعات، فقط إن نجح القائم عليها في إدارة عملية مزج الخبرة بالشباب. زيدان يملك بعض السوابق المذهلة مع المداورة تحديداً في موسم 2016-2017، ولكن إن بالغ الرجل في تمسكه بالحرس القديم ستزداد الأمور صعوبة، فالرجل الذي اعتزل مباشرةً عقب تقديمه لأروع عروضه الفردية عبر مسيرته، يعلم جيداً ما الذي يمكن لتقدم العمر أن يفعله.
جوانب تكتيكية.. لكنها غير مهمة
قلنا مهما قلنا، قائمة برشلونة تحسنت بفضل صفقات الصيف، وتضررت بسبب حركة بيع واحدة لا أكثر، وستستمر في تلقي الأضرار ما دام السيد إرنستو فالفيردي مدرباً لها. كلما ذهبنا لنتحدث بعيداً عنه سنصطدم بحقيقة أنه المشكلة الرئيسية. أنتوان غريزمان هو لاعب يحلم الجميع بالحصول عليه، ولكنه نفسه لم يتوقع أنه سيستعيد أمجاده في ريال سوسييداد ويعود للمشاركة كجناح أيسر.
فرينكي دي يونج لاعب وسط واعد للغاية، يذكرك بهؤلاء المبدعين الذين يجيدون التحكم في كل عناصر الثلث الأوسط كاملاً، صحيح أنه لا يزال يتعافى من آثار صدمة اضطراره للعمل مع مدرب لا يمنحه أي تعليمات، ولا غيره للأمانة، ففكرة فالفيردي عن التدريب لا تبدو مختلفة كثيراً عن الفكرة العامة لأي متابع، وإن كان هناك قاسم مشترك بين غريزمان ودي يونج، فهو أن برشلونة لم يكن بحاجة لأي منهما حتى يحافظ على تقدمه بثلاثية نظيفة في ذهاب نصف نهائي دوري الأبطال.
برشلونة تخلى عن بعض ما يفيض عن الحاجة في الوسط مثل دينيس سواريز ورافينيا، ولكن في النهاية بقي إيفان راكيتيتش عكس المتوقع، ليصبح الوسط مدججاً إلى جانبه ببوسكيتس ودي يونج وأرتور وروبرتو الذي بات يعيده إلى موقعه الأصلي من حين لآخر، بالإضافة إلى ألينيا.. لأنه لا أحد يستطيع تطوير الشباب على طريقة فالفيردي إلا فالفيردي.
أخبار كثيرة.. إدارة برشلونة وجدت الخلل أخيراً في صفقة كوتينيو، نهنئهم على سرعة الوصول بعد عام ونصف العام، سبقتها 6 أشهر كاملة من التحذيرات. البرازيلي الذي لم يجد له مكاناً لآلاف العوامل التكتيكية خرج معاراً إلى بايرن ميونيخ مع أحقية شراء ضخمة في نهاية الموسم، أنت تعرف جيداً ما الذي يفعله بايرن في تلك الحالات أليس كذلك؟ ولكن لا مشكلة، لن تضطر الإدارة لإخراج أرنب من القبعة الآن، لندع الصيف القادم إلى الصيف القادم.
أخيراً صحح برشلونة خطأ ترك مركز الظهير الأيسر بلا بديل، بالتعاقد مع جونيور فيربو الذي تألق مع ريال بيتيس الموسم الماضي، ما يتركنا لسؤال أخير. لماذا تم بيع مالكوم؟ أو لماذا تم التعاقد مع مالكوم؟ حسناً كان هذا الأمر من قبيل مضايقة روما على ما يبدو، ثم فشل اللاعب تماماً في إقناع فالفيردي رغم أنه كان يلعب جيداً كلما أتيحت له الفرصة، بالتأكيد حين تم اتخاذ قرار البيع لم يضع أحد في حساباته أن سواريز وديمبيليه وميسي سيتعرضون للإصابة معاً، ولكن هذا ما حدث، لا داعي للإسهاب، فهذا الأرجنتيني الأخير سيعود بعد التوقف الدولي، وسنبتلع كل تلك الكلمات، وما يفسده أي أحد في كامب نو يصلحه البرغوث.
رجل الساعة في يوفنتوس
هذا رجل الساعة في تورينو بلا منازع، فإخراج مسرحية هزلية كتلك على مر شهرين يحتاج إلى كفاءة نادرة في أداء دور العرائس ذات الخيوط، نعرف أن التركيز عادةً ما ينصب على من يحركها، وهو معروف، ولكن ألا تفعل أي شيء وألا يكون لك أي دور سوى التحرك وفقاً لما يراه آنييلي، ثم تجد من يشيد بك ويدعي أنك كنت تقوم بكل العمل تحت ظل بيبي ماروتا، حسناً هذه ظاهرة تستحق الدراسة بدون أدنى شك.
يصعب تفكيك عمق هذا الادعاء، ليس لحبكته القوية بالطبع، بل لمدى سخافته وتنافيه مع كل بديهيات الكوكب تقريباً، فلدينا أول سوق انتقالات يشرف عليه ماروتا في إنتر، يمكنك بعين مغمضة أن تلحظ الفارق بين قائمة الموسم الماضي التي كانت بالكاد تتشبث بمقعد مؤهل لدوري الأبطال، وقائمة الموسم الحالي المرشحة للتتويج باللقب، ناهيك عن فارق المدربين سباليتي وكونتي، على الناحية الأخرى بين تحركات سيئة تمت بالفعل وتحركات أنقذها القدر، هذا ما قدمه باراتيتشي.
عودة بالشريط إلى بدايته، إذ بدأت أزمة ماروتا مع صفقة انضمام كريستيانو رونالدو محذراً من أضرار تكلفتها على بقية استثمارات الفريق، ليرحل إلى إنتر في نهاية المطاف، ويشرع بتحجيم ماورو إيكاردي وزوجته مخلصاً النيراتزوري من أسوأ صداع في الآونة الأخيرة، فيما بدا يوفي هذا الصيف يلحظ حجم الأزمة، فها هو يبحث عن طريقة للتخلص من هيغوايين، ثم يحاول التفريط في ديبالا، ثم يتخلص من جواو كانسيلو ليأتي دانيلو بدلاً منه، ربما سمعة يوفنتوس في إعادة إحياء مسيرة اللاعبين تسعف الظهير البرازيلي هنا، ولكن هذا لا يبرر التفريط في كانسيلو تحديداً مع مدرب يعتمد بشدة على الأدوار الهجومية للأظهرة.
على ذكر المدرب.. فيمَ كان يفكر يوفي بالتعاقد مع ماوريتسيو ساري؟ هذا ليس انتقاداً للقرار فالرجل لا خلاف على جودته. البعض يقول إنه تمهيد للتعاقد مع بيب غوارديولا في يوم ما، ولكن أي منظومة شبيهة بعمل ساري أو بيب تحتاج لبيئة ممهدة، فإن لم توجد فعليه تمهيدها، وهذا التمهيد بحاجة للوقت أولاً، ثم لتعاون الإدارة ثانياً. الإدارة التي أبرمت صفقتين مجانيتين في خط الوسط قبل الإعلان عن رحيل أليجري أصلاً، أحدهما –رابيو- سبق لساري انتقاده علناً واعتباره عديم التوافق مع طريقته.
وكما تحدثنا عن أهمية الأظهرة لساري، يملك يوفي ظهيره الأيسر أليكس ساندرو في مستوى متذبذب، يليه سبيناتزولا، الذي لسبب ما ذهب إلى روما ليأتي لوكا بيليجريني بدلاً منه، كي لا يذهب إدين دجيكو إلى إنتر، وكي يخرج بيليجريني نفسه معاراً إلى كالياري. ديبالا كان على وشك الانتقال لمانشستر يونايتد، ثم توتنهام هوتسبر وأخيراً باريس سان جيرمان قبل أن يصر على البقاء، لماذا؟ كي لا يذهب لوكاكو إلى إنتر. مبررات منطقية لتهديد عمق القائمة والتخلي عن مواهبها، فقط كي لا يحصل إنتر على لاعبين حصل على أحدهما في نهاية المطاف وكان أكثر من كافٍ بالنسبة لأنتونيو كونتي.
إذاً، سيضطر اليوفي للتخلص من هيغوايين لتعويض فارق الإنفاق بعد صفقة مثل دي ليخت، بعد بيع مويسي كين لسبب وحيد يدعى مينو رايولا الذي يتصادف كونه وكيل المدافع الهولندي والمهاجم الواعد في نفس الوقت. مفاجأة، ساري يريد بقاء هيغوايين وإشراكه أساسياً أيضاً، حظاً طيباً لديبالا على دكة البدلاء التي أصر على القتال منها، ونظراً لفشل مخطط التخلص من إيمري تشان أيضاً، بات هو وماندجوكيتش خارج القائمة الأوروبية التي أعلنت قبل ساعات. فوضى غير مسبوقة في تعاقدات البيانكونيري، سيتعين عليه التعامل مع أضرارها في يناير/كانون الثاني، والصيف التالي أيضاً، ناهيك عن سير عداد العمر في الاتجاه المعاكس لاستمرار الصفقة الأكبر التي جلبت كل هذا الضجيج.
ليفربول بلا صفقات.. لا تقترب مما يعمل ذاتياً
لا شيء، حرفياً لا شيء. بطل أوروبا قرر التخلي عن تدعيم قائمته للموسم المقبل، طمعاً في منافسة مانشستر سيتي بنفس القائمة دون أدنى تدعيمات. الأزمة هنا ليست في حجم التدعيمات التي كان ليفربول بحاجة إليها، فكل ما كان يتطلبه الأمر مدافعاً جيداً إضافياً وعنصراً يزيد من الفاعلية الهجومية لخط الوسط.
الحلول المتاحة التي تضمن التوفير المادي بعد إنفاق كبير للريدز في الآونة الأخيرة لم تكن بتلك الندرة، توبي ألديرفايرلد ما كان ليكلف أكثر من 25 مليون جنيه إسترليني وفقاً لشرطه الجزائي الذي انتهى في السادس والعشرين من يوليو/تموز، برونو فيرنانديز مثلاً كان سيكلف مبلغاً يتراوح بين 60 و80 مليون يورو، لكن نظراً لترتيب الأولويات واستمرار إصابات نابي كيتا كان سيصنع فارقاً كبيراً.
الحديث هنا عن صفقتين كان بمقدورهما نقل الفريق من مستوى فرق القمة إلى مصاف الفرق الخارقة، ولكن تقارير بي بي سي أفادت معلومة طريفة للغاية، أن الريدز لن يتحركوا في الميركاتو إلا لأجل الفرص الذهبية، مثل شيردان شاكيري الذي انضم مقابل 13 مليون جنيه إسترليني في صفقة أخرى صنفت كسرقة. فريق لا ينوي إنفاق أكثر من 13 مليون، ولكنه ينوي التغلب على مانشستر سيتي الذي افتتح سوق الانتقالات بـ60 مليوناً للتعاقد مع رودري.. حظاً سعيداً.
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.