تربِيَةُ الأبناء على حبِّ اللُّغَة العَرَبِيّة هي من أهمِّ الأولوياتِ الَّتي تهتم بها الكثير من العوائل العربِيّة في المهجر. فإتقان اللُّغة الأمِّ له الأثر الكَبير على إِتقانِ أيِّ لُغَة أُخرى يتعلَّمُها الطِّفل ويَختلِطُ بِها. وبالتَّأكيد توجد الكثيرُ مِن الطرقِ الَّتي يُمكِن الاستعانة بها لتعلُّم اللُّغَة. في هذا المقال نُركز على السَّردِ القَصَصي كواحدةٍ مِن أَهمِّ هذه الطُرق.
في البداية نريد أن نُفرِّق بين السَّرد القَصصيِّ والأنواع الأُخرى من العرض القَصَصِي. فالسَّرد القَصصيُّ الَّذي نركِّز عليه هنا هو المسموع غالباً، والَّذي يقدَّم للطِّفل بشكل بسيط ويعتمد على قدرة راوي القصَّة لجذب المستمع (وهنا نعني الطِّفل). فيغزل عوالم بكلماته ويُزيِّنها بنبرات صوته لتخرج حاملة معها شيئاً من السِّحر لتدغدغ عقل الطِّفل ليدخله في عالم من الخيال لا حدود له بما تحمله الكلمة من معنى. على عكس ذلك أنواع أُخرى من العرض القَصصيِّ والتي تعتمد على التَّأثيرات المرئيَّة بشكل كبير كأفلام الكرتون والأنيميشن التي اكتَسح وجودها شاشاتِ التَّلفزة العالميَّة والمحلِّية.
في هذا المقال نعرض خمساً من الطُّرق العمليَّة لتدريب الطِّفل على اللُّغة العربية من خلال السَّرْد القَصصي:
ثانياً: أعد سرد القَصص لطفلك مع الحرص على تحفيزه للمشاركة الفعَّالة. هذا له أثر إيجابيٌّ لزيادة الاستيعاب والتَّدريب على المفردات والإلقاء. فالطِّفل عادةً لا يَملُّ من سماع القِصص أكثر من مرَّة وخاصَّة عند الحرص على دمج الطِّفل وتحفيزه على المشاركة بجزءٍ من القصَّة بلغته الخاصَّة، بإكمال كلمة معيَّنة، أو جملةٍ كاملةٍ، أو حتَّى جزءٍ كامل من القصَّة.
ثالثاً: احرص على قراءة القِصص باللُّغة العربيِّة الفصحى وبصوت واضح مع مراعاة مخارج الحروف الصَّحيحة. فلا يمكن للطِّفل التَّقدُّم في اللُّغة من دون مصدر نقيٍّ وصحيح يأخذ ويتعلَّم منه. فالحرص على القراءةِ الصَّحيحة والواضحة هو من أهمِّ الأُسس لإلقاء القصص للطفل ولا ينفي ذلك بحال من الأحوال الحاجة بعض الأحْيانِ لبعض الكلمات العامِّية للتَّسهيل على الطِّفل إن تطلب الأمر.
خامساً: احرص على تخصيص 10 – 15 دقيقة لِقِصَّةٍ ترويها لطفلك يَوميّاً بمشاركة الأُمِّ والأب على حدٍّ سواء. فبناء الطِّفل وخاصَّة لغويِّاً هو مسؤوليَّة مشتركة على الأب والأُمِّ، والتَّناوب على سرد قصص هادفة هو طريقة عمليَّة لذلك، تُمَكِّنُ كلاً من الأب والأُمِّ لقضاء وقت تعليمي ممتع من الطِّفل وتُمكِّن الطِّفل من سماع أساليب مختلفة للقصص المرويَّة. وبالطَّبع يزيد هذا الوقت من ترابط العائلة ببعضها البعض.
في عصرنا الحالي يواجه الطِّفل أمواجاً عاتيةً من الأفكار والمحتوى الَّذي يقدم بطرق مختلفة تغلب عليها السُّرعة والمؤثرات المرئيَّة واللُّغة العامِّيَّة، يتحتَّم علينا جميعاً بذل جهد مضاعف للأخذ بيد أطفالنا وحمايتهم. ويكون ذلك من خلال حاضِنةٍ تربوية حامية للطِّفل توازن بين ما يُقَدَّم له وترتكز على إتقان الطِّفْل للُّغة العربيّة الأم بشكل لا يتزحزح، بِغَضِّ النَّظَرِ عن مكان وجودنا في دولةٍ عربيَّة أو في مهجر. ويُشكِّل السَّرد القَصَصي أحد الطُّرق الفعَّالة والرَّكائز الأساسية في هذه الحاضنة التربوية.
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.