تداخلت في عقلي الأفكار
كيف كان ينادي الشيخ على مرافقه، كيف كان صَمت الشيخ!
أي الأركان كانت مفضلة له كي يُطرق النظر والتمعن والتفكر؟
مع أي من التفاصيل في الجدار، المكتبة، الكراسي، القضبان الحديدية التي يتسرب من بينها الضوء كان الشيخ يعقد علاقة خاصة بابتسامه، بتأمل؟ّ
كيف تضامنت هذه التفاصيل جُلها مع حُزن الشيخ ذات مساء؟!
كيف كان خفقانها وقت أن كان يُسبح الشيخ باسم الله وباسم الجهاد تفكيراً وذكراً!
هل شهدت الكُتب والقطع الخشبية المُكَوِنة للمكتبة العريقة والجدران بآثار الزمن والخدوش عليها على الأسرار العسكرية والجهادية التي كان يتحدث بها الشيخ مع رفاقه؟
مَن علمها يا تُرى صَمتاً كهذا! هل لديها من النَضج والصبر والخبرة كي تتحمل ثقلاً كهذا على تفاصيلها المُهملة من الحاضرين؟
إنها تربية للأماكن بالقدسية، بالطُهر
كل الحضور من الجماد أحسنوا تربية أنفسهم بحضور الشيخ
تربية أمنية بالصمت على السر العسكري، تربية روحانية بالتواصل مع الشيخ
إنها كل التفاصيل الدافئة التي كانت تحنو علي عينيه بالتواجد والاستمرارية!
إنني الآن أمام كل تلك التفاصيل في ذاك المكان طاهر الرُوح والنفس
بدأت بخطوات حثيثة في المكان أتلمس بأناملي أطراف الكراسي مقترباً من كرسي الشيخ المتحرك وبقايا شاله البني اللون، وصلتُ فوقفتُ فصمت، ارتعاشة يدي طبيعية لهيبة الحضور أمام بقايا الشيخ.
استحضرت دخول المجاهدين في الليالي شديدة البرودة قبيل الرباط طلباً لدعاء الشيخ أو أملاً في نصيحة ربما.
حاولت العودة بذهني لمشهد الاغتيال وإنني الآن في خِضم المكان والأجواء عدا قصف الطيران والشيخ وارتباك السماء.
دعاني حمزة كي أغسل وجهي من آثار الطريق لبيت الدعوة وبدأت التحرك ذهبت إلى الحمام وحمزة دليلي في الأمام،
دلفتُ ضمن إشعاع النور الأصفر الداكن وبدأت بإعطاء الأمر لصنبور المياه كي يتسرب منه الماء،
حدث وتسربت من عقلي الأفكار بكيف كانت تُهرول المياه على وجه الشيخ في وضوء الفجر؟!
هل كانت تُطَببُ وجه الشيخ بدفء وقت البرودة مثلاً؟!
إنها كل الأفكار الفلسفية التي من الممكن أن تدور ببال زائر لهذا المنزل العتيق المبارك، منزل الشيخ أحمد ياسين.
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.