رغم أنني لا أثق كثيراً بكلام الرئيس الأمريكي الحالي، دونالد ترامب، حين يكون ممدداً على بطنه ويطلب وجبات من ماكدونالدز ويُدير التلفاز على محطات أخبار أمريكية ومن ثم يبدأ بالتغريد على تويتر كعادته في كل مساء، لكن تغريدته الأخيرة التي أكد خلالها، أن إيران ارتكبت خطأً جسيماً حين أسقطت طائرة تجسس أمريكية مسيرة، ومن ثم إعلان الأخيرة عن حالة التأهب القصوى بين صفوف قواتها، ذلك أشعرني بالرعب هذه المرة وبت أعتقد أن الحرب أصبحت وشيكة أكثر من أي وقت مضى.
ربما أن إيران أُجبرت على إسقاط تلك الطائرة لأنه من غير المعقول أن تُقدّم لشعبها رواية أخرى حين تم انتهاك أجوائها بهذه الطريقة المخزية، وربما أن هذا ما أرادته أمريكا بالضبط، وهذا تحليل آخر أُحبذه أحياناً، لكن الأخيرة لم تدرك بعدُ لا هي ولا دول الخليج أتباعها وأتباع إسرائيل المتلهفون لمعاقبة إيران إرضاءً للأخيرة، لم يدركوا جميعاً تلك العواقب الوخيمة والتي ستكون جنونية على الجميع.
لكن في ذات الوقت فدونالد ترامب التاجر المتعجرف الطماع والمتهور سياسياً، قد لا يستطيع تقبل هذه الإهانة الإيرانية التي تمثلت بإسقاط تلك الطائرة المسيرة، وسيجر المنطقة إلى إشعال أتون الحرب أخيراً فيما لو سدد ضربته لإيران التي لمح لها بتغريدته المبطنة تلك، لكن ربما أن ذلك يتوقف تماماً على طبيعة هذه الضربة ومداها، إلا إذا قرر وقيادته العسكرية رد الإهانة هناك على الأراضي السورية، لكني أستبعدُ ذلك لأنه سيكون انتصاراً مدوياً لإيران حينها، لماذا؟ لأن ضرب مصالح أو مواقع إيران العسكرية هناك وقواعدها في سورية لا يعتبر سيادياً بالنسبة لإيران، فهذه الأراضي ليست إيرانية، وهي تغاضت في السابق عن ضربات أمريكية مماثلة.
لكن هذا السيناريو قبل الأخير ربما يكون له مجال هنا، خاصة أنه لا أحد يتوقع كيفية الرد الإيراني فيما لو وجهت لها أمريكا ضربة عسكرية في عقر دارها، ولا حتى ترامب يتوقع هذه الكيفية، وربما لن تفلح حينها تلك المساعي الدولية التي ستنشأ من أجل التهدئة، ربما أن الشيء الوحيد المؤكد لدينا من بين خضم هذه التكهنات كلها هو الرد الإيراني على الضربة الأمريكية، وأن أمريكا ستخرج مثخنة مترنحة كما خرجت من حروبها السابقة في أفغانستان والعراق، لكن ذلك لا يهم بالنسبة للتاجر ترامب، فإيران ستخرج مثخنة أيضاً بينما المدللة دولة الاحتلال اليهودي ستكون هي الرابح الأوحد في المنطقة حسب ما يعتقده هو حتى اللحظة، وهذا ما يسعى إليه منذ تسلم الإدارة الأمريكية حتى لو كان على حساب أمريكا نفسها وحلفائها الخليجيين والعرب.
أنا لن أنام هذه الليلة أعزائي وتغريدة ترامب يبدو أنها ستُعكنن عليّ نهاية الأسبوع التي أنتظرها دائماً بفارغ الصبر بعد أسبوع من العمل الشاق، سأسهر وأنا أتوقع اندلاع الشرارة الأولى لهذه الحرب التي ستكون كبرى، والتي ستحرق المنطقة بأسرها وستحرق إسرائيل أيضاً، على عكس ما يتوقعه ترامب الآن، الإيرانيون هذه المرة لم يتبق لهم الكثير ليخسروه بعد الحصار ومنع تصدير نفطهم وانهيار ريالهم الدراماتيكي، لذا سيكون ردهم كالذي يقول، عليّ وعلى أعدائي.
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.