لعل المبادرة التي أطلقتها وأكدت عليها مراراً وتكراراً والتي لم تلق تفهماً واستجابة وتفاعلاً في حينه في بدايات العام 2015 والتي أطلقت عليها "تحرير الشرعية من المحبس"؛ وكنت أهدف من خلال ذلك أن أصحح تفكيراً مشوشاً لفكرة الشرعية وأصولها كما تعلمناها في كتب السياسة، الشرعية فكرة ومبدأ وليست شخصاً أو تعييناً في شخص، لم يكن ذلك في حينه قدحاً في شرعية الرئيس المدني المنتخب الوحيد، بل تأكيداً لها كفكرة ومبدأ تستند إلى ما يمثله الشهيد الرئيس الدكتور مرسي من رمزية في هذا المقام كعلامة على مسار ديمقراطي رافق ثورة يناير في مصر وكمؤشر في المقابل على ما اقترفه النظام الانقلابي في حق الثورة المصرية في تحقيق أهدافها في الحرية والكرامة من قطع الطريق على هذا المسار الديمقراطي ومحاولة الارتداد عليه والانقلاب على بعض مكاسبه على طريق تدشين نظام استبدادي عسكري فاشي يتمثل في نظام الثالث من يوليو وما يمثله من مواقف وسياسات.
إن مبدأ الشرعية وجوهرها يختلف عن فبركات الشرعنة وحركاتها، في إطار محاولات النظام الغاصب إضفاء شرعية موهومة على باطله الواضح المتبجح؛ إن الرواية المتعلقة بسلطة انقلاب تنفرد بساحة الوطن وترويج معلومات لا يمكن التيقن منها، لا يمكن أن يبنى عليها إلا بعد الإفراج عن الرواية الثانية التي يمثلها الدكتور مرسي وفريقه وبعض من كان له اطلاع على بواطن الأمور وبعض غموضها بصدد اتصالات ومحاولات لتفادي هدم التجربة الديمقراطية الوليدة بعد ثورة شهد لها القاصي والداني بعظمتها وسلميتها، وهو أمر يجعل من ضرورة أي اصطفاف إنما هو لمواجهة هذا النظام الفاشي الذي كرس وجوده واستمراره بعد الانقلاب العسكري في الثالث من يوليو وما ترتب عليه من مسرحيات استفتائية أو انتخابية؛ تأكيداً على قدرة وواجب العودة للمسار الديمقراطي واستئنافه من جديد، وفق الآليات المعتبرة والقواعد المقدرة والمقررة والمبادئ المجمع عليها.
* نقطة الانطلاق هي رفض حكم العسكر أو انقلاباته؛ لأنها لا يمكن أن تمثل الشرعية والرضا الشعبي، ولا يمكن شرعنتها بأي صورة من الصور التفافاً أو تضليلاً أو ادعاء ولو ردده من قام بالانقلاب صباح مساء بلا انقطاع.
* إن التقاط خيط وخط الشرعية من لحظة ما قبل 3 يوليو 2013 قد يكون مفتاحاً في التأكيد على الثابت الثوري، والإرادة الشعبية الحرة والمسار الديمقراطي مع التصحيح والإصلاح.
* الشرعية إذ لا تقف الشرعية كمبدأ عند الشخص بل هي أبعد من ذلك؛ تقوم هذه الرؤية على قاعدة البحث عن المفتاح:
* أين كان المفتاح آخر مرة، المفتاح مع الدكتور مرسي الرئيس المدني الوحيد المنتخب.
* المفتاح ليس مع سلطة الانقلاب، الانقلاب "طفّش" باب السلطة الشرعية كسر الباب بقوة وتغولت مؤسسته وبجرة سلاحه (ليس هناك ما يسمى بالشرعية المسلحة، أو شرعية الانقلاب).
* محاولة الانقلاب الإيهام بأن لديه المفتاح خاصة بعد الاستفتاء على دستور مزعوم، وانتخابات رئاسية هزلية أو استفتاءات عبثية مفبركة، لأن هذا التصور ليس إلا محاولة لإضفاء شرعنة على فعل انقلابي فاضح، والشرعنة هي ادعاء بتغيير "كالون" باب السلطة بمفتاح انقلابي جديد، وهو أمر لا يمكن قبوله لأنه يسمح أو يشرعن ملكية الوطن للص استقر به وحبس من وكله الشعب بإجراء انتخابي، لا يمكن إهماله أو من شارك فيه.
الأولى: ضرورة المطالبة بدم الرئيس في كافة المحافل الدولية وطلب التحقيقات الدولية المناسبة واستثمار هذه القضية، هذه القضية تفوق قضية الشهيد جمال خاشقجي إن لم تكن تفقها لو استثمر بصورة مكينة ورشيدة بجوانبها الحقوقية والقانونية والابتناء عليها لفضح هذا النظام الفاشي ونظم اعتقاله وسجونه والإهمال الذي يطال كل المعتقلين والموت البطيء الذي يتعرضون له.
الثالثة: الاستقطاب لا يبني مؤسسات مجتمعية لها قبول عام وتقوم على توافق مجتمعي وسياسي في إطار فكرة التوافق وأصول التعاقد المجتمعي.
مسارات أربعة تنفيذية لهذه المفاتيح:
مسار مدنية الدولة كحركة تاريخية يهددها بالأساس "تدخل العسكر".
مسار جامعية الوطن: يفرض الجامعية ويرفض "الاستبعاد".
المسار الديمقراطي: يفرض خارطة طريق/ لا قاطعة طريق.
مسار العودة للشعب: المسار الشعبي الحاضن لكل تغيير.
وآليات يمكن ترجمتها الى وسائل وأدوات وأداء:
صياغة التعاقد المجتمعي والسياسي: "عقد سياسي ومجتمعي جديد"
صياغة أصول التشاركية والاستهام السياسي والمجتمعي.
صياغة أطر استراتيجية العدالة: (القانونية – الانتقالية – الاجتماعية)
صياغة أصول مدنية الدولة وعلاقات سلطاتها ومؤسساتها.
إن حق مقاومة الطغيان واغتصاب الشرعية سواء من قبل الواقفين في صف (الحرية) أو المحتجين الصامدين في صف (الشرعية)، يجب أن يلتقيا على هذه الكلمة السواء، ضمن هذا التصور الجامع بين مطالب الحرية والمحاسبة، ومطالب الشرعية الواجبة، انطلاقاً إلى المستقبل، واعتباراً بدرس الماضي لا وقوفاً عنده أو الوقوع في حبائل أسره. واستشهاد الرئيس مرسي بهذه الطريقة يفرض علينا ضرورة أن نسلك هذا الطريق، إن المطلوب اليوم وبكل وضوح وقوة: هو عملية صادقة للخروج من أزمة الشرعية التي يعاني منها النظام السياسي، نحو استئناف (مسيرة الثورة ومسار الديمقراطية معاً) في إطار جامع بين مطالب الحرية والديمقراطية ومطالب الشرعية الحقيقية.
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.