يُعرف عن الرياضيين احترامهم الشديد للوقت، واهتمامهم بصحتهم بشكل مبالغ فيه، فهي في النهاية كل ما يملكون، إلا أن جوزيبي مياتزا أشهر مهاجم إيطالي حطَّم كلَّ تلك المعاير، فقد كان مدخناً شرهاً ومدمنا للكحول، وكثيراً ما كانت له علاقات نسائية، وكان لا يتدرَّب إلا مرةً واحدةً في الأسبوع، لكن على الرغم من كل هذا كان لاعباً عبقرياً وهدافاً من طراز كبير، وأصبح حديثَ إيطاليا كلها في وقت وجيز.
اشتهر جوزيبي مياتزا، مهاجم منتخب إيطاليا، بحياته المجنونة، التي تبعد كل البعد عن الحياة التقليدية لأي رياضي على كوكب الأرض، حيث كان مدخناً شرهاً ولاعباً كسولاً، دائم التأخير على المباريات، إلا أن الكرة تعشقه، فقد كانت له قدرة عجيبة على تسجيل الأهداف في وقت قصير، وحقَّق أرقاماً قياسية عالمية جعلته لاعب كرة القدم الأشهر في تاريخ إيطاليا.
فكيف استطاع أن يجمع بين الاستهتار وعدم الانضباط والنجاح؟ سنحاول أن نسلِّط الضوءَ على هذا اللاعب العبقري المجنون.
نبذة تاريخية
وُلد في 23 أغسطس/آب 1910، تربَّى في عائلة فقيرة، كان يرتاد ملاعب كرة القدم التي كانت تحيط بعاصمة لومبارديا، وسرعان ما أبهر العديد من المشجعين الإيطاليين الذين نصحوا نادي إيه سي ميلان، النادي المهيمن وقتها بضمه للفريق، تم رفضه (اعتبروه نحيفاً جداً بالإضافة لطوله 169 سنتمتراً)، ليظفر به الغريم إنتر ميلان.
بدأ مسيرته مع نادي إنتر ميلان في موسم 1927-1928، واستطاع أن يحقق معهم العديد من الإنجازات، ففاز بلقب الدوري الإيطالي ثلاث مرات، وحصل على المركز الثاني ثلاث مرات أيضاً، وفاز بكأس إيطاليا مرة واحدة، وحصل على لقب هداف الدوري الإيطالي ثلاث مرات، في أعوام 1930 و1936 و1938.
ألقابه الجماعية والفردية
يحمل جوزيبي مياتزاالرقم القياسي كأكثر اللاعبين تسجيلاً للأهداف في الدوري الإيطالي، حيث سجل 243 هدفاً من 361 مباراة لعبها، كما يعد أكثر لاعب تسجيلاً للهاتريك في تاريخ الدوري الإيطالي "بالتشارك مع غونار نوردال" بـ17 هاتريك. ويعده البعض أفضل مهاجم إيطالي في تاريخ الكرة الإيطالية، وكان أوللاعب إيطالي ينال شهرة عالمية، ولذا تقديراً له وتخليداً لذكراه تم تسمية ملعب سان سيرو باسمه.
– 2 كأس عالم FIFA عامي 1934 و1938
– 2 كأس الأمم الأوروبية عامي 1930 و1935
– 3 دوريات إيطالية أعوام 1930 و1938 و1940
– حصل على المركز الثاني ثلاث مرات أيضاً
– 1 كأس إيطاليا عام 1939
– 4 لقب هداف الدوري الإيطالي أعوام 1929، و1930، و1936، و1938
– أفضل هداف في تاريخ إنتر ميلان (287 هدفاً).
– ثالث أفضل هداف في تاريخ الدوري الإيطالي (216 هدفاً في 367 مباراة).
– الهداف التاريخي لمنتخب إيطاليا لكرة القدم، حيث لعب 53 مباراة دولية، واستطاع أن يسجل 33 هدفاً قبل أن يحطم جيجي ريفا رقمه القياسي بتسجيله 35 هدفاً في عام 1972.
– اختير من قبل الفيفا ومن قبل مؤسسه Iffhs من ضمن أفضل 25 لاعباً في القرن العشرين.
– ثالث أفضل هداف بالمسابقات الإيطالية عامة.
تصرفاته الغريبة
الغريب في سيرة هذا اللاعب أنه كان مدخناً شرهاً، وكان يدخن بين شوطي أيّ مباراة في غرفة تغيير الملابس وأمام أعين المدرب واللاعبين، ليس هذا فقط، بل كان يرفض التدريب بشكل دوري، ولم يكن يتدرب سوى مرة واحدة في الأسبوع مع ناديه إنتر ميلان.
ومن غرائب هذا اللاعب أنه كان لا ينام ليلة مباريات فريقه في ميلانو مع أصدقائه اللاعبين في الفندق، بل كان ينام في بيته، الذي يبعد عن الملعب 10 دقائق مشياً على الأقدام.
وكان مياتزا يشتهر بقدرته على إحراز أهداف كثيرة في فترة وجيزة لا تتعدى الدقائق المعدودة.
عرف عن مياتزا أنه دائم السهر، وكثيراً ما كانت له علاقات نسائية، وأيضاً كان مدمناً للخمور، ومدخناً شرهاً للسجائر.
لدى مياتزا قصة غريبة، كانت الأشهر له، حيث ترجع تفاصيلها إلى أن اللاعبين في الماضي كانوا يأتون بشكل فردي إلى الملعب، وليس في حافلة كما هو الحال الآن، وكان يقيم بجوار الملعب الذي يستخدمه إنتر ميلان، ولأنه كان مستهتراً بعض الشيء تجاه مسألة الالتزام، فإنه في ذلك اليوم حضر متأخراً، وقبل انطلاق المباراة بخمس دقائق، وكان مسؤولو الفريق يفكرون في كيفية جعله يلتزم، أو يقومون بمعاقبته، إلا أنه بعد دخوله الملعب قام بتسجيل ثلاثة أهداف هاتريك، وأفلت بسببها من العقوبة.
جوزيبي مياتزا اعتاد على دخول الملعب دون إحماء، والمشاركة في المباريات دون الاستعداد لها، وأبرز أفعاله الغريبة كانت في أحد لقاءات فريق يوفنتوس في عام 1937، حيث نام مخموراً، وتأخَّر في الاستيقاظ، ما دعا مسؤولي الجهاز الفني لإرسال أحد الأشخاص لإيقاظه، وحضر قبل انطلاق المباراة بدقائق محدودة، ورغم كل ذلك سجَّل هدفين، ويمضي بعدها الفريق لحصد لقب الدوري.
في عام 1940 انتقل جوزيبي مياتزا إلى الفريق الآخر في المدينة "ميلان"، وقبل مباراة الديربي بكى جوزيبي داخل غُرفة تبديل الملابس، لأنّه لم يود مواجهة فريقه السابق، إلا أنّه بالرغم من ذلك قام بتسجيل هدف التعادل للميلان، في المباراة التي انتهت بالتعادل 2-2، ليكون الهدف الوحيد الذي سجله في الديربي لصالح الميلان، بعد أن سجّل 12 هدفاً بقميص الإنتر.
يقول فالنتيني زافيرا، أحد مشجعي الإنتر القدماء:
لم يكن أحد يتصور أن يكون هذا الشاب الصغير، صاحب الـ16 عاماً، اسماً يُردِّده العالمُ حتى الآن.
حتى عندما بدأ تألقه وهو في سن الـ18، شكَّك الكثيرون في أن يُكمل بنفس هذا المستوى.
ولكن جوزيبي فاجأ الجميع بتقدُّم وتطور مستواه، فكسر كل الأرقام.
إنه حقاً أسطورة لم ولن تتكرر.
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.