جريمة القتل الوحشية التي ارتكبها متطرف مسيحي بنيوزيلندا وراح ضحيتها نحو 50 مسلماً أثناء صلاتهم في مسجدين، هي نتاج عملية الشحن والدفع لكراهية المسلمين ونبذ التوجه الإسلامي في شتى مناحي الحياة، والتي أصبحت رائجة عالمياً هذه السنوات.
الإسلاموفوبيا أو كراهية الاسلام أصبحت واقعاً عالمياً يجب التصدي له وتجريمه ومواجهة أي سلوك أو دعوات تحتقر أو تنتقص أو تحرض ضد المسلمين في أي مكان كانوا. وهنا يجب التصدي لما تقوم به السعودية والإمارات العربية كدولتين قائدتين في تعزيز هذه الظاهرة، والعمل ليل نهار على تناميها وتغذية المتطرفين بها، وإعطاء المبررات لعمليات استهداف وسحق المسلمين أياً كانوا.
تقود السعودية ومعها الإمارات خطاباً إعلامياً وسياسياً محرضاً على المسلمين والتوجهات الإسلامية ليس في دولتيهما فقط، وإنما في العالم بأسره. هذا الخطاب وحملات العلاقات العامة الممولة والملوثة بالمال الخليجي في الغرب، ضد السياسيين أو المفكرين أو الكتاب أو النشطاء المنتمين للإسلام السياسي أو حتى غير المنخرطين من الأساس في العملية السياسية، نجد آثاره المرعبة، ونصحو على مأساوية نتائجها لدرجة جعلت بلداً هادئاً مسالماً في أقاصي الأرض، يكون مسرحاً لجريمة وحشية يجب أن يجرم كل من روج أو حرض عليها وجعل المسلمين يستهدفون ويذبجون بدم بارد لا لشيء، إلا أنهم مسلمون فقط.
متابعة بسيطة لمنصات الإعلام السعودي والإماراتي بشتى صورها المرئية والمسموعة والمكتوبة والإلكترونية، وبالأخص قناة العربية المملوكة سعودياً، وخاضعة لنفوذ أبوظبي، سيعتقد أن اليمين المتطرف في الغرب هو من يمول ويشغل هذه المنصات، بحيث يجعلها منصات تهين وتحرض على المسلمين في كل بقعة من بقاع الأرض، وفي قضايا ومناسبات حديثة، سواء كانوا مهاجرين في أوروبا أو لاجئين تتم معاملتهم بوحشية ويجب دعم اليمين هناك ضدهم، أو حوادث فردية يقوم بها مسلمون، نشأوا، أصلاً، على أفكار وتشدد مشايخ شبه الجزيرة، وتقوم هذه المنصات بالنيل من المسلمين جميعاً.
إن الخطاب السياسي السعودي الإماراتي ومعه خطاب النظام المصري، رغم محدودية تأثيره، هو خطاب معادٍ للمسلمين، في كل المناسبات وخطاب يجب تصنيفه كخطاب عنصري، ربما يكون خطاب اليمين المتطرف في الغرب أكثر اعتدالاً منه. فكل توجه إسلامي ارهابي، أي سياسي مسلم هو إرهابي، أي محجبة ناجحة في مجالها يجب النيل منها، وهناك قضايا وأمثلة كثيرة يمكن معالجة التناول الإعلامي لهذه المنصات لها، كما أن عمليات اللجوء لأوروبا نتيجة الحروب التي أشعلتها السعودية والإمارات في الشرق الأوسط، هي عملية عدوان على القيم الأوروبية الراقية وأسلمة لها، والساسة المتطرفون الكارهون للعرب والمسلمين يجب دعمهم وتمويل حملاتهم وإيصالهم للحكم كما فعل مع الرئيس الأمريكي ترامب.
لقد صنعت السعودية بالأساس التدين الشكلي المظهري للمسلمين، وأوجدت أجيالاً جوفاء يهتمون باللحية وتقصير الجلباب ورفض الآخر وتكفيره، بينما النظام يدفع نفط الشعب للأمريكان لحمايته من السقوط، ويمول حملات علاقات عامة تهين الإسلام والمسلمين بحجة محاربة التطرف، ونشر الاعتدال. كما أن السعودية والإمارات ارتكبتا فظائع بحق المسلمين وبلدانهم في الشرق الأوسط، بحيث جعلتا المنطقة خراباً وحروباً ولجوءاً بالملايين، وفي النهاية لم يرحموا هؤلاء اللاجئين عبر منصاتهم وطالبوا الغرب بالتشدد معهم ورفضهم، كما أنهم لم يقبلوا أي لاجئ رغم أنهم الأكثر ثراء والأكثر قرباً، بغض النظر عن وحدة اللغة والدين.
مقاومة الخطاب الإعلامي والسياسي للسعودية والإمارات يجب أن تكون مواجهة في إطار صحيح، فالخطاب لا يجب حصره في مجال التنافس السياسي، وإنما يجب إدراجه كخطاب كراهية ضد المسلمين يحرض عليهم ويحقر منهم ويجعلهم أكثر عرضة للاستهداف وغير مقبولين في المجتمعات الأخرى.
كما يجب مقاومة الفعل السياسي والعسكري لهاتين الدولتين، وأن يتصدى المجتمع الدولي لحروبهم التي أشعلوها من الشام شمالاً وحتى اليمن جنوباً، والعراق شرقاً حتى مالي غرباً.
إن إصرار الدولتين على عمل قوائم للإرهاب ونعت أشخاص وتيارات بأنها إرهابية، ونشر الكراهية والتشاحن العابر للحدود عبر كافة أشكال التواصل والإعلام يجب وقفه فوراً، وعدم التعاطي معه، فنشر التسامح وقيم الاعتدال التي يروجون لها تفرض عليهم أولاً التخلي عن نشر الكراهية وتغيير هذه السياسات التي جعلت المسلمين مأساة في هذا العالم، مرة بدعمهم للتطرف والجماعات وشن الحروب، ومرة بدعم اليمين الغربي المتطرف ضد المسلمين ونشر كراهية الإسلام. أي من النقيض للنقيض والخاسر الوحيد في هذه التصرفات غير الأخلاقية هم المسلمون.
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.