يحتفل العالم هذا الأسبوع بيوم المرأة العالمي، وإن كانت نساء العالم يطلبن في هذا اليوم العديد من المطالب غير المعقولة، فأنا وبصفتي واحدة من بنات هذا الكوكب التعيس فلي أيضاً مطالب، لكنني لن أبالغ فيها ولن أتطرف، ولن أضع العقدة في المنشار، وإنما سأكتفي بأمنيات بسيطة، آملةً أن تجد مكانها في ثقافة عالمنا العربي العزيز، تلك هي أمنياتي ليوم المرأة العالمي:
أن تتحول جُمل مثل "وحياة أمك" و"يا روح أمك" في الثقافة الشعبية إلى رجاء لا إهانة تستوجب أن يغضب متلقيها أو يتخذ القرار بالرد بإهانة مماثلة أو أكبر، أن نكف جميعاً عن استخدام جملة "خليك راجل" أو حتى "خليكي راجل" لحثّ شخص ما على التحلي بالقدرة على التحمُّل واستبدالها بجملة "خليكي ست"!
إذ كيف نقارن قدرة تحمُّل رجل يسأم بسبب حمله لـ "بطيخة"، بامرأة تحمل كائناً حياً بداخلها 9 شهور دون أن تكل أو تمل، أو كيف نقارن قدرة تحمُّله حين يقلب البيت إلى منطقة حزام كوارث لمجرد أنه أصيب بدور برد، بينما تتحمل هي آلام طلق وولادة وتخرج من كل هذا وهي تحمل ابتسامة على وجهها ومستعدة لتكرار التجربة في اليوم التالي؟
أن نوازي بين الحديث عن الرجل الناجح والحديث عن المرأة الناجحة، فليس فقط وراء كل رجل عظيم امرأة (لأنه يحتفظ بالمحفظة في الجيب الخلفي كما يقولون)، لكن أيضاً وراء كل امرأة عظيمة رجلان (أحدهما يتحرش بها، والآخر يريد أن يدفعها لتسقط في حفرة لا يقل عمقها عن مئات الأمتار).
أن يرأف الله بحالنا ويمنحنا القدرة على التحول أحياناً لـ "قنفذ متعدد الأشواك"، وهو "أوبشن" مفيد للغاية وقت تعرُّضنا للتحرش، فالله أرحم من عباده والعالم بكل شيء.
أن يصدر شخص ما في الأزهر أو يتفق مجلس علماء المسلمين على إصدار فتوى دينية تقر بأن أي أنثى تعيش على أرض الشرق الحزين فهي في الجنَّة بدون حساب، على الأقل إن نُزعت منا حقوقنا، ونظر إلينا على أننا مخلوقات درجة ثالثة، واستُخدمت أسماؤنا وألقابنا وأجزاء من أجسادنا كسُبة أو إهانة وتحمَّلنا كل المسؤوليات ونعتنا بأننا غير ذوات فائدة، وضربنا وتم التحرش بنا، وتم تسفيه نجاحاتنا، والاستهانة بقدراتنا، والاستمتاع بعرقلتنا وإيقاع الإيذاء البدني والنفسي والمعنوي بنا لمجرد أننا نساء، كل هذا قد يصبح محتملاً إن طمأننا شخص ما أننا على الأقل سنلاقي جزاء صبرنا في الآخرة.
ولا يسعني عزيزتي المرأة في هذا اليوم المهيب إلا أن أذكرك بأنه على قدر أولي العزم تأتي العزائم، وأن الله لم يكن ليضعك في هذه القطعة الحزينة من الأرض إن لم يكن يعلم مسبقاً أنك قادرة على احتمال كل سخافاتها وتعنُّتها وتعصبها تجاهك.. "اجمدي كده.. خليكي راجل"!
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.