اقتباس:
"في كل قصة نجاح، هناك شخص اتخذ قراراً شجاعاً" – ونستون تشرشل
ما سأكتبه ليس تحدياً أو استفزازاً لأشخاص أو مؤسسات، بل من واجبي كمواطن يتمتع بحقوقه المدنية، المرسمة في الدستور الجزائري، من حق الانتخاب إلى حق ممارسة الحريات الفردية، بما في ذلك حرية التعبير دون تجريح أو الطعن في الأشخاص أو التشهير بهم، مع تقدير واحترام حريات الآخرين وعلى أساس القاعدة التي تقول: "تنتهي حريتك عندما تبدأ حرية الآخرين".
"إن تاريخ الشعوب ليس إلا سلسلة من المعارك المتنوعة تخرج ظافرة من معركة لتدخل مزوّدة بسلاح جديد إلى معركة جديدة، فإذا كنا قد خرجنا من معركة الاستقلال، فإن ذلك ليس إلا سلاحاً لا بد منه لخوض معركة أخرى هي معركة النهضة والرقي والحياة" – الرئيس الراحل هواري بومدين
لا هذا ولا ذاك، لم أسمع ولم أشاهد ولم أقرأ، يوماً في حياتي أن بلداً أخلص فيه عناصر جيشه أداء واجب الخدمة والمهام المنوطة به (بلدان العالم الثالث حالة خاصة)، ثم إن جائزة نهاية الخدمة بطبيعة الحال، يكرّم ويستفيد عسكريوه من التقاعد، وفيما بعد لما يطالبون بحقوقهم المشروعة بطرق صحيحة وسلمية، يهانون من قبل سلطات وحكومات بلدانهم.
ومع بداية دخول الجزائر منتصف العقد الثاني من الألفية الثالثة، ولكن وللأسف الشديد، وكعينة عن ذلك قد حدث ويحدث ذلك في بلادنا الجزائر، بعد نفاد كل السبل والوسائل المتاحة والمسموح بها من مراسلات وتبليغ انشغالات العسكريين السابقين من متقاعدي الجيش الوطني الشعبي بكل فئاته، عبر قنوات التواصل التابعة للوزارة الوصية وفي مقدمتها (الصندوق العسكري للتقاعد/بلكور)، وتناقلت أخبارهم بعد ذلك الإعلام من قنوات خاصة وكذا من خلال صفحات الجرائد الوطنية التي نقلت انشغالاتهم إلى الجهات المعنية، في الأخير ينزل هؤلاء العسكريون السابقون إلى الطرقات والساحات العمومية ليطالبوا بحقوقهم المشروعة، (لقد سبق لي وأن تطرقت إلى الموضوع من خلال مقالاتي السابقة التي نشرت على الموقع الإعلامي زاد دي زاد) من متقاعدي الجيش الوطني الشعبي بكل فئاته، معطوبين ومشطوبين وجرحى، بمن فيهم فئة ذوو الحقوق وأرامل شهداء الواجب الوطني، وهم في ذلك يدعون السلطات وأصحاب القرار في البلاد، بتطبيق ما جاءت به مراسيم رئاسة الجمهورية من حقوق واستفادات لصالح هذه الشريحة من العسكريين السابقين، الذين ضحوا بالأمس القريب بعز شبابهم وصحتهم وواجهوا الموت، كانوا في الجبال والمداشر والوديان يجالسونها أحياناً، وأحياناً كثيرة هي من تجالسهم، وباستمرار خلال العشرية السوداء.
لقد أولى السيد رئيس الجمهورية عبدالعزيز بوتفليقة، وزير الدفاع الوطني القائد الأعلى للقوات المسلحة، الأهمية اللازمة للمؤسسة العسكرية وأعاد من جديد إنشاء وفتح مدارس أشبال الأمة عبر النقاط الأربعة من تراب الجمهورية، والتي توقفت حيناً من الزمن، تضرب العرب مثلاً جميلاً يقولون فيه: (هذا الشِّبْلُ من ذاكَ الأَسَدِ)، وقد حذا بذلك حذو صديقه ورفيقه في الدرب والسلاح الرئيس الراحل هواري بومدين، (محمد إبراهيم بوخروبة (23 أغسطس/آب 1932 – 27 ديسمبر/كانون الأول 1978)، الذي هو الآخر (رحمة الله عليه) أولى الأهمية البالغة للجيش الوطني الشعبي سليل جيش التحرير الوطني.
فكان من واجب سلطات البلاد أن تكرّم وتكافئ العسكريين الذين حموا البلاد والعباد بالأمس القريب، وضحّوا بالنفس والنفيس، وبالغالي قبل الرخيص، فهل كانت ذاكرة النظام الحالي قصيرة؟ هل النظام الحالي نسى أو تناسى "سنين الجمر؟"، هل تنكر أصحاب القرار لفئة العسكريين السابقين؟ أسئلة تشغل بال الرأي العام الوطني، في انتظار الرد عليها من قبل صُناع القرار في البلاد، في أعلى هرم للسلطة، رئاسة الجمهورية، وعلى رأسها السيد عبدالعزيز بوتفليقة رئيس الجمهورية والقاضي الأول في البلاد!
وقبل أن أختم ورقتي هذه بودي أن أذكركم بالخبر الذي تناقلته معظم وسائل الإعلام الروسية السنة الماضية (2017)، ولقد عنونت القناة الإخبارية روسيا اليوم RT عبر موقعها الإلكتروني بتاريخ يوم 2017/12/28، على النحو التالي:
بوتين يقلّد عريفاً "وسام بطل روسيا" لتنفيذه "مأثرة سرية" في سوريا
حيث جاء في المقال ما يلي:
(وذكرت وسائل الإعلام الروسية أن منح العريف بورتنيغين "وسام بطل روسيا" من قبل بوتين كان الأكثر إثارة للاهتمام خلال المراسم، التي جرت في الكرملين، اليوم الخميس.
وأشارت صحيفة "كومسومولسكايا برافدا" في هذا السياق إلى أن بورتنياغين، الذي يخدم ضمن قوات العمليات الخاصة الروسية، نفذ "مأثرة" عسكرية في سوريا لم ترفع الحكومة الروسية السرية عنها، لافتة إلى أن النقاب لن يكشف عن طابع العملية، التي تميز بتنفيذها العريف، إلا بعد فترة طويلة.
جدير بالذكر أن منح بورتنياغين "وسام بطل روسيا" يدل على أهمية "المأثرة السرية" التي نفذها العريف الروسي وشجاعته، إذ "وسام بطل روسيا" يعد أرفع وأشرف لقب يمنح للمواطنين الروس تقديراً على خدمتهم للدولة.
ومن اللافت أيضاً أن بورنياغين هو العسكري الروسي الوحيد الذي ليس برتبة ضابط يمنح هذا الوسام المشرف من قبل بوتين بعد العملية في سوريا، إذ قلّد بوتين، فضلاً عنه، 4 جنرالات، ولواء بحري الوسام.
في غضون ذلك، أشارت وكالة "تاس" إلى أن بورتنياغين لم يلمع اسمه قبل أدائه هذه المهمة، فيما لم تذكر أي تسريبات بخصوص طبيعة مهمته في سوريا.
المصدر: كومسومولسكايا برافدا + RT.. رفعت سليمان)
الخاتمة:
أيتها السيدات الفاضلات والسادة الأفاضل، وبعد ما سبق ذكره، ألا يجب علينا جميعاً أن نخجل من أنفسنا، ونقر لجنودنا ولو بشيء من الاعتراف بالجميل، والأولى على السلطة الحاكمة في البلاد أن تبادر بذلك، وتخطو خطوات إيجابية نحو الحوار البناء مع أبناء البلد الواحد، وأن تعالج شيئاً فشيئاً، لائحة المطالب التي تقدم بها هؤلاء العسكريون السابقون!
فقط كفوا عن ضربهم بالهراوات والعصي، ورميهم بالقنابل المسيلة للدموع، فالعسكريون السابقون أبدوا نيتهم وفي العديد من المرات أنهم سلميون وليسوا "مشاغبين"، لعلمكم أن هذا الفعل السلبي يشوّه صورة الجزائر والجزائريين في الخارج، فمنصّات وشبكات التواصل الاجتماعي تعجّ بالفيديوهات والصور الفوتوغرافية، ولكم أن تلقوا نظرة على شبكات التواصل الاجتماعي، وتتأكدوا من ذلك.
مرة أخرى أوقفوا العنف تجاه هذه الشريحة، وليس هكذا يكرم الرجال الأشاوس، متقاعدو الجيش الوطني الشعبي سليل جيش التحرير الوطني، أحفاد الشهداء والمجاهدين.
الجزائر.. العدالة والحرية والبناء، كما تمناها شهداؤنا الأبرار رحمة الله عليهم جميعاً.
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.