لَم يتزوج، وأصله من إيطاليا.. عن «آل باتشينو» الذي لا نعرفه

عدد القراءات
3,620
عربي بوست
تم النشر: 2019/02/15 الساعة 14:38 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/02/15 الساعة 17:48 بتوقيت غرينتش
الممثل العالمي آل باتشينو

أمر متعب جداً أن تتحدث عن آل باتشينو.

محاولة تقييمه أو الإجابة عن سؤال "لماذا هو ممثل عظيم؟"، نوع من السخف والإهانة له، لأن كل إنسان يملك لغة محدودة يعبر بها عن رأيه، وهذه اللغة أو الثقافة المتراكمة لديه، مهما كانت فلن تستطيع أن تصل إلى وصف دقيق وإجابة مركّزة للإجابة عن هذا السؤال.

لكننى قررت أن أكون سخيفاً وأقترب أكثر من عالَم هذا الرجل.

عندما أشاهد آل باتشينو، أشعر بأن عمودي الفقري قد تخدَّر، وأننى بارد كالجليد.

هذه صراحة، لا مبالغة.

لكن "باتشينو" لا يتركني على هذا الحال، إنه يخربشني برفق حتى أنصهر كلياً عندما أتوغل في عالَمه، وأرى تقمُّصه وأداءه وانفعالاته، ولغة جسده التي لا مثيل لها.

هناك ممثلون عظماء وعباقرة، مثل جاك نيكلسون، وجون ديب، وهاريسون فورد، ومورغان فري مان، ومايكل دوغلاس، وليوناردو دي كابريو، وتوم هانكس، لكن الحقيقة أن "آل باتشينو" وحيد، نسخة واحدة لا تتكرر، بعيداً عن كل هؤلاء الكبار.

"خلقه الله بكاريزما وحضور ونجومية لا يد له فيها.. خلقه الله ليكون هكذا.. عظيماً وملهماً". (أحد مساعدي آل باتشينو)

يقول آل باتشينو عن نفسه، في سلسلة حوارات مع الكاتب الصحفي لورانس جروبل: "أتقمص شخصياتي بهدوء، لتكون تجربة المشاهدة حية وسحرية، هذا الهدوء يجعلني أركز في كل شيء، فأسأل نفسي مثلً: هل صوتي في هذا المشهد يجب أن يكون عالياً أم منخفضاً؟ خشناً أم ليناً؟ كل ذلك يكون محسوباً، لكن عندما تدور الكاميرا لا أفعل أي شيء قد رتبته، فأرتجل ويعجب المخرجون بالأداء وينبهر في النهاية الجمهور، فأنا مثلاً في مشهد البكاء والصرخة بـ(الأب الروحي)، لم أرتب أن تكون الصرخة صامتة ومن باطني، ولكنها خرجت من قوة عميقة بداخلي، لشعوري بالألم وتوحدي مع الشخصية".

السؤال هنا: هل علينا أن نقترب أكثر من هذه الأسطورة ونعرف ماذا يحب وماذا يكره؟ ما اتجاهه السياسي ومعتقده الديني؟ هل مثلنا يؤمن بإله؟ هل تزوج وأصبح زوجاً مثل كل الناس؟ هل ندم؟ ماذا يتمنى ولا يتمنى؟ كيف يرى الناس والدنيا والحياة والموت؟

في الولايات المتحدة، لا يستطيع أن يجري أي إعلامي مقابلة معه؛ الأمر صعب جداً.. حواراته المصورة والصحفية قليلة، لأنه لا يحب وسائل الإعلام ويكره الأضواء.

يحكي لورانس جروبل عن محاولة إجراء حوار معه، فيقول: "أرسلت المجلة طلباً لإجراء حوار صحفي معه، لكنه لم يرد، ولكن فوجئنا بعد شهور بأنه وافق على إجراء الحوار، بشرط أن أجري أنا الحوار معه، وقال في رسالته: أريد الصحفي الذي أجرى حواراً مع مارلون براندو، لأنه مدهش. وبالفعل ذهبت، وكانت مقابلة طيبة، وقال لي إنه لا يحب الصحافة والإعلام، لأنه لا يثق بهما، والمدهش أننا صرنا أصدقاء، بل صرت أقرب صديق إليه فيما بعد".

يروي آل باتشينو قائلاً: "الشهرة في الماضي تختلف عن الحاضر، الأمر حالياً أصبح مقززاً، لا يمكنني أن أمشي في الشوارع أو أن أتنزه بصحبة أبنائي".

يتذكر "باتشينو" أولى لحظات الشهرة، بعد دوره "مايكل كورليوني" في "الأب الروحي"، الذي حقق نجاحاً مدوياً، فيقول: "كنت شاباً، أمشي طبيعياً في نيويورك، كانت هناك امرأة جذابة، نظرت إليَّ طويلاً، فقلت لها: مرحباً، ثم جلستُ في زاوية مع صديقي، لكنني وجدتها تردُّ التحية وتقول لي: مرحباً، مايكل".

يستكمل: "خفق قلبي، وفي سرّي قلت إنني الآن لم أعد مجهول الهوية، ولا يمكنني أن أعود إنساناً طبيعياً كما كنت، ثم نظرتُ إلى صديقي وسألته: هل نحن في حلم، فقال: لا، لسنا في حلم، إنك أصبحت مشهوراً بالفعل".

في نظر "باتشينو"، الحياة مليئة بالتقلبات والمنعطفات، يقول إن الإنسان جاء الحياة ليعاني ويموت ويذهب إلى مكان أسوأ.

يعتقد الأسطورة أن العالم يحكمه قانون، هذا القانون هو "الصدفة".

يسترسل قائلاً: "جذور أجدادي من مدينة في صقلية تدعى (كورليوني)، وهو اسم الشخصية نفسها التي قدمتها في (الأب الروحي)، ووضعتني على طريق المجد والشهرة، هل هذه صدفة وقسمة ونصيب أم ماذا؟ ربما".

لم يتزوج آل باتشينو طوال حياته، لكنه رافق العديد من النساء، وأنجب 3 أبناء، يقول: "لا أومن بالزواج، إنه أمر معقد بالنسبة لي، لماذا أتزوج إذاً؟ لا أعرف إجابة، الزواج لن يمنعني من الطلاق وفراق أي امرأة، إذاً لماذا؟ طالما أعيش سعيداً والطرف الآخر هكذا، أحبه ويحبني، فلا أعتقد أن الأمر ضروري"، ويستكمل قائلاً: "أبي انفصل عن أمي، وكان مزواجاً، قبل الطلاق كانوا معاً ولم يكونوا في الوقت نفسه، فهل الزواج ضروري لشيء ما في العلاقة بين الرجل والمرأة؟ لا أظن".

ولأن "باتشينو" بعيد دائم عن الأضواء، فآراؤه السياسية غير معروفة، لكنه يميل إلى الحزب الديمقراطي في الولايات المتحدة، وقد تأكد الجميع من ذلك عندما حصل على الميدالية الوطنية للفنون من الرئيس الأسبق باراك أوباما في 2011.

فوجهة نظر "باتشينو" تتوافق مع الحزب الليبرالي، فهو مثلاً يقول: "أنا لا أفهم الكراهية والخوف من المثليين ومزدوجي الجنس، ليس عندي مشكلة معك، مع من تحب أو تكره، المهم أن تحب، هذا كل ما يهم حقاً".

عن أمنياته، قال في سن مبكرة: "أتمنى العمل مع المخرج مارتن سكورسيزي.. ولكن هذا لم يحدث"، إلا أن آل باتشينو بالفعل يحضّر الآن لتجربة سينمائية كبيرة في هذه السن المتأخرة مع سكورسيزي، وسيشاركه فيها صديق عمره، روبرت دي نيرو.

وبالعودة إلى السؤال: لماذا آل باتشينو عظيم؟ ربما هذه الصور التالية تقترب من الإجابة.. فكيف صدّقنا كل هؤلاء؟!

المصادر: 

Al Pacino: 'It's never been about money. I was often unemployed'

 'I was inebriated most of the time!' Al Pacino on trying to 'numb' himself to cope with sudden fame after The Godfather

Al Pacino, interview: 'It was all about pretty boys – then I came along'

كتاب عن آل باتشينو

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
محمد محمود ثابت
صحفي مهتم بالسينما
تحميل المزيد