وفقاً للنتائج الجديدة التي نشرتها منظمة العفو الدولية يوم 20 أكتوبر 2018م بمناسبة اليوم العالمي للطفل، فقد ارتكبت السلطات المصرية انتهاكات مروّعة ضد الأطفال منذ 2013، حيث تعرّض ما لا يقل عن ستة منهم للتعذيب أثناء الاحتجاز، وتعرّض 12 للاختفاء القسري منذ 2015.
تكشف هذه النتائج كيف ارتكبت السلطات المصرية انتهاكات مروّعة ضد الأطفال، ومن بين تلك الانتهاكات: التعذيب، والحبس الانفرادي لفترات طويلة، والاختفاء القسري لفترات تصل إلى سبعة أشهر، ما يدل على تجاهل شائن لحقوق الأطفال.
وتم نشر المعلومات التي جمعتها منظمة العفو الدولية والجبهة المصرية لحقوق الإنسان بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي للطفل.
وقالت نجية بونعيم، مديرة الحملات المعنية بشمال إفريقيا في منظمة العفو الدولية: "تكشف هذه النتائج كيف ارتكبت السلطات المصرية انتهاكات مروّعة ضد الأطفال، ومن بين تلك الانتهاكات: التعذيب، والحبس الانفرادي لفترات طويلة، والاختفاء القسري لفترات تصل إلى سبعة أشهر، ما يدل على تجاهل شائن لحقوق الأطفال".
ومما يثير الاستياء، بشكل خاص، أن مصر، بصفتها دولة موقعة على اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل، تقوم بانتهاك حقوق الأطفال بشكل صارخ.
وقالت عائلات الأطفال الستة الذين تعرضوا للتعذيب، والتي تحدثت معها منظمة العفو الدولية والجبهة المصرية لحقوق الإنسان، إن الأطفال قد تعرّضوا للضرب المبرح أثناء الاحتجاز، كما تعرّضوا للصعق بصدمات كهربائية على أعضائهم التناسلية، وأجزاء أخرى من أجسادهم أو للتعليق من أطرافهم.
وفي بعض الحالات، قال الأطفال إنهم قد تعرضوا للتعذيب كي "يعترفوا" بجرائم لم يرتكبوها.
ففي يناير/كانون الثاني 2016، اختفى آسر محمد قسراً وهو في الرابعة عشرة من عمره؛ حيث احتُجز بمعزل عن العالم الخارجي لمدة 35 يوماً، وتعرض للتعذيب كي "يعترف" بـ"الانتماء إلى جماعة إرهابية" والهجوم على أحد الفنادق، وهي جرائم يقول إنه لم يرتكبها. ويواجه الآن محاكمة إلى جانب أشخاص بالغين، والتي قد يُحكم فيها عليه بالسجن.
كما كان عبدالله بومدين في الثانية عشرة من عمره عندما قبض عليه الجيش المصري في مدينة العريش شمالي سيناء في ديسمبر/كانون الأول 2017، ثم اختفى قسراً، وتعرض للتعذيب، واحتُجز بمعزل عن العالم الخارجي لمدة سبعة أشهر قبل اتهامه "بعضوية جماعة إرهابية"، ونُقل إلى الحبس الانفرادي، حيث تدهورت حالته الصحية بشدة.
كما سجنت السلطات المصرية الأطفال إلى جانب البالغين في انتهاك للقانون الدولي لحقوق الإنسان. ففي بعض الحالات، احتُجزوا في زنزانات مكتظة، وحُرموا من الحصول على الطعام الكافي. وفي حالتين، على الأقل، احتُجز الأطفال في الحبس الانفرادي المطول.
فبدلاً من انتهاك حقوق الأطفال بشكل سافر، يجب على السلطات المصرية الإفراج عن جميع الأطفال المحتجزين تعسفياً.
وتعرض الأطفال أيضاً لمحاكمات جائرة -بعضها أمام المحاكم العسكرية- عن طريق استجوابهم دون حضور محاميهم وأولياء أمورهم الشرعيين، وتوجيه تهم إليهم استناداً إلى "اعترافات" انتُزعت تحت وطأة التعذيب، واحتجازهم احتياطياً لفترات طويلة، لمدة تصل إلى أربع سنوات. وصدرت أحكام بالإعدام على ثلاثة أطفال على الأقل، إثر محاكمات جماعية جائرة في ثلاث محاكمات مختلفة. وفي وقت لاحق ألغي حكمان من تلك الأحكام، بينما لا يزال حكم آخر في انتظار الاستئناف.
وبموجب القانون الدولي، لا ينبغي اللجوء إلى اعتقال الأطفال إلا كملجأ أخير. ويطالب كل من القانون المصري والقانون الدولي بمحاكمة الأطفال أمام محاكم الأحداث الخاصة. ومع ذلك، يسمح القانون المصري بمحاكمة الأطفال البالغين من العمر 15 سنة، أو أكبر، مع البالغين، ومن بينها المحاكم العسكرية ومحاكم أمن الدولة. وقد دعت لجنة الأمم المتحدة لحقوق الطفل جميع الدول لمحاكمة الأشخاص المتهمين بارتكاب جرائم جنائية، وهم دون 18 عاماً، أمام محاكم الأحداث.
واختتمت نجية بونعيم قائلة: "فبدلاً من انتهاك حقوق الأطفال بشكل سافر، يجب على السلطات المصرية الإفراج عن جميع الأطفال المحتجزين تعسفياً. ويجب عليها أيضاً أن تلغي أي أحكام صدرت ضد أطفال في المحاكم الخاصة بالبالغين، أو إثر محاكمات جائرة، ويجب عليها إعادة محاكمتهم أمام محاكم الأحداث".
"كما يجب التحقيق في أي ادعاءات بوقوع التعذيب أو الاختفاء القسري، وتقديم المسؤولين عن ذلك إلى العدالة".
وفي تقرير آخر صادر في 14 يوليو 2016م، أكدت منظمة العفو الدولية أن السلطات احتجزت أشخاصاً، بينهم أطفال، في أماكن غير معلنة لمدد تصل لعدة أشهر بهدف "إخافة المعارضين وسحق المعارضة".
ووثق التقرير 17 حالة، بينهم 5 أطفال، اختفوا لفترات "بين عدة أيام و7 أشهر".
ومن بين هؤلاء الأطفال، مازن محمد عبدالله (14 عاماً) الذي تعرّض لـ"اعتداء رهيب" تضمن "اغتصابه مراراً بعصا خشبية بغرض انتزاع اعتراف كاذب منه"، وفق ما أكدت المنظمة.
وذكر التقرير أيضاً حالة الطفل آسر محمد (14 عاماً) الذي "تعرّض للضرب، والصعق الكهربائي في مختلف أنحاء جسده وعُلق من أطرافه لانتزاع اعتراف كاذب منه".
وفقاً للقانون، فإنه يحظر احتجاز الأطفال، أي من هم دون الثامنة عشرة، مع البالغين، إذ تخصص لهم أماكن احتجاز خاصة تسمى بمؤسسات الرعاية الخاصة بالأحداث.
ويراعى في تنفيذ الاحتجاز تصنيف الأطفال بحسب السن والجنس ونوع الجريمة.
كما لا يجوز أن يحال القاصر إلى محكمة الجنايات ولا تصدر بحقه أحكام بالمؤبد أو الإعدام.
ولا يحبس احتياطياً من هم دون سن الخامسة عشرة، ويجوز للنيابة العامة إيداعهم إحدى دور الملاحظة مدة لا تزيد على أسبوع ، على ألا تزيد مدة الإيداع على أسبوع ما لم تأمر المحكمة بمدها وفقاً لقواعد الحبس الاحتياطي المنصوص عليها في قانون الإجراءات الجنائية.
وحسب تحقيق صحفي قامت به مراسلة قناة بي بي سي في 9 فبراير 2016 تعرض طفل في الرابعة عشرة من العمر، قبض عليه أثناء مظاهر مؤيدة للرئيس الأسبق محمد مرسي، أواخر العام 2015. إلى الاحتجاز في مركز للشرطة مع بالغين ولمدة عشرة أيام، ويذكر الطفل تعرّضه للصفع والركل واللكم، لمجرد أنه شارك في مظاهرة مؤيدة لمرسي، إضافة إلى الإهانات اللفظية والشتائم اللاذعة التي كانت توجّه له ولأمه وأخواته.
وذكر أنه شاهد أطفالاً في عمره يخرجون من الزنزانة ويعودون عليهم آثار تعذيب في صدورهم وظهورهم.
أخبروه بأنهم كانوا يجبرون على خلع ملابسهم وكانوا يصعقون بالكهرباء بعد أن يرشوا بالمياه.
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.