ما بين يومٍ وآخر تظهر لي إعلانات طويلة عريضة على الفيسبوك عن دورات في صناعة الأفلام تارةً، وعن المونتاج والتصميم تارةً أخرى، وفوراً يتبادر لي سؤال: هل عليَّ أن أتبع هذه الدورات؟ هل هي وسيلة من المؤكد أنها ستعطيني الفائدة؟ ألا تشبه هذه الدورات دورات الثانوية العامة / التوجيهي كما تسمى في بعض الدول؟
يصفني بعض الأصدقاء بأنني شخص ذاتي التعلم أو ربما أحب أن أتعلم بشكل ذاتي، وبالرغم من أنني لم ألاحظ هذا على نفسي، إلا أن هذا هو الأمر الواقع الذي أكتشفه مع مرور الزمن، فالخبرات التي راكمتها في كل مجال أعلم به لم تأتِ سوى من التجربة والتعلم عبر الإنترنت، ثم التجربة والتجربة، حتى بنيت خبرة لا بأس بها في كل مجال أحاول الاستمرار في تعلمه.
دائماً ما أقول إن اليوتيوب هو أفضل مدرسة لتعلّم أي شيء، فمحتوى يوتيوب لا حدود له (في حالات نادرة لن تجد مرادك)، لكن في العموم، اليوتيوب بحر واسع، أحضرت خزانة ولا تعلم طريقة تركيبها عليك بيوتيوب، تريد تعلّم مجال معين كالتسويق.. إبحث في يوتيوب، تود تعلّم المونتاج، العزف، التصوير، مهارة ما تريد تنميتها، هواية لديك وتريد تمرين نفسك بها أكثر… اليوتيوب هو الحل!
بالتأكيد محتوى يوتيوب ترفيهي بالمقام الأول، لكن مع ذلك تجد فيديوهات في كل شيء، كالطبخ، أو طريقة طيّ الملابس وكويها مثلاً.. لذا إن أحببت تعلم مهارة ما فما عليك سوى التوجه لليوتيوب.
أما في الحلول البديلة لديك خيارات عديدة للتعلم (لاسيما تنمية المهارات) لكنها مدفوعة، ومع ذلك محتواها لا يقل أهمية عن يوتيوب، فبعض من تجدهم على هذه المنصات يقومون بعمل فيديوهات تعليمية عمومية على منصة يوتيوب، وفي سبيل كسب الدخل يلجأون لصناعة فيديوهات تعليمية أكثر تخصُّص وبها تتعلم حيل وأسرار المهارة، ولكن في مقرر تعليمي مدفوع الأجر على سبيل المثال كورسات موقع Udemy، أو الاشتراك في موقع Lynda، وفي مرحلة احترفية لتعلم المهارة يمكنك استعراض كورسات موقع Masterclass والذي ميز نفسه عن الأمثلة السابقة بإحضار كبار الشخصيات ممن لديهم تجارب عظيمة في كل مجال؛ ليقوموا بطرح ونشر خبرتهم من خلال المنصة.
مرّن نفسك:
ما بين الحين والآخر قد تكتسب المفاتيح الأساسية في كل مهارة، لكن مع الوقت ستجد أن عليك تمرين نفسك بها بشكل مكثف، مثلاً عند تعلم الأمور الأساسية في التصوير الفوتوغرافي، ستجد أنك بدأت بملاحظة التحسن بمستوى الصور والزوايا التي تلتقط بها الصور، ومع التمرين المستمر ستجد أن نوع الصور بات أكثر احترافية مع التجربة والاستخدام، يشبه الأمر قيادتك للسيارة في المراحل الأولى، وفي مراحل متقدمة ستصبح بعد التمرين أشبه بسائقي السباقات.. ربما!
اقرأ كثيراً في المجال:
يمكنك استغلال أوقات الفراغ بالتأكيد في المنزل، لكن ستشعر بالمتعة أكثر عند القراءة في المجال الذي تود تعلمه في المواصلات وأثناء الازدحام، هناك متعة خفية بهذه الساعات تجعلك تستغل كل كلمة وحرف، وتتمتع بالقراءة في مجال ما أثناءها، فعلى سبيل المثال يمكنك قراءة الكتب الإلكترونية على شاشة هاتفك، أو يمكنك القراءة في مجال ما من المواقع المختصة.
القراءة المستمرة في المجال الذي تود الاحتراف به والممارسة تشبه إلى حد ما الطبيب الذي يتعلم باستمرار، فالطب ليس بالعلم الثابت وكل فترة وزمن تُظهر الأبحاث أموراً جديدة (وهذه سُنة الكون غالبة على مختلف الأشياء)، التصوير ليس بالفن الثابت كل فترة تظهر تقنيات جديدة مفصلية في مجال التصوير والكاميرات، وذات الأمر ينطبق على أنواع أخرى من مجالات الحياة.
الصبر والمتعة يصنعان الفرق:
كما ذكرت أن القراءة في مجال تحب احترافه ستشعرك بالمتعة، والصبر هنا عامل هام يساندك به جميع ما ذكرت، ستجد الصعوبة في أي مجال تنوي الخوض فيه، لكن بعد مرور وقت طويل ستجد أنك قطعت شوطاً في التعلم، ولربما تجد نفسك قد تجاوزت مرحلة الاحتراف إلى الابتكار في هذا المجال، شخصياً العبد الفقير لله كان يمسك الكاميرا عام 2013 ويخرج بصور سيئة للغاية، اليوم والحمد لله استطعت أن أبتكر 12 فلتراً احترافياً للمصورين استطعت جني مبلغ بسيط من خلال بيعها كمنتج رقمي عبر الإنترنت، ومع أن المبلغ زهيد، تكمن المتعة في أن هناك من أعجب بعملك، وقرر أن يقتنيه ويستفيد منه.
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.