كل شخص منا له القدرة على العمل في أكثر من مجال، لكنّ القليل مَن يستطيع التميّز والإبداع وخلق علامة فارقة في جميعها، وهنا أسلّط الضوء على قصة ستيف هارفي الإعلامي الأميركي المعروف الذي استطاع أن يضع بصمته الناجحة في عدة مجالات، سواء في الكتابة أو التمثيل أو تقديم البرامج وإعدادها أو الكوميديا، ليثبت أن الإبداع لا حدود له ولا يتعلق بمجال واحد.
ما وصل إليه هارفي حالياً من نجاحات وتميز كان بعد طريق صعب وشاق، فبعد تخرجه في الثانوية العامة عمل هارفي في عدة وظائف، من بائع تأمين إلى ساعي بريد، حتى وصل به الأمر أن أصبح ملاكماً، وبعد عدة وظائف وجد نفسه أخيراً في الكوميديا الارتجالية، وكانت بداية مسيرته في الكوميديا عام 1985 على المسرح عندما وصل إلى التصفيات النهائية لمسابقة Johnnie Walker للكوميديا، فشق طريقه في البداية بالأعمال التلفزيونية سواء في التقديم أو التمثيل، ففي عام 1993 قدم أول برنامج يحمل عنوان Showtime في Apollo الشهير، وهو برنامج غنائي، حيث يقدم عروضاً حية لفنانين محترفين، وفي عام 1996 شارك أيضاً ببرنامج أو بالأحرى مسلسل هزلي كوميدي بعنوان The Steve Harvey Show"، وقد نال على أثره جائزة NAACP Image Award ثلاث مرات، وهي جائزة لأفضل مسلسل كوميدي هزلي.
كما شارك بالأداء الصوتي في مسلسل الرسوم المتحركة The proud family في عام 2001، وشارك ببرامج ومسلسلات عديدة أخرى. كما كانت أولى مشاركته في الأفلام بــ The Original Kings of Comedy في عام 2000 الذي يُعد نقلة نوعية في حياة ستيف هارفي الإعلامية. وقد حقق الفيلم أرباحاً كبيرة في شباك التذاكر.
ومن أكثر اللحظات التي يتذكرها المشاهدون في مسيرة ستيف هارفي الإعلامية، وتعد لحظة كوميدية ومحرجة بعض الشيء، عندما شارك في تقديم حفل ملكة جمال العالم عام 2015 ووقتها أخطأ في النتائج وأعلن عن الفائزة الثانية على أنها هي ملكة جمال العالم، ليعيد تصحيح خطئه مباشرة ويعلن عن الفائزة الصحيحة بملكة جمال العالم ، لتبقى لحظة لا يمكن نسيانها في عقول المشاهدين.
فمسيرة هارفي لم تكن فقط في الأعمال التلفزيونية، بل شارك في الإذاعة، حيث أطلق برنامجاً إذاعياً The Steve Harvey Morning Show في عام 2000، ويحقق نجاحاً على نطاق واسع ساهم في بث البرنامج على جميع المحطات ونال على أثرها جائزة Radio & Records في عام 2007 ، كما أن حصة الكتابة لها دور في حياة ستيف هارفي من خلال كتابين هما: Think Like A Man Act Like A Lady عام 2009، و No Chaser عام 2010، اللذين يتحدثان عن تقديم النصائح بين العشاق وباتت كتبه من أكثر الكتب مبيعاً.
والشيء اللافت للانتباه في حياة ستيف هارفي وأثر به كثيراً أنه كان يعاني من التلعثم في الكلام وهو في سن صغيرة، وتحدث عن ذلك في إحدى المقابلات مشيراً إلى أنه تعرّض للسخرية والإحباط من معلمته عندما طلبت منه ومن زملائه أن يكتب عن حلمه في المستقبل، وكان حلمه هو نفسه ما أصبح عليه حالياً، وهو أن يصبح مذيعاً، لكن ما بدر من معلمته كان سلبياً وساهم في إحباطه، ورغم ذلك استمر في حلمه وحققه، فأعطى ستيف هارفي درساً مهماً عن الإبداع والطموح الذي لا حدود لهما، واللذان يمكن أن يمتدا إلى مجالات أخرى واسعة، ليصبح مثالاً يُحتذى به للرجل الناجح الذي لا يعرف معنى الفشل والإحباط، وكما قال في إحدى المرات: "الفشل معلم عظيم، وأعتقد أنه عند ارتكاب الأخطاء والتعافي منها عليك التعامل معها على أنها خبرات ذات قيمة، وبذلك تكون قد حصلت على شيء نافع لتشاركه مع الآخرين".
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.