تعرضنا منذ بداية عرض مسلسل الدراما الشهير، Bodyguard، من إنتاج هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) لوابلٍ من الصور النمطية السلبية حول المرأة المسلمة، وهو أمرٌ مُخيب للآمال. إذ نشاهد في البداية امرأةً محجبة تختبئ في دورة مياه قطار مزدحم، على وشك أن تفجِّر سترة ترتديها محشوة بالقنابل (الصورة النمطية الأولى: النساء المسلمات إرهابيات). ومن ثم يتضح أنَّها في الواقع ضحية يبدو عليها الخوف والضعف، فيتدخل بطلنا لإنقاذ الوضع (الصورة النمطية الثانية: المرأة المسلمة المضطهدة).
بعد أن شاهدت هذه المشاهد الافتتاحية التي تحبس الأنفاس، كُنت لا أزال آمل أن يغير الكُتاب سير القصة، ويجعلوا من المرأة بطلة مجهولة. لكن مع مرور الأسابيع، تلاشى أملي هذا. إذ سيطرت رواية الضحية على مسار القصة. غير أنَّي تعرضت لخيبة أمل أكبر أثناء مشاهدتي للحلقة الأخيرة من المسلسل، عندما اتضح أنَّ هذه المرأة المسلمة كانت في الواقع العقل المدبر للإرهابيين. وكما قالت هي على لسانها، لم يشكَّ أحدٌ فيها لأنَّهم خُدعوا بواسطة "سيناريو الضحية المرتبط بالمرأة المسلمة الضعيفة".
لقد سئمت من استمرار عرض صورة مشوهة عن النساء المسلمات، على هذا المنوال، في الإعلام. ومن موقعي كضحية لهجوم الخطاب المعادي للإسلام بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر/أيلول، فأنا لا أحترم التصورات والبرامج التي يُمكن أن تحفز العداء ضد الإسلام (الإسلاموفوبيا). توجد الكثير من المجتمعات في بريطانيا التي لم تحظَ باتصال مباشر وتعامل كبير مع المسلمين، أو لم ترَ المسلمين وتسمعهم إلا عبر شاشة التلفاز. أنا أعتقد بأنَّ الإعلام يجب أن يكون مسؤولاً بطريقة ما عن المحتوى الذي ينتجه، بالأخص في الوقت الذي ترتفع فيه مستويات جرائم الكراهية المعادية للمسلمين. بدلاً من ذلك نحن في حاجة إلى حكايات وقصص أقوى، تعين على تحقيق فهم أفضل للمسلمين.
سلط الممثل البريطاني ريز أحمد الضوء على غياب التمثيل الدقيق للمسلمين في مجال صناعة الأفلام وبرامج التلفزيون، وقد تلا ذلك وضع اختبار يُدعى "اختبار ريز"، صُمم من أجل فحص هذه الظاهرة والتعرف عليها باستخدام خمسة أسئلة رئيسية: هل يُصوَّر المسلمون على أنَّهم ضحايا أو منفذون للإرهاب الإسلامي؟ إذا كانت الشخصية ذكراً، هل يُصوَّر على أنَّه مُحتقِر للنساء؟ وإذا كانت الشخصية أنثى، هل تُصوَّر على أنَّها مضطَهدة من قبل نظرائها من الذكور؟ هل يُصوَّرون جميعاً على أنهم غاضبون دائماً دون أسباب وجيهة؟ هل هم مؤمنون بالخرافات، أو متخلفون ثقافياً، أو مناهضون للحداثة؟ هل يبدو أنَّهم يشكلون خطراً على نمط الحياة الغربي؟ إذا كانت الإجابة على أي من الأسئلة السابقة هي نعم، فإنَّ الصورة المعروضة قد أخفقت في نقل الحقيقة. ولقد أخفق Bodyguard على جميع الأصعدة.
يعيش 1.6 مليار مسلمٍ ومسلمةٍ في جميع أنحاء العالم، كثيرات منهنَّ نسوة رائدات في مجالات الطب والمحاماة والهندسة المعمارية والسياسة، لكنَّنا لا نشاهد أياً منهنَّ على الشاشة. وبدلاً من ذلك، يستخدم الكُتاب مراراً وتكراراً الصور النمطية التي قد تؤدي إلى إذكاء نار العداء ضد الإسلام. ما العناء الذي سيتكبده صانع أفلام ما حين يستشير كاتباً مثلي، ويغير القصة؟ قد لا يؤدي هذا لصنع برامج تلفزيونية مشوقة مثل هذه، لكن البديل هو مسلسلات تنافس Bodyguard في الصور النمطية، وتغذي الكراهية، وتصب في مصلحة أولئك الذين يريدون التفرقة بيننا.
– هذا الموضوع مترجم عن صحيفة The Guardian البريطانية.
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.