اسمي سارة وعمري 24 سنة، بدأت قصتي عندما وُلدت كفيفة، كانت أمي سندي الأكبر مع عائلتي، لذلك لم أجد صعوبة كبيرة بادئ الأمر ولم أشعر بأنني أختلف عن بقية الناس.
بدأت دراستي في روضة ومدرسة للمكفوفين، وكنت دائماً من الأوائل، وفي الصف السادس حصلت على منحة من سمو الأميرة بسمة ودرست في مدارس الاتحاد، وعندها بدأت الفجوة المجتمعية بالظهور بيني وبين بقية الطلاب من غير ذوي الإعاقة.
في تلك الفترة عانيت من تعامل الأطفال الذين كانوا برفقتي في المدرسة، لم يتقبلوني ولم يلعبوا معي، لذلك كانت أمي دائماً ترافقني في تلك الفترة، وتشرح لزملائي كيف يتعاملون معي، الأمر الذي ساعدني كثيراً في الاندماج وتكوين صداقات.
بعد ذلك اضطررت لترك المنحة والعودة لمدرسة المكفوفين، حيث صدر قرار بإلغاء تخصص الأدبي ونحن كمكفوفين لا يمكننا سوى دراسة تخصص الأدبي، وزادت معاناتي حينما توفيت أمي، وأصبت بصدمة نفسية كبيرة، توفيت أمي التي كانت تساعدني في كل شيء!
كانت وصية أمي أن أكمل دراستي في أفضل التخصصات الجامعية، وأتخطى كل الصعوبات التي تواجهني، لذلك استجمعت نفسي مجدداً وعُدت لمقاعد الدراسة، ورغم أن ظروفي العائلية كانت مضطربة فإنني اجتزت مرحلة الثانوية بمعدل 90.5.
بعد صدور قوائم القبولات الجامعية كنت أول كفيفة تدرس تخصص إنكليزي تطبيقي في الأردن وفي الجامعة الأردنية لسنة 2012، في بداية المرحلة الجامعية لم أكن أعرف ما الذي عليّ فعله مثل بقية الطلاب، فكّرت كثيراً في تحويل تخصصي لآخر باللغة العربية لعدم توافر كتب اللغة الإنكليزية بلغة بريل، وأدركت أنني أمام تحدٍّ وعليّ مواجهته.
بدأت بتحويل كتبي إلى لغة بريل بنفسي حتى أستطيع قراءتها ودراستها، ولم تقتصر المعاناة على ذلك فقط، كان تأمين أشخاص وقت الامتحانات يقرأون ويكتبون نيابة عني أمراً صعباً ويتم بصعوبة بالغة، ومع ذلك مرّت الأيام والسنوات واجتزت مرحلة البكالوريوس بتقدير جيد جداً.
بدأت أبحث عن عمل بعد التخرج، ووجدت أن الأمر أكثر صعوبة من الدراسة، فكثيراً ما كنت أُرفض من قبل أصحاب العمل لأنني كفيفة! الأمر الذي تسبب في إحباطي كثيراً!
في تلك الفترة عملت تطوعاً في مساعدة الطلاب المكفوفين، وكنت أحول كتبهم الدراسية إلى تسجيلات صوتية ليستطيعوا دراستها، فقد أدركت صعوبة الأمر ومررت به سابقاً.
حصلت على فرصة عمل مع منظمة الأشخاص ذوي الإعاقة وحصلت على فرصة تدريب عملي مع مؤسسة عبدالحميد شومان لمدة 6 شهور.
بعد انتهاء فترة العقد، قمت بتأسيس مبادرة أطلقت عليها اسم "لغتنا غير"، وكانت تهدف لتعليم الأطفال المكفوفين طريقة برايل وتعليم الناطقين لغة الإشارة وتعليم الأشخاص الصم القراءة والكتابة ودمجهم في المجتمع.
حصلت على فرصة أخرى من المنظمة الفنلندية للإغاثة بخصوص ريادة الأعمال وتطبيق المشاريع غير المطروحة في المجتمع أو المبتكرة، وكان مشروعي من ضمن الـ21 مشروعاً التي تم قبولها "قارئ العملات للمكفوفين"، المشروع يساعد الأشخاص المكفوفين للتعرف على العملات دون مساعدة أشخاص آخرين؛ بهدف تحقيق الاستقلالية.
التطبيق يدعم عملات 10 دول (الأردن، السعودية، مصر، الإمارات، البحرين، الكويت، الدولار الكندي، الدولار الأميركي، اليورو، الشيكل)، وسيتم توسيع المشروع ليشمل عملات كل الدول بالإضافة إلى خاصية "قراءة الألوان" وخاصية "قراءة بطاقات الشحن".
اليوم أنا أقول لكم: إرادتنا بأيدينا، ونحن مَنْ يتحكم بظروفنا وليس العكس.
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.