ما دمنا نتقرب إلي الله .. فلماذا يتخلى عنا؟

عدد القراءات
1,180
عربي بوست
تم النشر: 2018/08/13 الساعة 10:32 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/08/13 الساعة 10:32 بتوقيت غرينتش
Muslim woman on the beach spiritual portrait.Humble muslim woman praying on the beach.Summer holiday,muslim woman walking on the beach

 

ما دمنا نتقرب إلى الله، فلماذا يتخلى عنا؟ كان هذا أول سؤال يدور في ذهني عند سماعي بخبر خلع حلا شيحة للنقاب والحجاب. كيف لأنثى أن تهاجر من بلدها، وأن تقطع صلتها بالميدان الفني، وأن تقضي أكثر من عقد من عمرها في العبادة والحشمة والدعوة، أن تقع من جديد في حب الشهوات واتباع النفس… ثم أسأل نفسي من جديد، ألم تشفع لها كل سنوات التوبة وبيع ملذات الدنيا وما فيها عند خالقها؟

عادت بي ذاكرتي إلى ما قبل الثلاث سنوات، عندما قرّرتُ التحسين من حجابي وجعله أكثر حشمة، فكان ذلك بانتقالي إلى ارتداء الفساتين الفضفاضة والتخلي عن سراويل الجينز وما شابهها. كان الفضل في تشبثي بالحجاب المحتشم هي صديقة فيسبوكية كنت معجبة جداً بحجابها الشرعي الأنيق، الذي جمع بين إرضاء الخالق وإرضاء النفس بالنسبة لي، رغم أنني لم أحادثها ولم أتعرف عليها من قبل إلا أنني أحببتها.

اختفت هذه الفتاة من صفحتي الفيسبوكية لفترة طويلة، ورغم محاولتي للوصول إليها إلا أنني فشلت، لأصدم قبل أشهر بظهورها بحساب جديد عليه صورها بمظهر مختلف، وهي ترتدي ملابس ضيقة، وبمكياج مثير، بعدما خلعت حجابها الشرعي. نزلت عليّ صورها مثل الصاعقة، كان عقلي يردد ليست هي، ربما فتاة تشبهها، لتجيبه عيناي بل هي، هي تلك الأنثى التي لم ألتقيها قط، لكنني أحببتها، هي تلك الأنثى التي كنت أدعو لها في سجودي لأنها حبَّبتني في الحجاب الشرعي، لكنها الآن من دونه.

ثم أسأل نفسي من جديد: هل نحن ثابتون لأننا نحارب نفسنا الخبيثة ونتقرب من الله؟ أم أن الله يحبنا فيقرّبنا منه ويثبتنا؟

عزيزي القارئ لا تحكم عليّ بهذه السرعة، ولا تقل إن أسئلتي هذه فيها سوء ظن بالله، فأنا أيضاً أنثى، وقبل هذا كله بشر، من حقي أن أسأل عن ماهية ما عليه أنا الآن، هل هو راجع إلى إرادتي الشخصية أم لأن الله أراد أن يثبتني ويقربني من طريق الحق، ثم إن كان نبي الله إبراهيم سأل الله عن كيفية إحيائه سبحانه للموتى ليطمئن قلبه، أليس من حقنا نحن البشر أن نتساءل لتطمئن قلوبنا.

بعد سماعي لتفاصيل خلع حلا شيحة للحجاب أظن أن ما وصلت له حلا الآن هو ناتج عن خمول عادي، عندما نتخلَّى عن بعض النوافل، أو كلها، ونتشبث فقط بالفرائض، لتبدأ هذه الأخيرة بالتثاقل على كاهلنا، عند هذه النقطة تتغير حال العبد، فإما أن يقف وحيداً متشبثاً بفرائض ديننا الحنيف فقط، داعياً الله بالثبات، ومحاولاً القرب له ولو بربع خطوة، مقاوماً الكبائر، أو أن يستسلم للنفس الخبيثة، متبعاً رغباته، إلى أن يتخلَّى عن كل الفرائض.

 يقول محمد الغزالي: "إياك أن تظن أن الثبات على الاستقامة أحد إنجازاتك الشخصية، فقد قال الله لسيد البشر صلى الله عليه وسلم: [وَلَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ] فهدايته لك رحمة منه شملتك فلا تغتر".

وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "قال الله عز وجل: مَنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ شِبْرَاً تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعَاً وَمَنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ ذِرَاعَاً تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ بَاعاً وَإِذَا أَقْبَلَ إِلَيَّ يَمْشِي أَقْبَلْتُ إِلَيْهِ أُهَرْوِلُ".

خلاصة القول: ما استطعت أن أصل إليه من خلال هذه الظواهر التي عايشتها هو أن الثبات على طريق الحق هو بيد الله، فهو يقلب القلوب كيف يشاء سبحانه، فإن شاء أنار بصيرتك، وإن شاء أظلمها.

أما الإرادة والاستقامة في محاربة الملذات وشهوات الدنيا فهي بيدنا، فإن ضاقت بالعبد دنياه فإما أن يقصد بيت الله ليؤدي فرضه ويشكي لخالقه ما أهمه فيصبر، ويجزى أحسن مما فقد، ويشتري راحته النفسية، وإن شاء عصى ربه فشرب الخمر ظناً منه أنه سيخفف عنه وسينسيه ما أصابه من هم فأهلك نفسه وجيبه (الخمر هنا فقط مثال من شهوات النفس).

وأخيراً، الإنسان بعد أول خطوة يخطوها باتباعه شهواته ورجوعه عن توبته يعتريه الندم، فيكون أمامه طريقان، الأول هو التوبة من جديد، أما الثاني فغرقه فيما هو عليه بسبب كبره، ومن باع الدنيا اشترى الآخرة.

 

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
شيماء شاشدي
طالبة مغربية
شيماء شاشدي، مدونة مغربية، ناشطة جمعوية، حاصلة على دبلوم في ترميم الأسنان من كلية طب الأسنان، وطالبة في كلية القانون الفرنسي. مدونة على موقع مدونات الجزيرة، وموقع هاف بوست عربي سابقاً وعربي بوست حالياً. أمتلك مدونة خاصة بي أكتب فيها عن يومياتي وآرائي، وبصدد كتابة أول رواية لي. أكتب عن المجتمع وللمجتمع.
تحميل المزيد