تُربحها أكثر من 5 مليار دولار سنوياً.. كيف تستفيد إسرائيل من سياحة العرب إليها؟!

عربي بوست
تم النشر: 2018/07/31 الساعة 10:56 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/08/01 الساعة 11:24 بتوقيت غرينتش
Jerusalem, Israel - May 25, 2017: Tourist takes a photo of Jerusalem Old City view. Mount Scopus is a famous Holy Land place and it has a fantastic view to the Old Jerusalem

كمثل المدللين أنفسهم، أخذتني أجرة معقولة ويوم كامل في رحلة إلى البحر الميت، ولمن لا يعرف فالبحر الميت وإن لم يكن داخل الخط الأخضر فهو خاضع للسيطرة "الإسرائيلية" الفعلية كما باقي أرض فلسطين كلها، وبالتالي علمت بأنه كي أصل إلى شاطئ البحر، الجزء من الشاطئ الذي يسمح للفلسطينيين بوصوله، يجب أن أمرّ تحت رفرفة "علم إسرائيلي" ثم أدفع ثمن تذكرة دخول الشاطئ لموظف "إسرائيلي" ومن ثم أنزل إلى "النتفة" من أرض الشاطئ والتي زُرع في أرضها أيضاً برج مراقبة يقف فيه "راعٍ إسرائيلي" يمسك الميكروفون بين الفينة والأخرى وبلغة عربية ثقيلة "يوجّه" العرب على كيفية الحركة الواجب اتباعها في أرضهم وفي بحرهم، وأنا الجالسة هناك في أرضي أشاهد ذلك وآكل الشيبسي وأشتم نفسي!

ليس هناك من فارق بين الأراضي المحتلة عموماً والأراضي المحتلة داخل الخط الأخضر سوى أن الشعور بالأسى والسخط يزداد أضعافاً عند تواجدك في الأخيرة، حيث لغة المارّة والإشارات التوضيحية في الشوارع وعناوين المحلات وهيئة أكثر الناس هناك تقول لك: في الواقع أنت في أرض "إسرائيل" أردتَ ذلك أم لم ترد. الحوار الرومانسي المفترض في تلك اللحظة هو أن تسأل أنت كعربي ذلك الصهيوني الغريب المحتل المارّ بجانبك: ماذا تفعل هنا في أرضي؟ في حين أن الحوار الحقيقي هو أن يسألك: ماذا تفعل أنت في بلدي "إسرائيل"؟، وأما السؤال الذي يسأله عاقل: ماذا يفعل ذلك العربي في أرضه المحتلة التي تقع تحت سلطة وإدارة الصهيوني؟!

سواء أكان "السائح" هو عربي من دولة عربية (دخل عن طريق فيزا من سفارة "إسرائيل" في بلده) أو عربي فلسطيني (دخل بتصريح من الإدارة "الإسرائيلية") أو عربي أقلّه علاء الدين على بساطه السحري من مكان تواجده إلى الأراضي المحتلة، فهو بالمحصلة موجود بهدف السياحة، والسياحة سواءً كانت دينية أو ترفيهية، فهي كي تتحقق يجب أن تشتمل على جانبين:

الأول أنك تعترف بسيادة السلطة الصهيونية صاحبة الكلمة الفعلية والتي تسيطر على هذه الأرض حيث إنك لا تجد حرجاً في طلب إذنها للوصول إلى هدفك وبالتالي أنت داعم لحقها في الحكم على الأرض وعليك.

والثاني أنك تدعم وجود سلطة الكيان اقتصادياً، فأنت كعربي لا تأخذ الفيزا أو التصريح لسواد عينيك أو جمال خطواتك وإنما لتزيد أرباحهم من قطاع السياحة والتي حقق نمواً بنسبة 25٪ فقط منذ عام 2016 بواقع 5.5 مليار دولار لاقتصاد المحتل ككل، فأنت تنفق ما لديك من مال بهدف السياحة على مرافقها ومنشآتها وبنيتها التحتية والتي تمتد من المرافق التي تستخدمها أنت كسائح إلى المرافق التي يستخدمها "مواطن هذه الدولة" وصولاً إلى المعدات والمنشآت العسكرية الحامية لهذا الكيان.. نعم الأمر مثله كمثل شراء المنتجات الصهيونية والتصويت لصالح "إسرائيل" في الأمم المتحدة!.

سيقول أحدهم: هو الحنين يدفعني لزيارة أرضنا.

أقول له: لا أظنه أمرٌ يسرك أن تزور أماً مغتصبة أو أختاً مقتولة أو طفلاً خلف قضبان، هذا حال أرضنا إن لم تعِ إلى الآن. السياحة الحقيقية تمارسها كعربي براحة وكرامة، على سبيل المثال! في أي بلد سوى بلد محتل، هناك حيث بلاد البحار النظيفة والأرض الخضراء والقمم البيضاء والفنادق الفخمة والمنتجعات الحرة والكنائس والمساجد والمتاحف والملاهي هي الأرض كلها حولك سوى هذه البقعة الصغيرة جداً.. فقل لي لماذا عساك ستدخل إلى الأراضي المحتلة بعد إذا لم تكن غايتك أن تشتم نفسك؟!

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
هند دويكات
كاتبة ومحررة فلسطينية
تحميل المزيد