كأس العالم لكرة القدم، هي العرس الكروي الأبرز في عالم هذه اللعبة الرياضية وتطمح كل دولة للحصول على اللقب العالمي، لكن يبدو أن منتخباتنا العربية ورغم تأهلها إلى "مونديال روسيا 2018″، يبقى طموحها محدوداً مقارنة بالمنتخبات الأوروبية ومنتخبات أميركا الجنوبية، وهذا ظاهر من الأداء المتوسط والباهت الذي أبانت عليه "أغلب" المنتخبات العربية، خلال مباريات الجولتين الأولى والثانية.. ومن المؤكد أن هذا المستوى الذي شهدناه وعهدناه.. يرتبط أساساً بعدة عوامل، سأتطرق لبعضها في هذه المقالة.
لا بأس، أن نذكر ببعض المعطيات المتعلقة بمؤشر التنمية البشرية، وشخصياً أعتبر "المغرب" حالة خاصة، فبالرغم من الاستقرار السياسي الذي تعيشه بلادنا، لم نتجاوز المركز 123، أي خلف ليبيا وسوريا والعراق التي تشهد الحرب، فيما جاءت تونس في الصف 97 واحتلت مصر المرتبة 111 (إحصائيات 2017)! عكس الدول الأوروبية والتي صنفت في مراتب جد متقدمة، وهنا نلاحظ أنه عندما يحصل التقدم والنماء في أي دولة في العالم ينعكس الإشعاع على كل المستويات الاجتماعية ومنها "الرياضية" وهذا ما رأيناه من خلال المستوى المتميز الذي أبانت عليه المنتخبات "الأوروبية" في مونديال روسيا.
الأوروبيون والغرب عموماً بدأوا مسيرة التحرر من التخلف والنفاق الاجتماعي وانطلقوا إلى تطوير أنفسهم على كل المستويات، منذ أكثر من ثلاثة قرون، وتوجوا الأمر بثورة ثقافية شاملة ومن تم ثورة صناعية وتحرر فكري أوصلهم اليوم إلى ما هم عليه، أما العرب فلا يزالون يعيشون في "1439 ميلادية" وليست هجرية.. ومازالوا يتخبطون في القرون الوسطى و(ربما) قد يصلون إلى المستوى الحالي للغرب بعد 50 أو 100 سنة! وحقيقة، أنا ممن يفرحون بانهزام فرق الدول المنهزمة سياسياً واقتصادياً.
والمجال الرياضي ما هو إلا مرآة التنمية في جميع الدول، ولا يمكن أن يتطور هذا المجال، دون تقدم وتطور باقي المجالات، وعندما تكون التنمية شاملة في الدولة وتزدهر جميع القطاعات، من المؤكد أنها ستتوفر على فريق قوي يحقق الألقاب.
وكما يعلم الجميع، فكلما أحس المواطن بالميز وعدم الإنصاف في بلده كان أقل حباً لوطنه وبالتالي أقل عطاء، هذا من جهة، من جهة أخرى، وهنا سأتحدث عن المنتخب المغربي، إن أردنا أن يحقق نتائج طيبة تقوده للوصول إلى مبتغاه خلال القادم من المناسبات الكروية، فلابد لنا من دعم كل الفرق الوطنية، التي لا ترعاها شركات ذات شهرة عالمية.. لكي يتوج ذلك بتكوين منتخب متكامل مكون من البطولة الوطنية والمحترفين، ولعل أيوب الكعبي من الخامات الجيدة التي أفرزها الدوري المغربي، وهو موهبة من بين ملايين المواهب الموجودة في المغرب وللأسف لا تحظى بالاهتمام والرعاية.
لن أنكر صراحة أن المنتخب الوطني المغربي خلال مونديال روسيا، وعكس كل المنتخبات العربية، أبان عن علو كعبه وأنه فريق بمميزات الكبار.. لكن وقبل التوجه نحو روسيا، كان من الضروري مواجهة فرق قوية مهما كانت أو ستكون النتيجة، الأهم أن نقف على أخطائنا ونصلح نقط ضعفنا ونخرج بمنتخب متكامل مستعد لمواجهة الأقوياء في مونديال روسيا، أما مواجهة منتخبات في نفس المستوى أو أقل، لن تكشف لنا نقاط الضعف، بل ستجعلنا هذه النتائج التي سنحصدها في المباريات الودية مع المنتخبات الضعيفة، نفكر أننا في المستوى المطلوب.. (وقد أكون على خطأ لأنني لست محللاً رياضياً ولا مختصاً في الشأن الرياضي، فقط مجرد مُتتبِّع).
مونديال روسيا، كشف لنا أن الدول العربية تتسابق إلى الانهيار دولة تلو دولة والبقاء يكون دائماً للأقوى اقتصادياً، اجتماعياً، حقوقياً، ديمقراطياً، ويجب على كل الدول العربية اليوم، إن هي أرادت أن تتقدم بشعوبها في مختلف المجالات بما فيها "الرياضة"، أن تعترف بعجزها وتعمل لتجاوز إخفاقاتها.. أي أن لا "تحجب الشمس بالغربال".
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.